إعلان

رف السينما - سِفر الخروج (Exodus).. حرب أشباه الآلهة

الكاتب ممدوح صلاح

رف السينما - سِفر الخروج (Exodus).. حرب أشباه الآلهة

05:11 م الأحد 08 مارس 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - ممدوح صلاح :

(سفر الخروج) هو أجدد محاولة لسرد قصة نبى الله (موسى) وخروج اليهود من مصر فى عهد الملك رمسيس (طبقاً للفيلم).. القصة التوراتية اللى تم تقديمها فى السينما العالمية أكتر من مرة بدرجات نجاح مختلفة، والمرة دى بقيادة المخرج (ريدلى سكوت) اللي بتختلف الآراء عليه.. واللي قدم مستويات غير مشجعة مؤخرًا من الأفلام اللى بتدور في أجواء ملحمية تاريخية، زى (Robin Hood) و(Kingdom of heaven)، باستثناء فيلمه الأشهر (Gladiator) صاحب النجاح الواسع.

عشان كده بدأت أشوف الفيلم وأنا متوقع الأسوأ، وتدريجيًا لقيت إن أحداث الفيلم بتعدى بسلاسة معقولة وإحكام.. بس المشكلة إنها بتمر بشكل خطي وكئيب، بيمشي الأحداث بطريقة متعاقبة مافيهاش روح ولا ابتكار، وده - وإن كان مقبول في سياقات تانية - فمش لايق خالص على قصة مشهورة كل المتفرجين تقريبًا عارفينها بتفاصيلها، وبتتحكى بقالها - حرفيًا - آلاف السنين.. فبالتالى الكل متوقع رؤية جديدة أو على الأقل التفات لعناصر في القصة ماحدش كان بيلتفت ليها قبل كده.

العنصر الوحيد اللي قرر صناع الفيلم الانشغال بيه بإعتباره جديد هو الجرافيك، وواضح في قرار مقصود بإن الإمكانيات التقنية الخاصة بالصورة والمؤثرات الخاصة ماكنتش وصلت للقدر ده من الجودة فى المعالجات السابقة كلها، وبالتالى الفيلم اعتبر إن فرصته في الاختلاف جاية من تقديم ضخامة المعمار الفرعونى، واللقطات الواسعة المتعددة للمدن والمناظر الطبيعية، وتجسيد الأوبئة اللى بتحل على مصر زى الجراد والتماسيح والضفادع بأكبر قدر من التفصيل.. وفعلاً مشاهد الأوبئة تحديدًا كانت أحلى مشاهد بصريًا، وإن كان تم تقديمها برضه بشكل تتابعى خطى. والتتابع الأخير فيها بتاعة وباء (موت الطفل الأول) كان قاسي أكتر من اللازم، وحسيت للحظات إنه هيتم استغلال القسوة دى فى الدراما لما تسبب الوباء ده في مشهد صراع نفسى قوى ومواجهة، لكن كالعادة الصراع ده انتهى بنهاية المشهد على مفيش وتم استكمال القصة كأنه ماحصلش.

الإهتمام بالمؤثرات الخاصة والإبهار الناتج منها مانفعش الفيلم هنا.. بالعكس، تسبب في استسهال باقي العناصر الفنية زى تصميم الديكورات والملابس اللى كانت كلها معمولة بدقة واهتمام، لكن من غير تصميمات مختلفة أو ألوان مميزة.. فالنتيجة النهائية هي غياب البصمة الجمالية، كأنك جبت صورة لمعبد فرعوني حقيقي وتم تركيبها باستخدام (الفوتوشوب) على خلفية مكونة من سحاب ومدينة قديمة، وحطيت ممثلين بملابس فرعونية تقليدية في المقدمة.. صورة عمومية تمامًا تليق بإعلان أو فيديو كليب أو إعادة صناعة لمشاهد فرعونية في فيلم وثائقي مثلاً.. مش بفيلم روائي متكامل ميزانيته ضخمة وتم التخطيط ليه بعناية.

بالإضافة لما سبق، المخرج والمؤلفين تعمدوا إبعاد نفسهم عن الفيلم، فقدموه بمنظور (محايد) ولا بيتعامل مع الأحداث بقدسية القصص الدينية، ولا فى إطار الميثولوجيا اللى الدراما ممكن توصلها لحدود تهدم فكرة التقديس.. فتحس إن الفيلم خضع لعدد كبير من العروض الخاصة على فئات مختلفة من الجمهور، وتم التخلص من أي حاجة ممكن تزعل أي حد، وده اللى خلاه يطلع مالوش طعم وغير منتظم فى طرح المقدمات وما يتبعها من نتايج.. الاختيار الدرامي الوحيد اللى بره المعتاد، هو إعادة تخيل شكل الحوار اللى بيدور ما بين (موسى) والرب، وحتى ده كان اختيار مالوش اللي يبرره، ولا بيوصل لهدف واضح.

الفيلم بيحتوى على عدد ضخم من الممثلين المهمين في أدوار ثانوية صغيرة ما بتلحقش تشوف فيها أدائهم.. ومع محاولات (كريستيان بيل) المضنية فى استغلال كل أدواته كممثل لإجادة ما يظن إنه دور مهم فى مسيرته، والنتيجة إنه بيمثل أكتر من اللازم، وبيعمل اللى معروف عنه من تغيير وزنه وهيئته لمراحل الدور المختلفة بدون ما يضيف للشخصية. على عكس الممثل الأسترالي (جويل إدجرتون) اللى كان مميز وبسيط وواثق من نفسه فى دور (رمسيس) برغم مشواره الفني القصير، والفرق ما بين شكله في الحقيقة ومتطلبات الدور.. لكن التمثيل عمومًا كان من الحاجات اللى ممكن تخليك تستحمل سطحية الدراما وتقليديتها.

المكان الأمثل لمشاهدة الفيلم هو قاعة السينما.. لكن الفيلم دلوقتى بقى متاح على الإنترنت لأى حد عايز يشوفه، بعد أقل من 3 شهور من عرضه فى أمريكا ومنعه من العرض فى مصر.

unnamed

إعلان