إعلان

محمد سيف الدولة: مبارك حكم مصر بـ"كتالوج أمريكى" لصالح إسرائيل (حوار)

11:02 م السبت 23 يناير 2016

محررة مصراوى مع محمد سيف الدولة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

حوار- علياء رفعت:

ثلاثون عامًا تربع خلالها على عرش مصر، أبرم الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المُجحفة؛ منها ما هو معروف لدى عموم الناس ومنها ما لا يعرفون عنه شيئًا، لكن أبرزها ما كان يخدم الصالح العام الإسرائيلي.

وُقِعت تلك الاتفاقيات استجابةً لرغبات أمريكية وإسرائيلية، فإسرائيل فى عهده ليست عدوًا غامشًا اغتصب الأراضى المصرية ولا زال يفعل بالأراضى الفلسطينية، وإنما حليفًا ينبغى علينا مسايرته بل ودعمه عبر تقديم ثرواتِ البلاد، وسيادتها على طبقٍ من ذهب.

فى ذِكرى الثورة الخامسة، وفى ملفه (جرائم مبارك التى لا تسقط بالتقادم) التقى "مصراوي" بالكاتب القومي ومؤسس حركة مصريون ضد الصهيونية "محمد سيف الدولة" ليناقشه فى كيفية إفساد مبارك للسياسات الخارجية المصرية، واختراقه لسيادة الدولة بإبرام الاتفاقيات الدولية المُجحفة فى عهده.

"هى إحدى اتفاقيات العار، لا يعرفها الكثيرون، وربما لم يهتم بها أو يكتب عنها أحد" هكذا بدء سيف الدولة حديثه إلينا، شارحًا واحدة من أهم الاتفاقيات التى عُقدت فى عهد مبارك مع الجانب الإسرائيلي؛ اتفاقية فيلاديلفيا.

اتفاقية "فيلاديلفيا":

شريط ضيق يمتد بطول 14 كم على حدود الأراضي المصرية الفلسطينية- الغزاويةـ يُطلق عليه ممر "فيلادلفيا"، تولت إسرائيل مهمة تأمينه، ولكن "الكنيست" أصدر قرارًا بانسحابها منه عام 2004 لكى تحد من خسائرها بغزة، فأوكلت مهمة حماية ذلك الشريط الحدودي لمصر.

1

يقول سيف الدولة إن الاتفاقية تم توقيعها في سبتمبر 2005، مع إسرائيل، وبموجبها انتقلت إليها –مصر- مسئولية تأمين الحدود مع غزة، وفقا للمعايير والاشتراطات الإسرائيلية، حسب سيف الدولة.

وتنص اتفاقية فيلاديلفيا، والتى تُعتبر بروتكولًا عسكريًا بالأساس على "تولي قوة (إضافية) من حرس الحدود المصري القيام بمهام أمنية محددة فى المنطقة على الحدود المصرية الغزاوية، وتتحدد مهمة هذه القوة الاضافية فى منع العمليات الارهابية ومنع التهريب عامة و السلاح والذخيرة على وجه الخصوص وكذلك منع تسلل الافراد والقبض على المشبوهين، اكتشاف الانفاق وكل ما من شأنه تأمين الحدود على الوجه الذى كانت تقوم به إسرائيل قبل انسحابها".

ويوضح سيف الدولة إن القوة المصرية تتألف من عدد أربعة سرايا، تعداد افرادها 750 فردًا ، ينتشرون على امتداد 14 كم هى طول الحدود المصرية مع قطاع غزة. مضيفا أن مصر طالبت بأن يكون عدد هذه القوات 2500، ولكن إسرائيل رفضت ذلك، وأصرت على العدد المذكور بل وقامت بتقييد تسليح هذة القوة بما لا يتعارض مع مصالحها ورغباتها في أن تبقى القوة المصرية ضعيفة.

تخضع اتفاقية فيلاديلفيا لبنود (اتفاقية المعابر الاسرائيلية الفلسطينية)، وهو ما يعنى فى أحد بنودها أن فتح معبر رفح مرهون بإرادة اسرائيل وموافقتها. وهنا يقول سيف الدولة "هذه هى الحكاية الحقيقة وراء الحصار المصرى للفلسطينيين وإغلاق معبر رفح، وعدم فتحه إلا بموافقات اسرائيلية، وكما هو واضح فإن المسألة ليس فيها لا أمن قومي مصري ولا استقلال ولا قرار سيادي ولا يحزنون، بل هي اتفاق أمني استراتيجي مصري اسرائيلي".

بمنتهى الأسى يتذكر سيف الدولة ما حدث في عام 2009 حين شكلت القوى الوطنية المصرية وفدًا للعبور من خلال معبر رفح "انتظرنا ساعاتٍ طويلة عند المعبر حتى قام أحدنا بسؤال الجنود عن سبب الانتظار فأخبرونا انهم قد بعثوا بقائمة الأسماء للجهة الاسرائيلية ولا زالوا ينتظرون الموافقة، وطبعًا اترفضت قايمة الأسماء وقتها واتمنعنا".

مُضيفًا "إسرائيل أصرت على اعتبار اتفاقية فيلاديلفيا ملحق أمني لاتفاقية (كامب ديفيد) لكي تستطيع توقيع العقوبة القصوى على مصر فى حال إخلالها بأحد بنودها، كما أنها جعلت تعديل هذة الاتفاقية منوط بموافقة الطرفين فلكل طرف حق الفيتو على أى إجراء يتخذه الطرف الآخر".

الوضع بعد الثورة لم يختلف كثيرًا بالنسبة للاتفاقية والتى مازال العمل بها قائمًا، ولكن تم تخفيف القيود المفروضة على غزة وعلى المعبر "المُحرمات الأسياسية فى الاتفاقية ثابتة لا يجوز الاقتراب منها، فالمعبر لازال محظورًا أمام حركة البضائع التى اشطرتت إسرائيل أن تدخل من معبر كرم أبو سالم (كيريم شالوم)، ولكن على صعيدٍ آخر حركة الأفراد من الفلسطينين والمصريين شهدت تسهيلات عما سبق".

"اتفاقية فيلادلفيا" ليست الأولى من نوعها، ولكنها الأقل شهرة بين اتفاقيات عديدة عُقدت بشكل متوالي منذ عام 2004 لخدمة مصالح إسرائيل، فبعد الاحتلال الأمريكي للعراق فى عام 2003 قامت العديد من الدول العربية وعلى رأسهم مصر بالخضوع للضغوط الأمريكية والموافقة على شروط البيت الأبيض بل وتلبية الرغبات التى يُمليها كُلها دون اعتراض يذكر، حسب سيف الدولة.

اتفاقية "تصدير الغاز لإسرائيل":

"اتفاقية الغاز هي الابن الشرعي لاتفاق غير شرعي يقضي بأولوية إسرائيل في الغاز المصري" قالها سيف الدولة بنبرة الواثق معتبرا إياها إحدى الاتفاقيات المُريبة التى أبرمتها مصر مع الجانب الإسرائيلي عام 2005. ووقع هذة الإتفاقية نيابة عن مصر وزير البترول المصري آنذاك سامح فهمي مع وزير البنية التحتية الإسرائيلي بنيامين بن إليعازر.

2

وتنص الاتفاقية على أن "تلتزم الحكومة المصرية بتصدير الغاز المصري لإسرائيل لمدة عشرون عامًا، بواقع 1.7 مليار متر مكعب سنويًا، بثمن يتراوح بين 70 سنتا و1.5 دولار للمليون وحدة حرارية فيما يُقدر سعر التكلفة 2.65 دولار، و تحصل شركة الغاز الإسرائيلية على إعفاء ضريبي لمدة ثلاث سنوات منذ توقيت عقد الاتفاقية، على ألا تتغير الأسعار التى تم إقرارها لتصدير الغاز لمدة 15 عام".

بمجرد توقيع الاتفاقية أثير الجدل حولها وقدم العديد من نواب البرلمان فى ذلك الوقت طلبات إحاطة بالمجلس لإعلان رفضهم لها، واستمر تداول قضية الاتفاقية بين المحاكم المختلفة حتى عام 2009 حين قضت المحكمة الإدارية العليا بوقف تنفيذ حكم القضاء الإداري بمنع تصدير الغاز المصري لإسرائيل، وقبلت الطعن الذي تقدمت به الحكومة لإلغاء الحكم مُسببه ذلك "إن قرار بيع فائض الغاز إلى دول شرق البحر المتوسط، ومنها إسرائيل، صدر من الحكومة بوصفها سلطة حكم، في نطاق وظيفتها السياسية، مما يدخل في أعمال السيادة التي استقر القضاء الدستوري والإداري والعادي على استبعادها من رقابته".

يرى سيف الدولة أن تلك الاتفاقية لها بعد سياسي وتاريخي أبعد من مجرد منفعة اقتصادية "اتفاقيات الكواليس غير المُعلنة فى العلاقات المصرية الأمريكية تنص على أن إسرائيل لها الحق فى الغاز المصري كتعويض لها عن انسحابها من الأراضى المصرية فى سيناء، ولهذا تم عقد اتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل بشكل رسمي عام 2005 برعاية الولايات المتحدة الأمريكية".

وبحسم شديد يُضيف "مصر تابعة للولايات المتحدة الأمريكية مُكرهه على توقيع اتفاقيات مع اسرائيل وذلك لأن مبارك كان راعيًا لهذه التبعية، حكم مصر بالكتالوج الأمريكى لصالح إسرائيل، واستسلم للشروط التى جاءت ضد الأمن القومي المصري والسيادة المصرية".

الكتالوج الأمريكى لحكم مصر كما وصفه سيف الدولة لم يتضمن فقط الضغط على الإدارة السياسية المصرية للانصياع لكل ما تريده الولايات المتحدة، ووضع النظام المصري تحت التهديد المُستمر لكى يفكر ألف مرة قبل أن يُقدم على خطوة واحدة من شأنها أن تُغضب الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل، لكنه شمل أيضًا زعزعة إقتصاد البلاد والإخلال بموازينه. جاء ذلك عن عن طريق بيع القطاع العام "الخصخصة" والذي لم يكن قرارًا في صالح الاقتصاد المصري وإنما كان قرارًا حربيًا صدر في البنتاجون الأمريكي بتجريد مصر من أدواتها الاقتصادية والتي يعد أهمها القطاع العام الذى قام بالتمويل الحربي.

يقول سيف الدولة إنه "تم إقرار المعونة الأمريكية العسكرية لمصر لتحل محل القطاع العام وتقوم بالتمويل الحربي بدلًا منه"، وتبلغ قيمة تلك المعونة حوالى مليار دولار في مقابل ثلاثة مليار دولار كمعونة عسكرية لإسرائيل، معلقا "لتظل مصر تابعًا للولايات المتحدة الأمريكية التى تتحكم بدورها في موازين القوى في الشرق الأوسط مما يهدد الأمن القومي المصري".

ويتابع سيف الدولة " ولهذا أيضًا تم تشكيل طبقة رأسمالية في المجتمع المصري - لتكون صديقة للولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل- تأسست من خلال المعونة الاقتصادية الأمريكية، حيث تم اختيار عدد من الشركات ورجال الأعمال لترسو عليهم عدد من المناقصات والأعمال المشتركة مع أمريكا وإسرائيل بهدف التعاون الاقتصادي وهذه الطبقة هي التي سيطرت على الاقتصاد المصري وكان لها بالغ الأثر فى الضغط على الإدارة المصرية لعقد الاتفاقيات الاقتصادية".

اتفاقية "الكويز":

عُرفت باسم بروتكول المناطق الصناعية المؤهلة مع إسرائيل وأمريكا "الكويز"، وتم عقدها في ديسمبرعام 2004، وقعها نيابة عن مصر وزير التجارة والصناعة آنذاك رشيد محمد رشيد مع روبرت زوليك، الممثل التجارى الأمريكى وقتها، وإيهود أولمرت نائب رئيس الوزراء ووزير الصناعة والتجارة والعمل‏ الإسرائيلى الأسبق.

3

وقد نصت هذة الإتفاقية على "يُسمح للمنتجات المصرية دخول السوق الأمريكية دون دفع أى حِصص مُحددة أو ضريبة جُمركية، شريطة أن تتضمن تلك المنتجات مكون إسرائيلي بنسبة تصل إلى 11,7%، والتى تم تعديلها فيما بعد إثر توقيع اتفاقية جديدة فى هذا الصدد عام 2007 بين مصر وإسرائيل قضت بتخفيض النسبة إلى 10,5%".

ورغم أن قطاع كبير من رجال الأعمال المصرين روجوا للاتفاقية وحثوا مبارك على إبراهما باعتبارها ستتحقق العديد من المزايا للاقتصاد المصري، إلا أن لسيف الدولة رأى آخر "المصالح القومية والوطنية، لا تقاس فيها الأمور بالمسائل الاقتصادية والمكاسب الضيقة أوالقريبة إن حدثت، فإسرائيل عدو لا يجب العمل أبدًا على انعاش اقتصاده لأنه كُلما قَويَّ كُلما هدد السيادة الوطنية المصرية، وهذة الاتفاقية إن كانت كما روج لها رجال الأعمال من الطبقة الرأسمالية بأنها ستخدم الاقتصاد المصري -وهذا ليس حقيقي- فهى ستصب فى صالح الاقتصاد الإسرائيلي أولًا وهو أمر غير مقبول بالمرة".

تابع باقي موضوعات الملف:

مبارك.. جرائم لا تسقط بالتقادم (ملف خاص)

undefined

ماذا قال مبارك ليلة الثورة؟

undefined

قطار الصعيد المحترق.. مصراوي يروي قصة ''15 ساعة فساد'' لحكم مبارك

undefined

قصة كفاح طوسون.. يحكى أن نظام رمى شعبه ''ع الرصيف''

undefined

جمهوركية آل مبارك.. وثيقة تتبع التوريث في زمن ''موافقون''

undefined

فتحية.. حلمت بالأمومة فأهداها إهمال نظام مبارك ''الإيدز''

undefined

 لأول مرة.. ناجون من عبارة سالم يروون تفاصيل ''القضية التي طرمخها النظام''

undefined

 

 

فيديو قد يعجبك: