في عام ترامب الأول.. ماذا أراد بوتين وماذا تحقق فعلاً؟
كتبت- هدى الشيمي:
مازالت الوكالات الاستخباراتية الأمريكية مُصرّة على تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية لصالح المُرشح الجمهوري، آنذاك، دونالد ترامب، إلا أن وصوله إلى سدة الرئاسة لم يعد بالكثير من الفوائد على رجل روسيا القوي فلاديمير بوتين.
قالت مجلة نيوزويك الأمريكية إن بوتين اعتقد أن ترامب سيغير شكل العلاقات الأمريكية الروسية، وسيساعده على تحقيق كل مصالحه وأهدافه، إلا أن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن، ولم يكسب الرئيس الروسي كثيرا من وراء نظيره الأمريكي.
وأشارت المجلة الأمريكية، في تقرير نُشر على موقعها الإلكتروني، إلى أن ترامب رفض انتقاد بوتين أو التعليق على تصرفاته بشأن العديد من القضايا، ولكنه في المقابل لم يقدم له ما يرغب فيه.
وترى ألينا بولياكوفا، الخبيرة الروسية في معهد بروكينجز، أن المناخ العام في أمريكا الآن "سام للغاية" بالنسبة لروسيا، وأنه مخالف تماما لما يرغب فيه القادة الروس.
وكان ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، قد قال في تصريحات أواخر العام الماضي، إن موقف واشنطن إزاء روسيا مُخيب للآمال.
وفي الذكرى الأولى لتولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة، استعرضت المجلة الأمريكية ما حصل عليه بوتين وما لم يتمكن من الحصول عليه خلال العام الماضي.
تخفيف العقوبات
أوشكت أموال روسيا على النفاد، وهي الآن تعاني لانعاش اقتصادها، لاسيما بعد انخفاض سعر النفط، وفرض قيود على صادراتها بسبب أزمة شبه جزيرة القرم التي بدأت عام 2014، ما يجعلها في أمّس الحاجة إلى تخفيف العقوبات المفروضة عليها.
وفرضت مسألة العقوبات على روسيا نفسها خلال حملة ترامب، وترددت أنباء عن مناقشة دونالد ترامب الابن، نجل الرئيس الأمريكي، هذه القضية مع مسؤولين روس خلال اجتماعه معهم في أبراج ترامب خلال الحملة الانتخابية. وبحسب التحقيقات، فإن مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين بحث مع سيرجي كسلياك، السفير الروسي لدى واشنطن، إمكانية تخفيف العقوبات على موسكو خلال محادثاتهما.
إلا أن الأوضاع أصبحت أسوأ خلال حكم ترامب، فأصدر الكونجرس قرارا بفرض عقوبات جديدة على روسيا ووافق عليها أغلب الأعضاء، ما أجبر ترامب على التوقيع على القرار في أغسطس الماضي.
إمداد أوكرانيا بالأسلحة
قام ترامب بتحرك مُخالف تماما لرغبات روسيا، بإصداره قرارا بإمداد الجيش الأوكراني بأسلحة في ديسمبر الماضي، وهذا ما اعتبرته بولياكوفا، الخبيرة الروسية، تصرفا قد يستفز روسيا كثيرًا، قائلة: "منح أوكرانيا الأسلحة يعد بمثابة إعلان حرب على موسكو".
كانت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون تعهدت خلال حملتها الانتخابية بإمداد أوكرانيا بالأسلحة إذا تولت الرئاسة، ولم يدعم ترامب هذا التعهد، وتجنب إصدار أي تعليق يخص هذه المسألة.
إضعاف الناتو
يعد اضعاف حلف شمال الأطلسي "الناتو" أحد أهم الأهداف التي يسعى بوتين إلى تحقيقها، وأدلى ترامب بالكثير من التصريحات المضادة للحلف، والتي تكشف عن رفضه لوجود الولايات المتحدة بين أحد اعضائه.
وقال ترامب لصحيفة واشنطن بوست خلال حملته الانتخابية، إن الناتو يكلف الولايات المتحدة ثروات، مُشيرا إلى أن الحلف العسكري يحمي أوروبا ولكنه يكلف الولايات المتحدة كثيرًا.
وتابع: "لا يمكننا بالتأكيد تحمل هذه النفقات بعد الآن".
ورغم تردد ترامب في استمرار الولايات المتحدة في تمويل الناتو، إلا أنه جدد التزام بلاده باستمرار الدعم المادي للحلف.
انتشار الفوضى
أصبحت روسيا بمثابة المُحرك الرئيسي لكل شيء يحدث تقريبا، بسبب تصرفات بوتين وتحركاته، وتدخله في شؤون العديد من الدول.
وفي هذا الشأن، يقول توماس جرام، المدير الروسي السابق لمجلس الأمن القومي خلال حكم جورج بوش الابن، إن روسيا أصبحت فجأة المسؤول عن اتخاذ القرارات فيما يتعلق بالانتخابات الأمريكية، وتتدخل في شؤون الدول الغربية، وتحرك الأحداث في كل مكان تقريبا.
وبهذه الطريقة، عادت روسيا مرة أخرى لقيادة العالم بعد أن ابتعدت عن الزعامة السنوات التي أعقبت الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي.
وأحدثت تصرفات روسيا حالة من الفوضى السياسية في الولايات المتحدة، فأصبح البعض ينظر إلى ترامب على أنه رئيس غير شرعي لأمريكا، لأنهم يعتقدون أن بوتين ساعده في الوصول إلى المنصب، لاسيما بعد كشف التحقيقات بشأن مزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية عن تورط شخصيات بارزة مقربة منه وأعضاء في حملته عن تورطهم مع مسؤولين روس.
ويرى ستيف بيفر، السفير الأمريكي السابق لدى أوكرانيا والزميل غير المقيم في معهد بروكينجز، أن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية يرجع إلى رغبة موسكو في نشر الفوضى في الولايات المتحدة، وزعزعة ثقة الأمريكيين في العملية الديمقراطية في بلادهم، وإثارة الشكوك حول نزاهة الانتخابات.
وتقول المجلة الأمريكية إن بوتين لم يعتقد أن ترامب سيفوز في الانتخابات، ورغب بتدخل بلاده المزعوم في الانتخابات، بأن تتولى هيلاري كلينتون رئاسة بلاد تسودها الفوضى وعدم الاستقرار السياسي، لاسيما وأنه يكن ضغائن لوزيرة الخارجية السابقة، بسبب عدم الاستقرار الذي أحدثته في روسيا عام 2011.
وتؤكد بولياكوفا، الخبيرة الروسية، أن موسكو صُدمت بعد فوز ترامب، وما يزال الكرملين حتى الآن غير قادر على استيعاب ما حدث، ولا يستطيع التعامل مع الأمر.
فيديو قد يعجبك: