إعلان

السعودية وإيران وأمريكا.. لماذا يقلق الخليج من عصر "ترامب"؟

03:06 م الجمعة 20 يناير 2017

كتب- محمد عمارة:

"لو كانت السعودية دون عباءة الحماية الأميركية، لا أعتقد أنها كانت ستكون موجودة".. ربما لا تزال هذه العبارة، التي قالها الرئيس الأمريكي الجديد "دونالد ترامب"، أثناء حملته الانتخابية، هي المسيطرة في حسابات دول الخليج التي تحبس أنفاسها انتظارا لما ستسفر عنه الأيام الأولى بعد تنصيبه.

ورغم اختتام الرئيس السابق "باراك أوباما" ولايته، على خلافات واضحة مع دول الخليج خصوصا حول الاتفاق النووي مع إيران، إلا أن حكومات الخليج تتخوف من أن الأسوأ ربما لم يأت بعد.. وربما تبحث عن تطمينات بتعليق آمال على تغير الرئيس الجديد، وأن تأخذ إدارته ستأخذ مخاوف مجلس التعاون الخليجي حول سياسات إيران في العالم العربي، على محمل الجد.

وتكمن "معضلة الدول الخليجية" في عدم القدرة على التنبؤ بسياسات "ترامب" على وجه الدقة، فعلى امتداد عقود عديدة ماضية، وعلى الرغم من التوترات المتقطعة، تعززت العلاقات بين مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة، واتسعت مجالاتها، إلا أن الرئيس الجديد يأتي من خارج دائرة الحسابات الأمريكية القديمة.

الخلافات القديمة.. و"البديل الخليجي"

وشهدت العلاقات بين مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة توترات على عهد الرئيس باراك أوباما، فأعربت دول الخليج عن قلقها من الانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط وما عكسه من تردد أمريكي في اتخاذ إجراءات فعالة لإنهاء الحرب الأهلية السورية.

كما تدهورت العلاقة بين الرئيس أوباما والسعودية عندما وصف دول الخليج بـ"المتطفلة" قائلاً بأن عليها فعل المزيد.

وفي يوليو من عام 2015، وقعت أمريكا إلى جانب مجموعة 5+1 الدولية اتفاقا مع إيران، شمل بموجبه إلغاء العقوبات المقررة على طهران في مقابل السماح بالتفتيش على منشآتها النووية، وهو ما يعكس ذوبان جليد العلاقات الأمريكية – الإيرانية.

وعلى الفور، انعقدت قمة وزراء وملوك مجلس التعاون الخليجي في البحرين، للبحث عن بديل قوي لأمريكا، وشهدت هذه القمة للمرة الأولى توقيع اتفاق شراكة استراتيجية بين مجلس التعاون الخليجي وبريطانيا. وقد أثارت رئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماي، ممثلي مجلس التعاون الخليجي، بقوة كلماتها، حيث قالت: "أمن الخليج هو أمننا. وينبغي أن نستمر في مواجهة الدول التي يغذي نفوذها الاضطراب في الإقليم". وأكدت أنها "ترى بوضوح التهديد الذي تفرضه إيران على الخليج"، ووعدت بمساعدة دول مجلس التعاون الخليجي، في "الدفع ضد الممارسات الإقليمية العدوانية لإيران".

وبدايات غير مبشرة للإدارة الجديدة

وإذا كانت العلاقات الأمريكية – الخليجية قد شهدت بعض التوترات على امتداد السنوات الثمان لإدارة أوباما، فإنها قد تشهد المزيد من التوترات وربما التغيرات في مستوى العلاقة على عهد ترامب الذي يبدو أنه أقل اهتماما بشؤون الخليج وأقل حرصا على الدبلوماسية في التعبير عن مواقفه.

فقد قال ترامب في تصريحات سابقة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز: "لو كانت السعودية دون عباءة الحماية الأميركية، لا أعتقد أنها كانت ستكون موجودة".

ففي مراحل متعددة من الحملة الانتخابية، تطرّق ترامب سريعاً إلى بعض المسائل التي تثير اهتمام دول الخليج. فقد أعلن في إحدى المناظرات الرئاسية، في معرض انتقاده لكلينتون على خلفية أزمة اللاجئين السوريين، أنه يؤيّد إنشاء منطقة آمنة في سورية على أن تقوم جهات أخرى بتسديد التكاليف مثل "دول الخليج الذين لايتحمّلون حصتهم من المسؤولية، لكنهم لايملكون شيئاً سوى المال".

كما قال الرئيس المنتخب ترامب في خطابه عن الأمن القومي في سبتمبر الماضي وفي المناظرة الأولى مع كلينتون: "هل تتخيلون، نحن ندافع عن السعودية؟ ومع كل المال الذي يملكون.. لايدفعون؟"

رجل الصفقات.. لماذا يقلق الخليج؟

يقول الدكتور أحمد آل إبراهيم، الخبير السعودي في الشئون السياسية الأمريكية، والباحث في مركز Atlantic Council، إن إدارة ترامب تحمل أكثر من وجه للعلاقات الخليجية الأمريكية: "هو يرفع شعار أمريكا أولا ويضع مصالح دولته فوق كل اعتبار، وأيضا خطابات ترامب تعكس أنه يحمل في فكره القليل من السياسة".

وأضاف في تصريحات لـ"مصراوي": "هو رجل أعمال وأوضح في خطابه الأخير أنه يعقد صفقات ودائما ما تكون ناجحة مثل بناء جدار بين أمريكا والمكسيك، وهذا يعبر عن احترافيته"، متابعا: "ترامب يعبر عن قيم الرئيس الأمريكي ولن يكون مجاملا بل سيتبع سياسة المصالح،ترامب واقعي وسيعرف من هم حلفاؤه وسيتعاون معهم".

كان "ترامب" كشف في مؤتمره الصحفي الأخير قبل تنصيبه، أنه "رفض خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية عرضًا بإبرام صفقة قيمتها مليارا دولار أمريكي مع رجل مدهش جدًّا جدًّا، ومطور عظيم في منطقة الشرق الأوسط"، وقال: "أنا رفضت الصفقة رغم أنه لم يكن يتوجب عليَّ أن أرفضها"، وذلك في إشارة إلى أنه لن يجمع بين "البزنس" والرئاسة، وأنه سيُحيل كل أعماله إلى أبنائه.

وبحسب ترامب، فإن عرض الصفقة تلقاه من رجل الأعمال الإماراتي حسين السجواني، الذي يرأس شركة "داماك" العقارية ومقرها دبي.

ويرى الخبير السعودي، أن المملكة لا تحتاج شيئا من أمريكا اليوم، مشيرا إلى أن الرياض اتخذت قرار الحرب في اليمن دون موافقة أمريكا: "كل ما نطلبه من ترامب أن يرى المنطقة بنظرة معتدلة ولا يكون مسيّس من إيران أو غيرها".

خبير سعودي: اختيارات فريق الشرق الأوسط مطمئن

رغم ما أثاره خطاب "ترامب" ضد المسلمين وإصراره على استخدام عبارة "الإرهاب الإسلامي المتشدّد"، إلا أن الدكتور أحمد آل إبراهيم يرى بادرة مبشرة، قائلا: ترامب عيّن أفضل الخبراء الأمريكيين لاتخاذ أفضل القرارات المتعلقة بالمنطقة العربية، وهذا أمر مطمئن بالنسبة للخليج، واعتقد أن سياسته ستكون أفضل من سياسات أوباما وهيلاري كلينتون التي كانت تنتهج سياسات نمطية وضد مصالح العرب.

الهجوم على إيران.. مصدر تفاؤل الخليج

وعلى الرغم من هذه الأجواء المتوترة، إلا أن الباب الوحيد لتفاؤل دول الخليج قد يكون خطاب "ترامب" الحازم حيال إيران على امتداد الحملة الانتخابية، حيث ندّد مراراً وتكراراً بالاتفاق النووي، وهدّد بـ"تفكيكه" في حال فوزه في الانتخابات. رغم أنه لم يعرض أفكاراً حول كيفية تحقيق ذلك نظراً إلى طبيعة الاتفاق المتعددة الأطراف.

وقال ترامب خلال المناظرة الأخيرة مع "كلينتون" عن إيران – بازدراء واضح–: "الإيرانيون يسيطرون على العراق"، قبل أن يضيف "لقد سهّلنا الأمر عليهم"، وأنهم سيكونون "المستفيدين" من تحرير الموصل من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية – وهو الخطاب الذي قد يطمئن دول الخليج.

وفي الخطاب الذي أدلى به عقب فوزه مباشرة، قال الرئيس المنتخب ترامب إنه على الرغم من أنه سيضع مصالح الولايات المتحدة دائماً في المرتبة الأولى، إل أنه "سيبحث عن قواسم مشتركة" مع الدول الأخرى".

وسيتولى ترامب مهام الرئاسة وسط معركة مهمة لتحرير الموصل وفي المراحل الأولى من حملة استعادة عاصمة داعش في "الرقة" بسوريا، والأرجح أنه سيبتهج بحصاد نتيجة الحملة، إذا ما حسمت هزيمة داعش بعد تنصيبه.

ويبقى موقف ترامب المتشدد من إيران غير متوافق مع اعتماد الولايات المتحدة في حملتها ضد داعش على الجيش العراقي وعلى ميليشيات شيعية مدعومة من إيران. لذا قد يحتاج لأن يقرر سريعا إما اعطاء الأولوية لمواجهة تهديد داعش وغيرها، وبالتالى يضطر للحفاظ على المستوى الحالي من التعاون مع إيران والحكومة العراقية التي يهمين عليها الشيعة، أو أن تتصدر إيران قائمة المخاطر الإقليمية بالنسبة له، وبالتالى ستواجه الحملة ضد داعش تحدى كبير.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج