إعلان

في حلب.. يتوه رمضان وسط عتمة الحرب (تقرير)

10:54 م الأربعاء 15 يونيو 2016

حلب

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت ـ هاجر حسني:

تصوير ـ عمر العرب:

لم تعد الأيام مثلما عاهدتها "ريان" كما لو أن كل شيء اختفى فجأة، فمنذ أن تحولت حلب إلى ساحة حرب فقدت معاني البهجة، وأصبح مرور الأيام بسلام دون جرحى أو شهداء هو أقصى أماني أهل حي "بستان القصر".

لحظات سعادة استعادتها السيدة الثلاثينية عن الأجواء الرمضانية في حلب قبل الثورة والأيام الحالية مرت سريعا قبل أن تعود للواقع "كان الوضع مختلف، كان عندنا مدفع رمضان بيضرب وقت الفطار وكان أصوات المآذن في المساجد عالية دلوقتي ما عاد في هالشي"، تصمت ريان حجازي قبل أن تستطرد "كنا نتجمع كلنا اخواتي وأهلي نفطر كل يوم عند حدا وبعد الإفطار كان في طقوس كنا نمارسها، كنا بنروح على صلاة التراويح ونعمل زيارات للأهل والأصدقاء".

2016_6_15_22_53_45_843

أيام رمضان كانت فرصة لتلاقي الأهل وقضاء معظم الوقت معهم كما تروي ريان "سهراتنا كانت تمتد للساعة الثانية صباحا وأحيانا لبعد الصبح خارج البيت، كنا بنطلع ع شي حديقة ونجلس ونحكي، ولكن بعد الثورة ما عاد في هذا الشي"، وباستمرار القصف على الأحياء والمنازل تبدلت الأحوال كثيرا وباتت أيام الشهر الكريم بلا روح "صار في كثير قصف وما عدنا نحس بالأمان، في السابق كان الرجال كانوا يطلعوا مع النسوان ويروحوا ع صلاة التراويح، وبنخلص ونطلع نتمشى شوي والآن ما صار نعمل هيك".

2016_6_15_22_53_47_921

مظاهر استقبال الشهر الكريم غابت منذ الثورة ولكن منذ تزايد القصف يعاني أهل حلب من نقص في المواد الغذائية "الطعام قليل، فترة الحرب طالت المواد الغذائية قلت وهذا أثر على الأكل والطبخ وما عدنا نعمل الأكلات الشهيرة خلال الشهر، لأنه الأساسيات ما عادت موجودة"، بينما ترى ريان أن تزيين الشوارع لاستقبال الشهر لم يكن مفتقدا بالنسبة لها ولكن شئ آخر "تجمع العيلة هو اللي بينقصنا، أهلي هم زينتي وأهم من 100 زينة بتتعلق بالشوارع"، فيما يواجه أهل حلب وليست ريان وحدها ضعف المرافق والتي تؤثر عليهم في نهار رمضان "نحنا ما بقى عندنا كهرباء ولا مياه ما عادت بتيجي من الشركة، وأصبحت المولدات هي مصدر الكهرباء والآبار هي مصدر المياه".

2016_6_15_22_53_50_108

بنفس الحي "بستان القصر" يُقيم حليم كاوا والذي يعايش يوميا ما يحدث في حلب من قصف ودمار، وبحلول الشهر الكريم كانت الفرحة غير مكتملة ولكن الشعب كان يحاول التشبث بأي خيوط للبهجة فيقول "في بعض مظاهر رمضان البسيطة، فالشعب السوري عامة والحلبي خاصة يحب الحياة ويحاول العيش رغم كل ظروف الموت المحيطة به ولكن هذه المظاهر غير كاملة بسبب القصف والوضع الأمني السيء".

الظروف التي تمر بها حلب أثرت على الحياة الطبيعية للمواطنين ولأن شهر رمضان يتميز بأصناف الطعام المختلفة والحلويات فكان لهذه الظروف تأثير عليه "النظام يقوم يوميا بعشرات الغارات على مدار الساعة على طريق الكاستيلو الواصل بين مدينة حلب وريفها الشمالي، وبالتالي انقطع الطريق وأصبح المرور يحتاج لمخاطرة كبيرة، وهذا الشئ أدى لغلاء الأسعار في المدينة بسبب صعوبة إدخال الطعام وارتفاع سعر صرف الدولار خلال السنوات الماضية"، ويتابع "الفرق بين السنة دي والسنوات السابقة هو اجتماع العائلة على مائدة الإفطار أما الآن فكل عائلة فيها شهيد أو معتقل، فالعائلة التي كان يجتمع على مائدة إفطارها عشرة أشخاص أصبحوا الآن شخصين أو ثلاثة".

2016_6_15_22_53_45_936

المظاهر التي تُمارس عادة في معظم البلاد التي تحتفي بشهر رمضان، من شراء للفوانيس وتزيين أصبحت رفاهية كما يقول حليم ولا يتمكن منها إلا أشخاص قليليين "كان يوجد فوانيس وزينة في السابق أما الآن أصبحت هذه الأشياء رفاهية ولم تعد موجودة، أما صلاة التراويح فقد دعت غرفة عمليات فتح حلب في بيان لها لعدم التجمع في هذا الشهر وإلغاء صلاة التراويح"، ورغم ذلك يصر البعض على أداء الصلاة ولكن بنسبة ضئيلة "لم تُلغى الصلاة ولكن التواجد ضئيل بسبب القصف وبسبب نزوح الكثيرين، ففي السنوات السابقة كانت الجوامع تمتلئ لآخرها أما الآن فهي فارغة للأسف"، يقول حليم.

مرور الشهر الكريم بعيدا عن الأهل هو أمر لم يسلم منه الطبيب سالم أبو الناصر، فمنذ بدء الثورة لم يجد الرجل الخمسيني مفر من الالتحاق بصفوف الثوار "غادرت طرطوس إلى بستان القصر منذ 4 سنوات ونصف في مارس 2013 وكنت من المتظاهرين الأوائل وذلك بعد دخول الجيش الحر للمدينة"، وكشخص وحيد تملك الحنين من سالم لأسرته وبلدته "افتقدت شغلات كتير منها اجتماع العائلة على مائدة الإفطار أنا والبابا والماما وخالتي ياللي مربايتنا هذا اللقاء كتير كان حلو وكان يتخلله بعض الأحاديث، كمان افتقدت بعض الأكلات الطيبة وبعض الحلويات ياللي كانت بتعملهم الماما، ولمة رفقاتي اللي كنت عايش معهم بطرطوس وما عاد فيني شوفهم بسبب ظروف الحرب".

2016_6_15_22_53_52_139

بأسى يستعيد الطبيب أدق التفاصيل فيقول "افتقد الحنية الموجودة ببيتي في طرطوس، الأسئلة ياللي كنت اسمعها متل شو بتحبوا تاكلو اليوم وشو بتحبوا اطبخلكم، هي الأشياء أنا افتقدها بكثرة حقيقي"، وخلال إقامته ببستان القصر لمس سالم تراجع المظاهر الرمضانية "العادات ياللي اتعودناها خفت كتير لأن الامكانيان أصبحت محدودة، والمواد الرمضانية مش موجودة"، ويتابع: "في بعض الحاجات متل الحمص الناعم وده مشهور عندنا وزيت الفتوش ما عادت موجودة".

وبجانب مشقة الصيام يصبح ضعف المرافق مشقة فوق المشقة "الكهرباء بتيجي من خلال المولدات والمية النظامية ياللي بتيجي من الشركة بتكون كل 10 أيام وباقي الأيام بيعبوا الأهالي المية من الآبار"، وفيما يخص العبادات فأصبحت أمر خاص يمارسها كل شخص بمفرده "الخطاب السلفي هو السائد حاليا، بيعتبروا كل شيء بدع وما بيحبذوه، فالتذكير والمدح وقراءة القرآن قبل الصلاة بدعه بالنسبة لهم"، كما يقول سالم.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج