إعلان

في الحرب ''حُب''.. عندما انصاع قلب العرّيف ''سامي'' لـ''زينب''

09:40 ص الثلاثاء 07 أكتوبر 2014

سامي إبراهيم فرد مشاه برتبة عريف

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- دعاء الفولي:

بين خشونة المعركة أشياء ناعمة، لا يمكن للنار أو الموت ابتلاعها، صوت الأم على الهاتف، تشجيع الأب، يدُ الحبيبة تربت على الكتف، تذهب الحرب، يموت الأصدقاء وتبقى الذكريات، كان ''سامي إبراهيم'' فرد مشاه برتبة عريف، حاصل على مؤهل عالي، عمره 22 عاما، يقبع على شط القنال بقرية ''الشلوفة'' بالسويس، يقوم بدوره كالباقين، حينما رآها أول مرة كانت صغيرة، 15 عاما ربما، تتهادى نزولا من منزل والدها عُمدة القرية، بهيّة الطلة، اسمها محفور فيه ''زينب محمد السيد''، رقَ القلب في الحال، بين النظرة الأولى والحب التام لحظات، تمنى أن يكلمها ولو مرة، وقد كان.

''العمدة كان راجل وطني''، قال سامي، كان منزل عمدة القرية يبعد عن مقر الكتيبة 20 مترا، لذلك نشأ حبل الود بينه والجنود، أراد مساعدتهم بكل ما يستطيع ''عشان كدة ياما بعتلنا أكل''، ''بط''، ''دجاج'' وأصناف أخرى، يذكرها المحارب الستيني بضحك، لم تعنيه حقا بقدر حاملة الطعام، ابتسم الحظ، صار اللقاء بين ''زينب'' و''سامي'' ممكنا، اعتادت الذهاب بدافع وطني في الأساس ''تحملت ضرب النار اللي كان أحيانا يحصل أثناء الاشتباكات وهي جاية..كانت تشيل الأكل محنية الظهر''، كما كانت تُعالج الجنود بالمركز الطبي أحيانا، حتى أن ''سامي'' عنفها بسبب المخاطرة، طالبا منها عدم المجيء؛ فلم تُنفذ النصيحة، العُمدة أيضا أحبّ ''سامي''؛ عامله كالابن ''والقرية كلها عرفت قصتي مع زينب''.

استمر ''سامي'' في الجيش من 1965 وحتى عام 1974، كانت مدة تجنيده عام ونصف ''اندلعت حرب 67 قبل رحيلي بعشرين يوم فاستمريت لحد انتصار أكتوبر''، حارب بأكثر من مكان، العين السخنة، ومنطقة كبريت بالسويس ''جت في يوم وقالت لي والدي عايزك''، دعاهم العُمدة لوليمة وأفراد الكتيبة، مع اشتداد الضرب لم يكن هناك مفر من الرحيل ''أوامر الهجرة الإجبارية جت''، طفقت الدموع تسيل من عيني العريف والفتاة حزنا على الفراق، لم يكن بيد أحدهما شيء، تباعدت الأبدان ولم يبق بينهما سوى الخطابات.

في ''فاقوس'' استقرت الفتاة مع أبيها ''قالت في آخر جواب إن ناظر المدرسة يريد الزواج منها.. وافقت لأن الضرب كان بيزيد ومكنتش عايزها تبقى أرملة بدري''، انتهت المعركة، انتصر الجيش المصري على العدو، أحداث جسيمة مرت بحياة المحارب، تزوج وأنجب أولاد، لكنه حرص على اقتفاء آثارها دائما ''عرفت بعد كدة أن زوجها مات مريضا''، لا يوجد أحد بعائلة ''سامي'' إلا ويعلم قصته، حتى الزوجة، عزاءها أنه عرف الأولى قبل الزواج، ببورسعيد يقطن ''سامي''، أما زينب فانتقلت للعيش في الإسماعيلية عقب وفاة الزوج، ثمة تفاصيل يرويها صُناع الأفلام ظنا أنها محض خيال، لكنها حدثت مع ''سامي'' و''زينب''.

في مكتبه بمدينة بورسعيد كان ''سامي'' عندما قابل أحد أقارب المحبوبة، اتصال سريع دون تفكير، أتت على إثره الأخيرة من الإسماعيلية في حضور قريبتها ''بعد 37 سنة دخلت زينب مكتبي تصافحني معاتبة لي لأنني تخليت عنها.. كانت تحمل حفيدتها''، سويا جلسا لأكثر من أربع ساعات، يتحدثان عن كل شيء؛ الخندق الذي بناه لها ووالدها أسفل تكعيبة العنب أمام منزلها، طبق الأرز باللبن من يديها، يقول عنه ''الجدع اللي يقدر يكمله''، وحياتهما التي لم يُقدر لهما أن يعيشاها.

بعد عام من هذه الزيارة توفيت ''زينب''، في رمضان الماضي ذهب ''سامي'' إلى قريتها مع صديق، قرأ لها الفاتحة، واعدا إياها سرا أن يحكي عنها حتى يتوقف القلب عن الخفقان.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان