إعلان

"ذا اتلانتك": هكذا ساعد العالم "الدكتاتور" في الحرب السورية

04:19 م الأحد 05 أغسطس 2018

الرئيس السوري بشار الأسد

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – إيمان محمود:

بعد أكثر من سبع سنوات من الصراع المُسّلح؛ تشرّد بسببه أكثر من نصف السوريين، وتحولت المدن الشامية إلى أنقاض، وقُتل أكثر من 500 ألف شخص، يبدو أن الرئيس بشار الأسد "على وشك الانتصار في الحرب السورية".

ففي الوقت الذي تغزو فيه قوات الأسد الجنوب السوري –آخر معاقل المعارضة في سوريا- استطاعت القوات أيضًا السيطرة على مدينة درعا، في يوليو الماضي؛ وهي المدينة التي شهدت شرارة الاحتجاجات السلمية في عام 2011 قبل أن تتحول إلى صراع مُسّلح.

مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية، ترى أن الحرب في سوريا لم تنته بعد؛ حيث لا يزال شرق كردستان وإدلب الذي يسيطر عليه المعارضة خارج أيدي النظام، وأي انتصار فيها قد يكون ثمنه باهظًا بالنظر إلى الدمار الذي حدث بالبلاد.

وقالت المجلة إن بشار الأسد الذي وصفته بـ"الدكتاتور السوري"، تفوق على باراك أوباما ونيكولا ساركوزي وديفيد كاميرون، وهم زعماء الغرب الذين توقعوا سقوطه "في غضون أشهر".

وتساءلت المجلة الأمريكية "كيف نجا الأسد؟"، فالربيع العربي شهد سقوط حُكّام مستبدين في دول مجاورة لسوريا، وقد مارس معارضو الأسد الداخليون والخارجيون ضغوطًا شديدة على نظامه، لدرجة أن الانهيار الداخلي بدا ممكناً في عدة مراحل، "لكن بقاء الأسد في السلطة لم يكن مصادفة: فهناك أسباب داخلية وخارجية واضحة".

النظام السوري استخدم أساليب تكتيكية ووحشية للحفاظ على الدعم الرئيسي في الداخل، بينما كان له في الخارج حلفاء ثابتون وأعداء مترددين وغير أكفّاء، كما ساعدت المؤسسات السورية الخاصة الأسد على تحمل ضغوط الاحتجاج والحرب، وظلّت الأجهزة الأمنية ظلت وفية له؛ فلم يكن هناك انقلاب ضد الأسد، بحسب المجلة.

فيما جاءت أبرز حالات الانشقاق في عام 2012، عندما فرّ كل من مناف طلاس، أحد أهم قيادات الحرس الجمهوري، ورياض حجاب رئيس الوزراء، وجهاد مقدسي المتحدث باسم وزارة الخارجية، كانت هذه الشخصيات بارزة، لكنها لم تكن لديها قوة حقيقية.

كان هذا في المقام الأول لأن الأسد ورث السلطة عن أبيه الذي عيّن أقاربه وأفراد من طائفة العلويين والنخبة والموالية له في كُبرى المناصب، فأصبحوا يهيمنون على الوحدات العسكرية الحيوية والأجهزة الأمنية.

أما السبب الثاني –بحسب المجلة- أن الأسد تمكّن من الاحتفاظ بدعم بعض قطاعات المجتمع عن طريق التلاعب بالهوية الطائفية؛ إذ أن بشار وأبيه حافظ فازا في الانتخابات بدعم من العلويين (حوالي 12% من عدد السكان)، والمسيحيين (8 في المائة من السكان)، والدروز (3 في المائة من السكان)، وكثير من العلمانيين انتخبوهما بعد أن قدما أنفسهما كمدافعين عن التعددية الدينية.

وبمجرد اندلاع الاضطرابات في عام 2011، وصف الأسد بشكل غير مباشر المحتجين بأنهم إسلاميون متشددون، كما ظهرت الملصقات الحكومية تحذّر من الانقسامات الطائفية، ومع مرور الوقت، بقي العلويون والمسيحيون وأقليات أخرى بعيدًا عن الصراع، كما ظلّ كثير من السنة العلمانيين محايدين أو دعموا الأسد.

سياسة الأسد الاقتصادية ساهمت أيضًا في بقائه، فرغم أن التظاهرات بدأت قوية في المناطق الريفية المُهملة والتي تشهد ارتفاع نسبة البطالة فيها، إلا أن الدولة استمرت في دفع أجور الو الذي كان الأقوى في المناطق الريفية المهملة وبين الشباب الذين يواجهون البطالة بنسبة 25 في المائة. ومع ذلك ظلّت الحكومة تدعم حوالي 30% من الوظائف، ما جعل البعض يخشى من فقدان راتبه، بحسب المجلة التي أكدت أن الأسد "واصل بذكاء دفع الرواتب، بل رفع رواتب الدولة طوال الحرب (رغم التضخم السيئ)، بما في ذلك في المناطق الخارجة عن سيطرته.

أما الطبقة الوسطى التي استفادت من سياسات الأسد، فكانت بالطبع بطيئة التخلي عنه.

وأشارت المجلة إلى أن الأسد استخدم حيلة أخرى وهي "الترهيب"، ففي حين زعم معارضوه إلى أن الشعب "كسر حاجز الخوف" لكن أغلب السوريين كانوا متأثرين بذكريات التمرد الأخير الذي قام ضد أبيه حافظ الأسد عام 1982، والذي نتج عنه مجزرة لأهالي حماة قُتل فيها ما لا يقل عن 10 آلاف مواطن، وبينما تحلّى كثيرون بالشجاعة ضد الأسد، شعر غيرهم بالردع والخوف.

والنقطة الأهم؛ هي محاولات الحكومة ونجاحها في تقسيم المعارضة وإضفاء الشرعية على سياسة العنف معها، فكما أوضحت المجلة أن المتظاهرون السلميون الذين واجهوا ديكتاتورية الأسد في عام 2011، شكلوا حركة حركة ديمقراطية سلمية، دفعت الحكومة إلى "سحقهم بدلاً من أن تقوم بالإصلاح، لذا صورت المعارضين على أنهم إسلاميون عنيفون وأجانب وطائفيين".

واستطردت "بعد أن وضع النظام روايته الكاذبة، شرع في جعلها حقيقة. تم استهداف المنظمين السلميين على وجه التحديد"، وبحلول يوليو 2011، كان 8000 شخص تم اعتقالهم، ويواجهون التعذيب والاعتداء الجنسي والإذلال، ومن بين أولئك الذين كانوا محظوظين فأُطلق سراحهم، فيما اختفى أكثر من 75 ألف شخص، وفرّ العديد إلى الخارج أو أصبحوا متطرفين، فعندما تحولت الثورة السلمية إلى صراع مُسلّح، كان العديد من النشطاء السلميين الذين ثاروا في البداية، تم قتلهم أو اعتقالهم.

وقالت المجلة إن الحكومة السورية أطلقت سراح الجهاديين من السجون عن عمد، لإلصاق تهمة التطرف إلى المعارضين، مشيرة إلى حسن عبود من أحرار الشام وزهران علوش من جيش الإسلام، واللذان كانا في سجون الأسد في أوائل عام 2011.

كما أشارت إلى أن مقاتلو داعش وجبهة النُصرة أيضًا كانوا زملائهم في الزنزانة، والذين أضفوا جميعهم الشرعية على القتال ضد المعارضين في سوريا.

أرجعت الصحيفة سبب تأزم الوضع الحالي في سوريا، إلى التدخل الأجنبي، قائلة إن الحكومات الغربية دعت الأسد إلى التنحي في أغسطس عام 2011 وفرضت عليه عقوبات، كما قامت الدول الإقليمية كالسعودية وتركيا بقطع العلاقات، وسرعان ما قام أعداء الأسد برعاية خصومه السياسيين ومساعدة المتمردين المسلحين، ومع ذلك، حال تدخل روسيا وإيران لصالح الأسد دون أهداف الجميع.

صديقا الأسد أعطا له الكثير، وقدما الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري، واستخدمت روسيا الفيتو في مجلس الأمن 12 مرة لحماية الأسد من القرارات الغربية، بحسب المجلة

كما أعطت موسكو وطهران شريان الحياة الاقتصادية لتعويض تأثير العقوبات والحرب، فطبعت روسيا مذكرات مصرفية سورية للالتفاف على عقوبات الاتحاد الأوروبي، في حين وافقت إيران على تقديم قروض لسوريا بقيمة 4.6 مليار دولار، والتي دفعت ثمن الأسلحة والرواتب وأبقت على أداء الدولة المتعثرة.

كما قدمت الحكومتان مساعدات عسكرية أساسية؛ فأرسلت إيران في البداية الأسلحة والمستشارين ولكنها زادت من دورها بعد عدة هزائم للأسد في عامي 2012-2013، وقامت بنشر الميليشيات الشيعية، بما في ذلك حزب الله، وأعادت تنظيم القوات السورية.

كما عرضت روسيا الأسلحة في وقت مبكر، وتدخلت مباشرة بسلاحها الجوي في عام 2015، عندما بدا الأسد ضعيفًا، وهو الأمر الذي حوّل دفة الحرب لصالح الأسد، وسمح له باستعادة المناطق الرئيسية والهامة من داعش والمعارضة.

منذ ذلك الحين؛ أصبح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو صاحب النفوذ الرئيسي، وعقد فيما بعد اتفاقات مع إيران وتركيا والولايات المتحدة، لوقف قصف المعارضين المسلحين، لكن ثبت بعد ذلك أنها "اتفاقات بلا قيمة"، بحسب تعبير المجلة.

وفي الوقت ذاته؛ لم يفعل حلفاء المعارضة شيئًا، فبدلاً من أن تحاول تلك الدول توحيد المعارضة -سواء السياسيين الذي تم نفيهم إلى الخارج، أو المسلحين داخل الأراضي السورية- تسببت في تفاقم الانقسامات الأيدولوجية والتكتيكية بينهم، الأمر الذي كان بمثابة "هدية للنظام".

لكن بحسب المجلة؛ فلا يبدو من الخارج أن الأسد حقق انتصارًا على الإطلاق، فالرئيس السوري أصبح "ملك الرماد، يطل من قصره الرئاسي على بلد مزعج"، مضيفة "يجب على الأسد بناء اقتصاد مُثقل بالديون، وهو يعتمد على حليفين قويين -روسيا وإيران- اللذان تسللا إلى مؤسسات الدولة والاقتصاد ويمارسان نفوذًا هائلاً".

وختمت المجلة "لكن الأسد يجب أن يبدو وكأنه قادر على التغلب على هذه المشاكل، حتى لو استغرق الأمر عقودًا، فبالنسبة له، كانت الحرب تدور حول البقاء، وبهذا المعنى فقد فاز ., هذا درس مروع للدكتاتوريين".

فيديو قد يعجبك: