إعلان

حوار - ابنة شقيق شادية: كانت تقتني 20 عروسة وأول بختها "براهيم".. وقصة مسلسل ضايقها​

09:40 م الخميس 08 فبراير 2018

الفنانة شادية

حوار- منى الموجي

شدت فملأت الدنيا بأغانيها المرحة، وبأخرى تلمس القلوب لتذكرنا برومانسية عشناها، أو تمنينا يومًا أن نعيشها، تأثرت كغيرها من المطربين بنكسة 1967 فعادت للغناء الوطني، لتقدم مجموعة من أهم وأجمل الأغاني التي مازلنا حتى يومنا هذا نستدعيها في كل مناسباتنا، أثبتت طوال رحلتها التي بدأت عام 1947 حتى فيلمها الأخير "لا تسألني من أنا"، أنها ممثلة من العيار الثقيل، تجيد تقديم كل الأنماط ببراعة تُحسد عليها، وضعتها في مصاف نجمات الصف الأول، هي فاطمة شاكر أو "الدلوعة" شادية.

واحتفالًا بأول عيد ميلاد يمر بعد رحيلها، أجرى "مصراوي" حوارًا مع ناهد شاكر ابنة شقيقها "طاهر"، إلى الحوار:

"ولدت في ليلة القدر، وهو ما جعل جدتي مقتنعة بأن ابنتها كائن مختلف غير عادي، إلى جانب أنها كانت طفلة شقية جدًا"، هكذا بدأت ناهد الحديث عن عمتها وأمها التي لم تلدها شادية.

• كيف كانت تحتفل بعيد ميلادها بعد اعتزالها؟

- لم تكن تحب "الأفورة"، زاهدة في الحياة حتى قبل اتخاذها قرار الاعتزال، إذا أحضر لها شخص هدية ذهبت تنظر للهدية باستغراب، لكن تسعد بمن يهديها وردة، وإذا أحضرت لها عقد "فُل"، لا تصدق نفسها، ومن بساطتها كنت أعاني في كل مرة أفكر في إحضار هدية لها.

لكنني كنت أعرف بحبها لنوعين من "البرفان"، أحدهما سعره مرتفع، لدي منه زجاجة بها كمية صغيرة جدًا، أشم رائحتها كلما اشتقت إليها، وهي كانت تعشق رائحته، والآخر كان عزيز عليها وتحبه، وإذا فكرت في شراء ذهب أو ألماس تتضايق.

شادية 2

• قرأت أنكِ عشتِ معها 8 سنوات تقريبًا.

- (مقاطعة)، عشت معها أكثر من ذلك بكثير، منذ أن ولدت وهي في حياتي، لدرجة أن أول كلمة نطقت بها، كانت "أيا" اختصارًا لشادية، ومنذ فترة ذكرني صديق لي كان زميلي في المرحلة الابتدائية، بيوم جاءت فيه إلى مدرستي وكنت تقريبًا في الصف الثالث الابتدائي، لتصحبني معها إلى البيت، وقامت بتحية الأطفال ومشيتُ معها، وأقمت معها بشكل كامل، وعمري 13 عامًا بعد وفاة والدي، وحتى يوم زواجي، كما أنني ظهرت معها في أكثر من فيلم، وأنا صغيرة، منها لقطة في فيلم "الهارب"، لكن عندما بدأنا نكبر بعدنا عن الموضوع.

• هل كان الابتعاد تنفيذًا لرغبتها؟

- على الإطلاق، لم يكن هذا هو السبب، عمتي كانت شخصية ذكية جدًا، من نظرة تعرف فيما نفكر، وما الذي ننوي عليه، فهمت الدنيا بشكل جيد، أتذكر أن أثناء مشاهدتنا لأحد أجزاء فيلم "Home Alone"، والذي لعب بطولته ماكولي كولكين، قالت "يا حرام ده كدا يقضي عليه، لسه منضجش ومش فاهم، الولد ده مش هيكمل وهيتحرق بدري".

• وهل فكرتِ في احتراف التمثيل فعلًا؟

- قالت لي لو كان التمثيل شيئا أصيلا بداخلي، فلن يستطيع أحد منعي، لأن الفن شلال جارف لا يسمح لشيء بالوقوف أمامه، وهو ما حدث معي في موهبة الرسم، وإذا كانت لدي الرغبة في التمثيل كنت فعلت الأمر من سنوات مضت. لكن وجدت أن الممثلين يعيشون حياة صعبة جدًا، كالفراش يحترقون من أجل إسعاد الجمهور، بعضهم كان لديه أحلام لم تتحقق، مثل شادية التي كانت تتمنى أن تنجب أطفال.

• كيف كان لعدم إنجابها تأثير على حياتها.. وهل استطاعت تجاوز هذا الألم بمعاملتها لأولاد أشقائها كأبناء؟

- "لو كانت خلفت 15 عيل برضه مكنتش هتشبع أمومة"، واعتقد أنها لو كانت أصبحت أم، كانت ستبتعد عن الفن، إحساس الأمومة كان أقوى شيء في حياتها، لكن لم يكن لها نصيب. أتذكر عمتي سعاد كانت تقول دائمًا "شادية لو خلفت عيال هتاكلهم، يا ساتر عليكي يا شوشو لو كنتي خلفتي كان زمانك أكلتيهم".

وإلى جانب تعويضها للأمر بتربيتها لنا، كانت حريصة على شراء عدد كبير من العرائس، ففي كل رحلة سفر تعود بالعرائس، وكان عندها حوالي 20 عروسة، منهم ابنها الكبير "براهيم- أول بختها"، وكان يرتدي ملابس طفل.

1

• كيف استمرت علاقتك بها بعد زواجك؟

- كنت حريصة على الذهاب لها يوميًا، الفرق بيننا شارع واحد، فبعد الخامسة مساءً، نجلس سويًا لمشاهدة التليفزيون، شاهدنا معًا مسلسلات "أسمهان"، "سعاد حسني" والمسلسل التركي "نور" فقد كانت تفهم اللغة التركية بشكل جيد.

• معنى ذلك أنها لم تنقطع عن مشاهدة الأعمال الفنية؟

- كانت تتابع جيدًا وتنفر من العمل غير "المحبوك"، ومن المسلسلات التي ضايقتها مسلسل "ليلى مراد" تضايقت جدًا من المسلسل، ورأت أن العمل ليس به أي مصداقية، لأن ليلى مراد لم تكتب مذكراتها، فمن أين لهم بمعرفة كواليس الحياة الخاصة، فهذه النوعية من المسلسلات تضم أشياء دخيلة على حياة الفنان، وتوهم الناس بأنها الحقيقة، وهو ما لا يعجبني فيما نشرته إيريس نظمي على أنه مذكرات شادية، كان عليها تحري الدقة وكتابة أنها حوارات صحفية مع شادية، لا مذكرات.

• في 2010 تردد أن الكاتب ماهر زهدي يعكف على كتابة مسلسل تليفزيوني يتناول سيرة حياتها.. كيف استقبلت الفكرة؟

- اتصلت بنقيب المهن التمثيلية وترجته ألا يسمح بتنفيذ هذا العمل، وقالت له "لو سمحت لو بتحبوني محدش يعمل أي حاجة عني"، ووقتها طلب مني سامي كمال الدين الذي كان قد أجرى معنا حوارات صحفية، وكانت عمتي على اتصال به للاطمئنان عليه وعلى أسرته، أن أقابل ماهر ليتحدث معي في الأمر، فتحدثت معها، وقلت لها إنني سأقابله وأُعلمه برفضك التام للفكرة، وحاول إقناعي بأنه سوف يستشيرها في كل شيء، لكنها رفضت الفكرة، وارتاحت نفسيًا بانتهاء الأمر.

• ما الذي تتذكرينه من نصائحها لكِ؟

- كانت من الأشخاص الذين يجب أن تجلسين إلى جوارهم ومعكِ ورقة وقلم، لتدوين كل ما تقول، شخصية شديدة وقوية، وكنت أخاف منها في الطفولة، الخروج بأمرها، وكانت ترسل السائق ليأخذني من الجامعة الأمريكية، وتطّلع على جدول محاضراتي من العميد نفسه، كانت تربية تركية قوية، لكن بها أيضا قدر من الدلع، وأتذكر أيضًا أنها شجعتني على ممارسة الرسم، وشددت على أن طريقتي في التعامل مع الآخرين ومجهودي وهو ما سيجعل الجميع يحترمني.

• كيف كانت علاقتها بأشقائها "سعاد، محمد، عفاف وطاهر"؟

- ما يميز هذه العائلة خفة الظل، لا تخل جلساتهم من النكت والهزار "تموتي من الضحك" في أي جلسة تجمعهم، ربنا يطول في عمر عمتي عفاف، هي تعيش حاليًا في أمريكا، ووالدي "طاهر" كان توأم روحها.

• في الفترة التي قدمت فيها مسرحية "ريا وسكينة"، سافرت إلى أمريكا في زيارة لشقيقتها عفاف، وترددت شائعة وفاتها ما الذي تتذكرينه من هذه الفترة؟

- كنت في الصف الثاني الثانوي، وكنا على اتصال يومي بها في توقيت معين، والشائعة أخذت وقت قبل أن تصل لنا، "اتخضينا، واتصلنا بيها وردت علينا طنط عفاف، وطمنتنا"، ووجدنا عدد كبير من الاتصالات الكل يريد الاطمئنان عليها، منهم الفنانة سهير البابلي والفنانة يسرا، وقامت بعمل مداخلة من أمريكا للتليفزيون المصري، وبعد عودتها أجرت حوارًا مع أمينة صبري لإذاعة صوت العرب، وحضرت معها هذا الحوار، الذي تم إجراؤه في "بلكونة" شقتها، وتحدثت فيه عن الشائعة وعن الحياة.

• وقتها تردد أيضًا أنها تجري عدة عمليات بسبب إصابتها بالسرطان؟

- بالنسبة لموضوع المرض، سفرها كان لإجراء فحوصات طبية فقط، ولم تجر هناك أي عملية، العملية كانت في القاهرة، هي فقط أرادت الاطمئنان، ومعرفة إذا كانت تسير في الطريق الصحيح أم لا، بعدما قيل لها في مصر أنها أصيبت بسرطان وأجريت لها عملية على هذا الأساس، واكتشفت هناك أنها لم تكن مُصابة بهذا المرض، "أنا مقدرش افتي لكن ده اللي حصل"، لكن هي لم تعان من هذا الأمر بعد ذلك ولم تحتاج لأي فحوصات بعد عودتها، وبالمناسبة كان خبر مرضها صدمة كبيرة لوالدي "اتخض"، ورأيته يبكي ويقول لوالدي "اختي هتموت"، واعتقد أن من شدة ارتباطه بها وبسبب هذا الموقف رحل عن عالمنا، لتتخذ هي أيضًا قرارا بالاعتزال بعد رحيله بعامين، لأنه كان توأمها الروحي ومستشارها الفني، لا تتخذ أي خطوة بدونه.

2

• كيف لفنانة حققت هذا النجاح في "ريا وسكينة" على المستوى المادي والفني وبعدها في أغنية "خد بإيدي" تتخذ قرار الاعتزال.. هل كان السبب شائعة وفاتها ومرضها ووفاة شقيقها"؟

- وقتها كان عمري حوالي 18 أو 17 سنة، وهي لم تحب الحديث في هذا الأمر مع الكبار، فما بالك وأنا في هذا العمر، لكن أنا لم أندهش من قرار الاعتزال، لأنها بالفعل أصبحت مُقلة في عملها، كانت اعتزلت الناس، كما أن صدمتها في رحيل والدي لعبت دور، لأنهما كانا قريبان من بعضهما البعض بشكل جنوني، عندما يفقد الإنسان شخص عزيز عليه فجأة، يحدث له نوع من عدم التوازن، يسأل نفسه "هو أنا بعمل إيه في حياتي، ده اللي حصل، هو كان كل حاجة في حياتها، بيقرالها السيناريو ويقولها حلو ولا وحش ويتناقشوا فيه، أو مثلا يشوف قصة أجنبية يقراها يقولها إيه رأيك تيجي نعملها"، فجأة وجدت نفسها بمفردها.

وكانت تردد أيضًا أنها قدمت كل شيء، من غناء لتمثيل على شاشة السينما وللوقوف على خشبة المسرح، وأرادت الابتعاد وهي بالشكل الحلو الذي اعتاد عليه الجمهور، مثلما فعلت ليلى مراد وجريتا جاربو، كانوا في منتهى الذكاء، إلى جانب صعوبة حصولها على نص جيد، فمن بين خمسين سيناريو يُعرضوا عليها لا تجد سوى عمل واحد، كان الوضع قد تغير، وهي تتقدم في العمر.

• وكيف كانت لحظات شادية الأخيرة بعد إفاقتها من الغيبوبة؟

- كانت فترة صعبة، لكن عندما أتذكرها أشعر بسعادة وطمأنينة أنها كانت في سلام، لأن وجهها كان سعيد، ومبتسم، لكن وجع الفراق، أعرف أنها ارتاحت وسعيدة. قبل رحيلها ذهبت إليها مع بنات عمي وإيهاب ابن عمي في المستشفى، وسألت الممرض عما تعنيه قراءات الأجهزة الطبية، فقال لي إن الطبيب هو من يستطيع إخباري، لكنه أكد أنها اليوم في أحسن حالاتها، وبالفعل كانت تتحدث، على غير عادتها، شعرت أنها كانت تنتظرنا، تحدثت معنا وكنا نفهم كلمات وأخرى لا نفهمها، لكن استطعنا نميز أنها كانت تنادينا بأسماء الدلع المختلطة بالشتيمة "نوع من أنواع الشقاوة"، وشعرت أنها تريد أن نطمأنها بأنها أدت دورها كما ينبغي فتحدثت معها، عن أنها أمي التي وقفت إلى جواري في كل شيء في طفولتي ودراستي، سألتها من الذي أنجبني، فقالت بصوت ضعيف "أنا"، أتذكر الآن كيف كانت تستيقظ من نومها لتأتي إلى سريري وتطمئن عليّ أثناء مرضي، وتعطيني الدواء، (باكية) "كانت تحضني، وتحط خدها على خدي عشان تقيس الحرارة".

جلسنا معها وحكينا عن يوم الجمعة الذي كان يجمعنا أسبوعيًا، لنأكل معًا ونتحدث، وهي كانت تحب الأكل، خاصة الكباب، الرنجة والفسيخ الذي كانت حريصة أن أقوم أنا بتنظيفه لها، رغم أنني لا أتناوله. وسألتها "تحبي تاكلي ايه"، أجابت "كباب"، وشعرنا أننا أرهقناها فقررنا أن نتركها لتنام، ونظرت إلى وجهها قبل خروجي من الغرفة فوجدت ابتسامة على وجهها، وظننا أنها ستخرج معنا قريبًا، لكنها رحلت.

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان