"سوبر أبلة".. رحلة مُعلمة مع اللغة العربية من الاستكشاف إلى التدريس
كتبت-دعاء الفولي:
مازالت تتذكر إسراء صالح جولتها في حديقة الحيوان رفقة والدها، كيف كان لسانه طلقا في اللغة العربية؛ يعلمها الكلمات من أشياء محيطة، يستغل "الفسحة" ليعلمها، أو يطلب منها استخراج كلمات بعينها من اللافتات في الشارع، أحبّت الشابة الثلاثينية اللغة منذ صغرها، تعلمت القراءة في الخامسة من عمرها، وحينما كبّرت، أرادت تعليمها للأطفال بطرق مختلفة تجعلهم يحبونها "مكنتش عايزاهم يتضايقوا من الحاجات اللي انا اتضايقت منها وخلتني أحس إن العربي مكلكع".
صدفة بحتة جمعت إسراء بالتدريس حين كانت في الإجازة الصيفية في عُمر الخامسة عشر، واتتها فرصة تعليم اللغة الإنجليزية في إحدى الحضانات الدولية "أدركت وقتها إنهم بيعلموا لغتهم بشكل لطيف جدا، أغاني وألعاب"، قارنت بتلقائية بين تعلم العربية والإنجليزية "لقيت إننا بنحفظ الولاد العربي بشكل جامد رغم إن لغتنا مبدعة جدا"، ورغم إتقانها الإنجليزية والفرنسية فيما بعد، لكنها اختارت تدريس اللغة العربية لجميع المراحل التعليمية، قبل أن تطلق منصة "سوبر أبلة" منذ أشهر لتعليم اللغة بطريقتها الخاصة.
لا تترك إسراء وسيلة للإبداع إلا وحاولت تجربتها لتوصيل المعلومة؛ فعملها لعدة سنوات مؤدية في المسرح وحكّاءة وعضوة في فرقة غنائية رفع مخزون الارتجال لديها، وجدت نفسها في إحدى المرات تتحدث لطالب في أمريكا "كان بيسألني ليه العربي مفهوش أغاني، فقولتله على أغنية زي ماما زمانها جاية"، لكن ذلك لم يكن كافيًا "كنت عايزة أربطه بحاجة هو شايفها مش بكلمات على قافية وخلاص"، بدأت المعلمة ترتجل "ألفت أغنية بسيطة عن حرف الألف، اتبسط بيها وعرف كلمات مختلفة".
لا تعتمد إسراء على الجلسات عبر الإنترنت فقط، تُدرس للطلاب بشكل مباشر، تحول الحصص لـ"فقرة لعب أحيانا"، أو حكي؛ تسأل طلابها عن أكثر حيوان يحبونه كمثال "فلو حد قاللي الأسد مثلا بقوله عايزاك تعمل بحث صغير عن الأسد، تحكيلي باللغة العربية عن هو بيعيش فين وانواعه إيه"، لا تستسلم المدرسة بسهولة "كتير منهم بيكتبوا بالعامي أو بالإنجلش ودا أسوأ"، تجلس إليهم، وتبدأ في ترجمة ما كتبوه أو تعريبه "فالولد بيبدأ يربط معاني كتيرة ببعض"، لا تحب إسراء التلقين "فكرة حفظ أغنية وخلاص مش صح، الأهم إن الولاد يربطوا اللغة بحياتهم العادية".
لذلك وعبر صفحتها على فيسبوك، تنشر إسراء فيديوهات داخل أماكن مختلفة "كل مرة بنختار حرف ونبدأ نطلع الكلمات من المكان اللي احنا فيه"، بين السوبر ماركت، الشارع، الحدائق وغيرها، ترى المعلمة ثمرة جهدها في أسئلة الأطفال "وشغفهم إنهم يعرفوا أكتر"، لا تواجه الشابة تحديات في تعليم اللغة "لكن المشكلة الأكبر إن كتير من الأهالي مش مقتنعين بطريقة التعليم الموازية، اللي مش معتمدة على الحفظ بس"، تحاول طمأنتهم بالنتائج التي يحرزها الأبناء "لما بيلاقوهم قادرين يقرأوا بسهولة من كتاب الوزارة ويتعاملوا مع المناهج بيقتنعوا".
تحمل صاحبة منصة "سوبر أبلة" أحلامًا كثيرة؛ تتمنى إتاحة الفرصة لها لإضفاء تغيير على مناهج اللغة العربية في مصر والعالم، أن تُنشئ مؤسسة تعليمية، وأن تنشر أولها قصصها للأطفال باللغة العربية، وحتى يتحقق ما تريد، تظل حصة اللغة العربية مساحتها المفضلة لتعليم الصغار ما تحب.
فيديو قد يعجبك: