إعلان

فيلم لتوفير نفقة الحج و3 وزراء من أجل "البريء" وسقوط في البلاتوه.. حكايات عاطف الطيب في ذكراه

08:40 م الأحد 23 يونيو 2019

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- ضياء مصطفى:

تحل اليوم ذكرى رحيل المخرج الكبير عاطف الطيب، أحد رواد السينما الواقعية في مصر، الذي قدم عدة أفلام خلدت في تاريخ السينما المصرية مثل سواق الأتوبيس والبريء وكشف المستور ودماء على الأسفلت، وغيرها.

ولد الطيب في 26 ديسمبر عام 1947، ورحل عن عالمنا في 23 يونيو 1995، عن عمر يناهز 48 عاما.

تخرج عاطف في المعهد العالي للسينما عام 1970، وحسب شهادات الكثيرين من زملائه أو من درسوا له، لم يكن أحد يتوقع له أن يحقق ما أنجزه في تاريخه الفني، الذي بدأ كمساعد مخرج في السبعينيات، وبدأ كمخرج في عام 1982.

وقوبل فيلمه الأول الغيرة القاتلة بهجوم نقدي كبير، لكن الحظ ساعده حين عرض فيلم سواق الأتوبيس، الذي كتب قصته المخرج محمد خان، في دور العرض أولا، ليقدم مخرجا شابا واعدا، ضم تاريخه 21 فيلما، ومات دون أن يشهد عرض فيلمه الأخير "جبر الخواطر".

ولعاطف الطيب 3 أيام دخلت قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما، هي بالترتيب سواق الأتوبيس في المركز الثامن، والبريء في المركز 28، والحب فوق هضبة الهرم في المركز 68.

وفي كتاب "أفلامي مع عاطف الطيب" الذي كتبه مدير التصوير الكبير سعيد شيمي، يستعرض بعض الحكايات الإنسانية والفنية عن عاطف الطيب، والذي صدر منه نسخة جديدة، قبل يومين.

ونستعرض في هذا التقرير مقتطفات من حياة عاطف الطيب، كما حكاها رفيقه وزميله في المعهد سعيد شيمي.

بماذا يحلم المخرج الشاب؟

بعد نجاح فيلم سواق الأتوبيس، الذي كتب قصته المخرج محمد خان بعنوان "حطمت قيودي" وكتب السيناريو والحوار له السيناريست بشير الديك، أجاب عن سؤال بماذا يحلم فرد قائلا: "أهم قضية بالنسبة لي أن أحافظ على نفسي، وأكون صادقا دائما، ولا أنحني لإغراءات السوق، إنني أتمنى أن أكون فردا وسط مجموعة من السينمائيين تهدف إلى خلق سينما خاصة متطورة ولها روح وطعم مصري".

سقوط في أثناء تصوير "ملف في الآداب"

فيلم ملف في الآداب الذي كتبه السيناريست وحيد حامد، وظهر للنور في عام 1986، شهد أول سقوط للمخرج الكبير، صاحب الـ39 عاما وقتها، خلال التصوير.

ويحكي شيمي أن مشهد حزين وقع خلال التصوير، وكانت بداية معرفته بمرض الطيب، مضيفا: "في أثناء التجهيز لتصوير مشهد، صدر صوت ضعيف من الطيب مستنجدا بي، وطالبا كرسي، جريت نحوه لكي لا يسقط، وكان وجه أصفر للغاية وفي شبه غيبوبة".

ويتابع: "ذهبنا إلى الطبيب، فإعطاه بعض المنشطات، وبدأ يسترد أنفاسه رويدا، وأخبره بأنه لديه مشاكل في القلب، فرد عاطف عليه بأن العلاج تأخر وكان من المفترض أن يبدأ قبل ذلك".

وأشار الشيمي إلى أن في الغالب أن هذه الإصابة حدثت له بسبب مرضه بحمى روماتزمية في الصغر، ويواصل شيمي الحديث عن مرضه قائلا: "كان وجه باردا وعليه حبات عرق، وطلب منه الراحة الكاملة، ويعرض نفسه على أخصائي، فطلبت منه أن نعمل (فركش)، فرفض، وصعدنا الشقة التي نصور فيها، وبعد أن استقرت الأمور، طلب استكمال التصوير، وكأن شيئا لم يكن، وأن الأمر لا يتعدى كونه إرهاقا، وأنه يأخذ العلاج بانتظام، ولكن الأيام أثبتت أن مرضه معضل، وبعدها أصبح عاطف يضاعف أوقات التصوير، حتى ظننت أنه الأمر ليس إلا الإرهاق، وأن الطبيب اخطأ في التشخيص".

فيلم البريء و3 وزراء يحسمون مصيره

تعاون جديد جمع وحيد حامد وعاطف الطيب في فيلم البريء، الذي شارك فيه محمود عبد العزيز وأحمد زكي وإلهام شاهين وممدوح عبد العليم، لكن الفيلم عامى كثير من الرقابة، وهو ما يسرده شيمي في كتابه.

إذ قال: "الفيلم عاني في الرقابة من مشاكل كثيرة، وشاهده وزراء، الحربية عبد الحليم أبو غزالة، والداخلية أحمد رشدي، والثقافة أحمد هيكل، وفي النهاية قرروا حذف بعض المشاهد وتغيير نهاية الفيلم إلى تثبيت الصورة وصراخ أحمد زكي فحين دخول مساجين جدد.

وأضاف: "ربما هذه المرة الأولى في تاريخ السينما المصرية وربما العالم يقرر 3 وزراء مصير فيلم".

وأشار إلى أن النهاية الأصلية هي أنه بع وصول مجموعة جديدة من المساجين وبدء حفلة الضرب لهم، يطلق أحمد سبع الليل "أحمد زكي" الرصاص على الجلادين فيقتلهم، ثم يقتله بعد ذلك جندي آخر.

وأكد شيمي أن الطيب تألم كثيرا لما مر به فيلم البريء، رغم الاحتفاء الصحفي والنقدي وفي المهرجانات للفيلم، فإنه كان حزينا.

فيلم من أجل رحلة حج

بعد نجاح فيلم البريء، شرع الطيب في تنفيذ فيلم البدرون وهو تأليف السيناريست الكبير عبد الحي أديب، فعرض السيناريو على شيمي، الذي لم يعجبه.

وتحدث عن هذا في كتابه قائلا: "رغم أن السيناريو مكتوب بإتقان حرفي، لكنني لم أحب الموضوع، وتعجبت من أن عاطف يريد صنعه، وقلت له رأيي بصراحة، لكنه رد بابتسامة سعيد لازم أعمل الفيلم ده".

وواصل شيمي: "تعجبت من موقف الطيب، فهو قد صنع مجده، والحكاية مش فيلم وخلاص، فأنا أعرف تدقيقه، ما ضرورة عمل فيلم ميلودراما ليس لونك، لكنه فاجأني وعدت والدي بالحج إلى بيت الله، وأريد توفير لهم مبلغا محترما لأداء الفريضة"، ويختتم شيمي كلامه: "أحببته أكثر من قبل".

سيارة والإحساس بالناس "الغلابة"

كان معروفا عن الطيب أنه مهموما بالناس الغلابة ويشعر بأحوالهم، وقد عاش في منطقة بولاق الدكرور، وقصة والده، صاحب محل الألبان، الذي أضره الانفتاح في ذهنه دائما.

ويحكى مدير التصوير الكبير سعيد شيمي عن لفتة في حياة الطيب، حين ذهب ليشتري سيارة "فولكس فاجن" بالتقسيط.

وذكر شيمي أن الطيب قال له: "الواحد بيبقي مكسوف وهو راكب عربية لوحده، والناس فوق بعضها في الأتوبيسات ومش عارفة تروح شغلها، وظلت هذه السيارة معه حتى وفاته".

فيلم كتيبة إعدام وصدام مع شيمي

في عام 1989، كان اللقاء الأول بين السيناريست أسامة أنور عكاشة وعاطف الطيب في فيلم كتبية إعدام، لكنه شهد صداما بين المخرج ومدير التصوير، بسبب ما يفعله الطيب في نفسه، وعدم حصوله على الراحة، ويتضح هذا في إنجاز المخرج الراحل لـ21 فيلما في 13 عاما فقط.

ويحكى شيمي في كتابه قائلا: "كان يدعي أن أموره الصحية ومرضه شيء بسيط، ولكنه يعاني من أزمات حقيقية بسبب مشكلة قلبة، وحاولت تقليل ساعات العمل، ولكن العجيب أنه زاد من المعدل بشكل غير مسبوق، تصل إلى 18 ساعة، ثم استراحة لمدة 4 أو 5 ساعات فقط".

وأضاف: "في إحدى المرات ذهبت إليه طالبا منه الراحة، فكان رده دراميا (بكرة يا سعيد الواحد يشبع راحة)".

وتابع: "قلت له ما تفعله شيء من الجنون، ولا داعي لهذا الضعط المستمر، وللأسف غضب عاطف، وآخر موعد التصوير ساعتين، سكت وأنا مؤمن أن عاطف ينتحر عن طريق العمل، ولكنه قرر أن يصنع أكبر عدد من الأفلام في عمره، الذي يستشعر بأنه قصير".

فيديو قد يعجبك: