إعلان

كيف اختبأ أطفال "كنيسة حلوان" من رصاص المسلح؟

10:55 ص الإثنين 01 يناير 2018

أطفال كنيسة حلوان

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-شروق غنيم ورنا الجميعي:

تصوير- محمد حسام الدين:

لم يكن في مُخيّلة الكاهن بولس يونان أن قُدّاس الجمعة بكنيسة مارمينا سينقلب لحدث مُرعب، كان روتينًا بالنسبة ليونان حضور القداس أسبوعيًا، غير أن أصوات الرصاص المسموعة بالخارج قالت كلمة أخرى؛ هذا اليوم لن يكون عاديًا، فما إن انتهى القُداس في العاشرة والنصف صباحًا حتى بلغ الذعر مداه.

قبل دويّ الطلقات صعد الكاهن يونان للدور الثاني بالكنيسة ليُحضّر لمدارس الأحد-نظام تعليمي داخل الكنيسة- برفقة الأطفال، حينها كان المُسلح طليقًا بالخارج "الولاد كانوا لسة هيبتدوا وأنا كنت معاهم فوجئنا بضرب نار"، اعتقد الكاهن أن هذه الأصوات لا تدل سوى على "خناقة برة"، لكن مع استمرار صوت الطلقات والصراخ من داخل الكنيسة أشعره بناقوس الخطر.

ضمّ يونان الأطفال بجواره داخل حجرة بالدور الثاني "وطلبت من خادم يقفل الباب"، كما استعان بكلمات الطمأنة لبثها داخل نفوس الصغار "قلتلهم طول ما احنا في الكنيسة متخافوش"، لم يكن الكاهن وحده برفقة الأطفال "كان معايا بعض الأهالي"، غير أن عدد الأطفال الموجودين دون عائلاتهم الذين غادروا مع نهاية القداس كان أكبر "كانوا في سن بين ابتدائي واعدادي".

بينما سار المُسلّح متهاديًا في الشارع الغربي بجوار سور الكنيسة، كان قلب الكاهن والأطفال يهتز بعنف، لم يكن في وُسعهم سوى الصلاة والدعاء "كنت بطمنهم وبقولهم متخافوش يا ولاد احنا في ايد ربنا".

فضّل الكاهن البقاء مع الصغار على النزول لرؤية ما يحدث بالخارج، ظلّ يونان يستعيد الأدعية، يُردد ومن وراءه الأطفال "يارب حافظ علينا، يارب ملناش غيرك"، وفي ترتيلة مُلحّنة قال بصوت خافت "ارحمنا يا الله.. وخلصنا.. ارحمنا يا الله"، الطلقات تتزايد وصراخ الأطفال يعلو في المكان ذعرًا، يقول له أحدهم "أنا خايف يا أبونا" فيستزيد في تلاوة الصلاوات حتى تخيم السكينة على الحضور.

يتذكّر يونان كيف كان المشهد مُخيفًا، كان الرُعب يطلّ من أعين الأطفال "كلمة خايفين دي قليلة"، بكى بعضهم فيما صلّى برفقته آخرون، أما الوقت فكان يمرّ ثقيلًا، تهافتت السيناريوهات القاتمة على عقل يونان "بقيت بقول لو الإرهابي دخل الكنيسة إيه هيحصل؟ ربنا حامي لولاده عشان كدة ألهم حد يقفل الباب من جوة، ربنا برحمته حاش الأذى ده عننا".

تأكد من الأمر حينما صعد له أحد الموجودين وأخبره "خلاص الضرب خلص"، لم يطمأن حتى ألقى بنفسه نظرة على الشارع، فشرع في تنظيم خروج الأطفال "نزلنا كل طفل لأهله، واللي أهاليهم روحو بعتنا حد معاه من الكنيسة يوصله البيت".

كانت الأخبار السيئة تتربص ليونان حينما نزل، لم يكن يعرف من حضر الصلاة "كنت روحت الكنيسة بدري وطلعت فوق من وقتها"، تلقى الصدمة حينما تلقى أسماء من رحلوا، يعرف الجميع فهم أبناء الكنيسة، وهو الذي قضى 20 عامًا في خدمتها، مدام إيفيلين؟ كيف ترحل وقد رآها قبل يومين فقط من الحادث.

التقى بها يوم الأربعاء الماضي، لقاء مُبهِج؛ تشاركوا فيه أفكارًا للاحتفال بالعام الجديد "قولتلها متنسيش تجهزي حفلة راس السنة قالت لي حاضر، لكن خلاص فرحتنا اتقتلت وهي راحت"، تنفلت دمعة من يونان، فيما بات الحِداد هو حال الكنيسة وأُلغِيت الاحتفالات.

مرّ شبح الموت على الكنيسة من قبل؛ يتذكر يونان منذ عامين حينما انفجرت قنبلة بجانب السور المواجه لها "الكنيسة كانت المقصودة بس معرفش يدخل فحطها عند السور، وقتها الخوف كان أقل، القنبلة ضربت فجأة وخلصت معيشناش احتمالات مرعبة، ومفيش حد مات ولا اتعور، في عربيات اتضررت.. بس إحنا يهمنا النفوس".

فيديو قد يعجبك: