إعلان

''صبرا وشاتيلا''.. حلقة في دائرة الجُرم الإسرائيلي

06:21 م الثلاثاء 16 سبتمبر 2014

قوات الاحتلال الإسرائيلي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- إشراق أحمد ودعاء الفولي:

في الظلام عرف الغدر طريقه لأرض مخيم ''صبرا وشاتيلا'' بغرب بيروت، كان اليوم الخميس 16 سبتمبر 1982 حينما تحركت عناصر مسلحة اتجاه الشارع الرئيس للمخيم، شعر بدبيبها أب فتوجس منها خيفة؛ فطالب أبناءه بمغادرة المنزل، مؤثرا هو البقاء، فيما اختبأ ''حسن'' بعلية ضيقة داخل أحد المنازل قبل أن يتم اقتحامه من المسلحين ليستمع إلى تدبيرهم للمذبحة، ويتأكد الأمر بسقوط فتاة ذات اثنتي عشرة عاما قتيلة أمام دبابة إسرائيلية، فتصبح أول شهيدة للمجزرة السابعة والثمانين لقوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني والإنسانية، تحل الذكرى الثانية والثلاثين لصبرا وشاتيلا، عقد طويل من الاستباحة، ليست هي أوله ولن تكون آخره، طالما دائرة الدماء تنغلق على أطرافها بين مجرم وضحية، وينزوي المتناسون عنها إلى أن تحل الذكرى، فيحلو البكاء على الأطلال، دون اتخاذ أي إجراء فعلي ضد الطرف الأول من الدائرة.

ثلاثة آلاف ضحية بين قتيل وجريح ومفقود، هو الرقم الأقرب لما آلت إليه مذبحة صبرا وشاتيلا التي استمرت 62 ساعة، فهي الواقعة الوحيد التي اجتمعت فيها الدماء العربية، بين الفلسطيني والسوري واللبناني والمصري على يد مجرم واحد، لم يعرف يعرف العالم عنها شيء إلا في السابع عشر من سبتمبر، نسج وزير الدفاع الإسرائيلي ''أرييل شارون'' مع قائد أركان الحرب ''رفائيل إيتان'' خطة لاقتحام المخيم نفذتها كتائب مسلحة بمساعدة جيش لبنان الجنوبي وحزب الكتائب اللبناني، وحتى الآن لم يُدان منهم أحد.

هوية لجندي إسرائيلي تعرّف عليها ''جمال مجذوب'' أحد سكان مخيم صبرا وشاتيلا، هي ما بقيت كدليل إدانة لإسرائيل، رغم فقده لها بعد أن كانت بحوزته، إذ أعطاها لفتاة قالت إنها صحفية فلسطينية تبغي نشرها بوسائل الإعلام، غير أنها لم تعيدها له قط، فضاع أثر ملموس وظل ذكراه لدى الشاهد العيان وكل من ينقل شهادته.

''ضحايا المجازر لا يُقتلون فقط يوم يُقتلون، تلك هي المرة الأولى، إنهم يُقتلون في كل مرة تعجز فيها الأصوات الحرة عن الجهر بالحق والحقيقة، وعن إدانة القتلة وتلك هي المأساة الكبرى، مأساة الضحايا الأحياء''، تلك الكلمات كتبتها ''بيان نهويض الحوت'' أستاذ الحقوق والعلوم السياسية، في كتابها الموثق للمجزرة ''صبرا وشاتيلا أيلول 1982''، عبرت بها عن حال من عايشوا تلك الساعات، ''جمانة تعبانة'' إحدى الناجيات تذكر _في شهادة مصورة لها_ خروجها من المنزل صبيحة 17 سبتمبر، تهرع مع أفراد من أسرتها إلى السيارة ''كنا ندوس على جثث.. على اليمين جثث وعلى الشمال''، ومثلها كُتب لهم الهرب لكن الذكرى لم تهرب عنهم، فلازالت تزرع أسلاكها الشائكة حولهم ''سترافقنا حتى الموت''.

منذ عام 1938 ترتكب العصابات الصهيونية المذابح بحق الفلسطينيين، أولها مجزرة ''حيفا''، مرورا بمذبحة الحرم الإبراهيمي، دير ياسين وقانا، وإلى آخر المجازر التي بلغ عددها 120 حتى عام 2005 _وفقا لمركز المعلومات الوطني الفلسطيني_، قبل مجزرة ''قبية'' رقم 60 والتي حدثت في خمسينات القرن الماضي، لم يتجرأ الجيش الإسرائيلي على إظهار جنوده بشكل واضح لتنفيذ الجرائم، فقد اقتصرت على مجموعات مسلحة، استمر بعدها المحتل في ارتكاب جرائمه بوجه مكشوف حتى مجزرة حي الشجاعية 2014.

رغم إدانة لجنة التحقيق ''كاهان'' المكلفة من قبل إسرائيل ببحث وقائع أحداث صبرا وشاتيلا لشارون، إلا أن الملف تم إغلاقه ولم يُفتح حتى عام 2001، عندما قدم محاميان من بلجيكا ومحامي لبناني دعوى إلى المحاكم الدولية ضد إسرائيل باسم 28 ناج من المذبحة، ولكن لم يُبت في القضية حتى الآن كحال جرائم الحرب الإسرائيلية.

العام 2014؛ قذائف المحتل تنهال على بيوت حي الشجاعية بغزة، بطريقته المعتادة في الظلام تم القصف، لتحدث المجزرة الآخرة وليست الأخيرة، فطالما هناك مُحتل ستتسع الدائرة لجرائم جديدة، ويبقى لسان حال الأرض ''لا تُصالح.. إنه ليس ثأرك وحدك ولكنه ثأر جيل فجيل''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: