إعلان

منة طالبة الحقوق.. صبي القهوجي اللي استكتروا عليه حلم ''النصبة'' في الشارع

02:36 م الجمعة 12 ديسمبر 2014

منة الله الحسيني

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-إشراق أحمد:

متران على رصيف بشارع مظلوم باشا، اتخذتهم منة الله الحسيني قبلة يومية لها، من الضاهر حيث تسكن إلى وسط البلد لتمكث قرابة 6 ساعات، أسفل عمود نور قرب وزارة الأوقاف تقف، تتلمس من إضاءته خلال ساعات العمل تارة، واحيانا تختفي في ظله من ''البلدية'' الباحثة عن ترخيص تعلم أنه صعب المنال، ليس لكونها في نظر القانون بائع جائل، غير أنه لا اعتراف بعربتها الألمونيوم إلا كمقهى، وهو غير مصرح به في الوقت ذاته، مع دقات السادسة مساءا، تبدأ تنظيف المكان مما حال به في غيابها، تحضر ''العدة'' من أكواب، مياه ساخنة لمتطلبات الشاي، ''حمص الشام'' الذي انتهت من إعداده ظهر اليوم، فضلا عن طلبات الشكولاتة الساخنة، وبعد نصف الساعة تصبح ''النصبة'' جاهزة؛ طقوس تفتقدها ''منة'' التي ما لبث الزبائن يألفوها، حتى باتت في مهب الريح بسبب مضايقات اتخذت من عدم وجود تصريح ذريعة لوأد حلم'' إلى أن يحين اشعار آخر.

قبل قرابة أربعة أشهر، قررت ''منة'' أن تبدأ مشروعها، أو إن صح التعبير بذرة حلم بوجود ''كافيتريا'' ذات ماركة عالمية بإدارة مصرية، على غرار التي يرتادها بعض الشباب لكن بأسعار زهيدة، فأقصى سعر بقائمة ''النصبة'' هو 7 جنيهات، بعد فترة عمل في مقهى بوسط البلد خلصت لتلك الفكرة، ''كنت صبي قهوجي'' تقولها الفتاة العشرينية بثقة، لا تحب تسمية نادل ''وايتر'' التي يلجأ إليها البعض، فشخصيتها المتمردة على الأوضاع، جعلتها لا تخجل من شيء، طالما كان من صلب قراراتها، ولا يتعدى على حرية الأخرين ولا يتجاوز أخلاقها.

هيئة ''منة'' التي في عرف وصف الكثير ''بنت ناس''، لم تمنعها من خوض تجارب العمل، ليس فقط من أجل الحصول على المال، لكن لرغبتها في إثبات نفسها من خلال عمل تجيده وتحبه، يقينا منها أن ''صوت المرأة ثورة''، ورفضها أن تنغلق الدائرة بالحصول على الشهادة والزواج، وزاد من عزيمتها دعم خطيبها لها، لذلك أقدمت على تنفيذ مشروعها دون تردد ''قررت أفتح شغل خاص بيا.. الشغل عند حد لما يلاقي اللي معاه شاطر بيضغط عليه أكتر وده بيجي على صحتي ووقتي''.

عمل ''منة'' بالمقهى دفعها لاتخاذ قرار العمل بعربة تحضير المشروبات ''حسيت أن الموضوع سهل أي ست تعرف تعمل ده وحاجة جميلة أن أحس أني شغالة في البيت''، فضلا عن دراستها لمده عام بكلية السياحة والفنادق، فزاد شغفها بالخدمة الفندقية قبل أن تتركها لدراسة الحقوق، أخذت تتنقل بين الوظائف بحثا عن عمل ''روحت مكاتب توظيف عشان أشتغل خدامة لكن صاحبه قال لي شكلك بنت ناس مرضاش ابهدلك''، لذلك وجدت ملاذها في ''النصبة'' الاسم الذي اختارته لمشروعها كما تحرص على توصيفه.

اقترضت الفتاة العشرينية المال من أجل شراء العربة الصغيرة ذات الـ60 سنتيمتر عرض، ومع قدوم شهر أغسطس الماضي أصبح لها مكان بوسط البلد، وجدت فيه موقع ملائم، لقربه من منزلها، وكذلك تواجد أصدقائها بالمنطقة، وهذا كان كفيل لشعورها بالراحة والأمان، ''كنت متخيلة أنها حاجة عادية جدا'' وكاد الأمر يسير كما تصورت خاصة مع تعاملها الطيب للجميع، وحرصها على نظافة المكان ''لونت عمود النور والشجرة اللي جنبي''، لكن ما لبثت أن تظهر المعوقات، خاصة مع كثرة تردد ''البلدية'' بالفترة الأخيرة في ظل عدم حصولها على ترخيص، رغم محاولاتها المتكررة ''اللي يقول لي مبيطلعش غير لما تدفعي ما بين 3 و5 آلاف أو 250 جنيه في الشهر''، وبات الأمل مهددا مع كلمات مهندس الحي الذي تواجد قبل قرابة شهر ''قال لي مفيش ترخيص طول ما أنت واقفة في الشارع ولو خدتي محل برضه مفيش ترخيص زي القهاوي في المنطقة''.

حاولت طالبة الفرقة الأولى بكلية الحقوق تجاوز الأمر خاصة وأن العمل ميسر، وعاونها على ذلك اطمئنانها لمساعدة البعض لها، من صاحب محل كبير كفل لها الحماية أثناء بقائها، و''حواليا 4 قهاوي 2 منهم بيساعدوني مثلا في تجريش العربية وأي حاجة أعوزها''، غير أن أكتوبر الماضي شهد إغلاق ''منة'' لمشروعها لأول مرة قرابة شهر، بسبب ''اتاوات المشاريب'' التي كان يجبرها عليها ''البلطجية'' مما عرضها للخسارة حسب تأكيدها، لكن بعد رجوع خطيبها الذي كان مسافرا في ذلك الوقت، شجعها على العودة والوقوف معها.

لم تبدُ أي مظاهر لعدم قبول تواجد ''منة'' بالمنطقة إلا على قليل، حال الشخص الذي يتعمد أن ينزه كلبه ليتبول بالقرب من مكانها، وصولا إلى حسم انهاء عملها حينما عاد أحد البلطجية، وتشابك بالألفاظ معها وخطيبها، ليتحدث إليها بعدها بعض سكان عقار ''أنور وجدي'' المقابل لها عن الواقعة بأشياء نقلت لهم ولم تحدث ''أن في مطاوي وإزاز عربيات اتكسر'' ورغم نفيها غير أن الرياح لا تأتي دائما بما تشتهي السفن؛ أخبرها صاحب المحل الكبير، الذي يمكن اعتباره ''كبير المنطقة'' ومن استأذنته بالوقوف ''أن الأهالي مش مستريحين لوجودك'' فلزم عليها الرحيل.

توقفت صاحبة ''النصبة'' يوم السبت الماضي عن العمل، أعادت عربة تحضير المشروبات إلى التخزين، لكنها على يقين أن الأمر لن ينتهي، مع استمرار محاولة الحصول على ترخيص، وإن كانت لا تعلم كيف السبيل لطريق حلم، قد يخجل بعض الشباب من اتخاذه، وهو الذي لم يحتضنه سوى الشارع، ليلفظه بعد حين تاركا لها أمل يضفي في نفسها بسمة، لرؤية ''النصبة'' يوما ما تضم ركن صديق للبيئة يجنبها اضطرار العمل بالمساء لما تعانيه من مشاكل بالتنفس، وتحقيق الهدف بمنافسة المقاهي العالمية.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان