إعلان

الخارجون من جنة "العفو الرئاسي".. حين يتلاعب الأمل بالمشتاقين

10:15 م الجمعة 18 نوفمبر 2016

الخارجون من العفو الرئاسي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-هاجر حسني ودعاء الفولي:
في الزيارة الأخيرة، أخبر محمد حمودة زوجته جميلة سري الدين، أنه اشترى 2 كيلو من اللحم كي يُحضرهم لها في الزيارة التالية. غير أنها طلبت منه الإبقاء عليهم في ثلاجة المنزل، بعدما باتت شبه موقنة من خروجها ضمن دفعة المشمولين بالعفو الرئاسي. استسلم حمودة لطلب الزوجة، باغته الأمل كما فعل بها، إلا أن قائمة العفو لم تشمل جميلة، رغم خروج من برفقتها في القضية المعروفة بـ"ذكرى محمد محمود "، لتصبح الشابة ضمن آخرين لم تحالفهم الحرية بعد اقترابهم من الحصول عليها.

لم تكن السيدة جميلة ضمن المتظاهرين في ذكرى أحداث محمد محمود الرابعة، إلا أن ذهابها للقسم عقب يومين من الوقفة أدّى للقبض عليها "راحت تودي للناس اللي اتقبض عليهم أكل فخدوها".. حسبما يقول حمودة.

انضمت أم الثلاثة أطفال إلى القضية رقم 12182، باتهامات منها تكدير السلم العام وقطع الطريق، ليتم الحكم عليها مع ثلاثة آخرين بعامين مع التنفيذ.

1

اتصال هاتفي جاء لحمودة منذ أيام يُخبره بأن أحد الأحزاب أرسل اسم زوجته للجنة "جميلة معروفة وسط الحقوقيين وعارفين إنها مرتكبتش عنف".. ذلك ما جعل خروج السيدة ذات الثلاثة وثلاثين عاما أمرا مفروغ منه في نظر الزوج والمحيطين بها، فيما هنّأه والدها وكأن الابنة عادت للمنزل.

بالأمس اطلع حمودة على قائمة العفو الأخيرة بأريحية متيقنا من وجود اسمها. عقد آمالا كبيرة. نقل الفرحة للصغار الثلاثة، حتى أن الابن الأكبر زياد -10 سنوات- قال له: "أول ما ماما تخرج مش هخليها تنزل من البيت تاني عشان مياخدوهاش".

دفاع حمودة عن زوجته جاهز دائما "نزلت ضد الإخوان وفي ثورة يناير وعمرها ما شتمت البلد". يظل عدم خروجها ضمن المشمولين بالعفو لغز . القوة زاده في مواجهة ما يحدث للأسرة منذ حبس الزوجة، إلا أن سري الدين نفسها لم تعد تملك تلك القوة "مراتي بقت حاسة إن البلد كلها خايفة منها.. ولسة كمان لما تعرف إن اللي في قضيتها خرجوا وهي لأ، مش عارف الزيارة الجاية هقولها إيه؟".. هكذا تعمق شعور الزوج بأن أم أبنائه ستقضي مُدة الحبس بكاملها داخل سجن القناطر.

زملاء العنبر "إفراج"
في المقابل لم تفقد هبة أبو المجد الأمل كُليًا، رغم الصدمة التي شعر ت بها بالأمس عقب رؤية قائمة العفو.

"ملقتش فيها أخويا مع إن زمايله في نفس القضية والعنبر طلعوا". محمد أبو المجد هو أحد المتهمين في القضية المعروفة باسم "معتقلو السحور"، حيث تم القبض عليه و10 آخرين في رمضان 2014 وتم اتهامهم باقتحام شركة سياحة والتظاهر وقطع الطريق، ثم الحكم عليهم بـ15 عاما. وأمس أعلنت القائمة عن إطلاق سراح أربعة من الشباب مقابل بقاء سبعة داخل سجن برج العرب.

رغم مُدة الحكم الطويلة، إلا أن الأخت توقعت خروج شقيقها "خاصة بعد ما شفت الرئيس وهو بيتكلم قلت أكيد مش هيخرّجوا حد ويسيبوا حد". عامان مرّا منذ حبس الشاب الحاصل على ليسانس الشريعة والقانون، فقد خلالهما قدرته على التخطيط للمستقبل، إلا أن أخبار العفو التي تنامت لعلمه أنعشت الحلم داخله "كان بيقول هيخرج ويكمل الماجستير بتاعه ويشتغل".

2

تلك المرة هي السادسة التي يخيب فيها ظن هبة، فقد سمعت مرارا عن عفو قد يأتي من الدولة "بس في الآخر بنكتشف إنه جنائي أو إن محمد مش فيه". بعد مبادرة الرئيس الأخيرة فعلت الفتاة ما باستطاعتها، فظلت تبحث بين المحامين، تسأل المركز الحقوقية، تكتب على الإنترنت، إلى أن أرسل لها أكثر من شخص استمارة العفو لتملأها عسى أن يحالفها الحظ.

مازالت الأخت مُتعلقة "بقشاية" القوائم القادمة. إلا أنها تقول: "فرحت لأصحاب محمد وهباركلهم بس وجوده جوه وهو في نفس القضية ظلم تاني غير حبسه.. كأن اتنين صحاب بيذاكروا سوا وحلوا زي بعض وواحد سقط والتاني نجح".

سعادة كاذبة
بمجرد أن وجدت نيفين سعد اسم زوجها الصحفي محمود مصطفى، ضمن قائمة نشرها أحد المواقع الصحفية، والتي ضمت الأسماء المرشحة للعفو، لازمتها الراحة ظنا أنه سيخرج. ولكنه سرعان ما تحول لحسرة بعد صدور قرار العفو الرئاسي وانتشار القوائم النهائية "اتفاجئت إن مفيش حد محبوس احتياطي في القائمة الأولى فالأمل راح"، تقول زوجة الصحفي.

فور الإعلان عن تشكيل اللجنة ملأت نيفين إحدى الاستمارات الموجودة على موقع اللجنة بالإنترنت، بخلاف تواجد اسمه ضمن القائمة التي تقدمت بها نقابة الصحفيين لأعضاء اللجنة، وإيمانها ببراءة زوجها من التهم الموجهة له بالانتماء لجماعة الإخوان.. كل تلك الأسباب أكدت يقين السيدة من خروج الصحفي "هو مفيش قضية أصلا ولا حتى بيتحقق معاه في حاجة"، ولكن بعد أن تناقلت الأخبار عن أن القائمة تضم المحكوم عليهم "قلت أكيد محمود مش منهم فمعملتش أي تجهيزات لاستقباله".

3

أكثر من 350 يوم يقضيها الصحفي بجريدة النهار بعد توقيفه بمطار القاهرة أثناء سفره إلى العاصمة البريطانية لندن، في 23 أكتوبر الماضي، وبعد عرضه على نيابة أمن الدولة في 27 أكتوبر، قررت حبسه احتياطيا لاتهامه بالانضمام لجماعة أسست على خلاف القانون، ولأن اللجنة الرئاسية تم تشكيلها منذ البداية للبحث في أوضاع المحبوسين احتياطيا فالأمل لم يفارق السيدة نيفين "هنعيش ازاي من غير أمل، أنا مستنية القائمة اللي هيكون فيها أسماء المحبوسين احتياطيا".

على العكس، لم ترد هبه الحنفي أن يطرق لها الأمل بابا، تعاملت مع خروج شقيقها أحمد بأنه أمر ربما لن يحدث، ولكن ذلك لم يمنعها من ملء الاستمارة الموجودة على موقع المصري اليوم ضمن المبادرة التي أطلقها بعد تشكيل اللجنة الرئاسية، ورغم ذلك فتوقعاتها بخروج شقيقها ظلت ضعيفة جدا.

التضارب في طبيعة القائمة التي تعمل عليها اللجنة هو السبب وراء رفض هبه للتشبث بأمل الإفراج، خاصة وأن الحكم على شقيقها كان نهائيا "في الأول قالوا هيبحثوا أوضاع المحبوسين احتياطيا وعلشان كده قُلت إن أخويا أكيد مش من ضمنهم".

3 سنوات قضاها طالب كلية الهندسة في السجن من أصل 10 سنوات هي مدة الحكم، على خلفية مشاركته في تظاهرات ذكرى ثورة 25 يناير في 2014.

تطابق الشروط التي وضعتها اللجنة لبحث الحالات، على الشاب العشريني تجعله في وجهة نظر شقيقته من المرشحين الأوائل للخروج "هو طالب والتهم اللي اتوجهتله مكنش فيها أعمال عنف كان تظاهر بس، وتهمة انتمائه للإخوان طلع منها براءة". رغم توفر الشروط لكن هبة ترفض تعليق آمال كبيرة لئلا تُصاب بالإحباط.

الأوان لم يفت بعد
لم تعرف زينب صبحي عن قائمة العفو إلا الثلاثاء الماضي فقط. وقت أن أخبرتها أم أخرى باحتمالية خروج البعض من السجن. كان ذلك قبل بدء الزيارة الدورية لزوجها سيد سليمان وابنها طاهر سيد، الذين تم القبض عليهما في يوليو 2014، واتهامهما بالتظاهر وتمويل المظاهرات والتحريض على العنف.

كان طاهر مازال في السابعة عشر عندما تم اقتياده لقسم دار السلام ملُحقا بوالده، الذي تم القبض عليه من محل الجزارة الخاص به، حيث يتم التجديد لهما منذ عامين.

4

صباح الأربعاء الماضي أخذت الأم الأربعينية صورة بطاقتها الشخصية، وبضع أوراق أخرى لتبدأ رحلتها بحثا عمّن يوصل اسم زوجها والابن إلى لجنة العفو "روحت محافظة الجيزة وبعدين طلعت على مديرين أمن الجيزة وبعدين روحت المجلس القومي لحقوق الإنسان".. 3 ساعات قضتهم زينب تتنقل، انتهوا بإخبارها أن الساعة جاوزت الثانية ظهرا ولن تجد من يساعدها، وعليها إعادة الكرّة في اليوم التالي.

"يوم الخميس الصبح انا كنت في الزيارة معرفتش أروح وبعدين عرفنا إن القوايم طلعت" تقول الوالدة لمصراوي. لا تلوم زينب أحدا على فوات فرصة إطلاق سراح ذويها، يُحزنها فقط أن ابنها طلب منها في الزيارة الأخيرة -قبل ظهور العفو بيوم- أن تذهب سريعا لإعطاء اسمه للجنة لعله يخرج، فهو مازال يدرس بالثانوية العامة.

تنتظر الزوجة مرور الساعات القادمة لتقوم بجولة بحث جديدة عن مكان يضمن توصيل اسم ذويها للجنة. لم يُساعدها المحامون بشيء، ولا تفقه في تفاصيل مواقع التواصل الاجتماعي حيث يُمكنها ملء استمارة، إلا أنها تنوي التجول بين المراكز الحقوقية لعل القائمة القادمة تُدخل السرور على قلبها.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان