إعلان

مصراوي داخل منزل شقيقة أحد المتهمين بقتل "ريجيني".. محاولة لفهم ما جرى - (صور)

12:03 ص السبت 26 مارس 2016

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - أحمد الشمسي ومحمد مهدي:

بيوت متلاصقة بجوار بعضها البعض، داخل حارة لا يتعدى عرضها الأربعة أمتار بشارع الأربعين بشبرا الخيمة، يؤرق سُكانها دبدبات أقدام الغرباء، ينظرون من شرفاتهم المتواضعة صوب الداني من حارتهم، يتفحصونه في ريبة، يرمونه بنظرات الغضب والصمت المطبق حتى يطمئنون له، رائحة المنظفات تُعبق أجواء الحارة الساكتة، ممزوجٌ بها رائحة النبيذ وأنواع الخمور المتنوعة من داخل دكان "أبو وليد"، لكن رائحة الخوف أشد حضورا، فلم يتخيل أهالي الحارة الضيقة أن تلك البقعة التي يعيشون فيها ستصبح حديث الجميع في ليلة وضحاها.

قبل كل ذلك، كان الشارع وأهله في حالة سبات اعتيادي، أمس الخميس، كلٌ منشغلٌ بعمله، قبل أن يقطع صمتهم ضجيج سارينة عربتين للشرطة دخلا إلى المكان، ترك صاحب محل الملابس "مَبسم" الشيشة، توقفت بائعة المنظفات عن العمل، طلّ الجميع من شرفاتهم ولهفة المعرفة تأكل قلوبهم، انتفض "أبو وليد" من مجلسه عندما اقترب رجال الأمن من محله، سألوا بحدة عن منزل "رشا" وزوجها "جمال"، ثم صعدوا سريعًا إلى الدور الأخير "غابوا يجي 3 ساعات فوق واحنا منتظرين تحت مش فاهمين حاجة" قالتها صاحبة محل المنظفات.

على نكزات متتالية في جسده، استيقظ "عادل"- جار المطلوبين من قِبل الأمن- مفزوعا "مراتي قالتلي البوليس في البيت عند أستاذ جمال"، هرع إلى النافذة بقلق، انتبه إليه أحد ضباط الشرطة، طالبه بالنزول وإظهار بطاقة الرقم القومي، عاجله بعدة أسئلة عن "رشا" وشقيقها "طارق" المتهمين في قضية كبرى، أصابه الذهول للحظات قبل أن يرد "ساكنين بقالهم سنتين، وناس كويسة، بس مفيش اختلاط ما بينا خالص"، في اللحظة ذاتها عاد رجال الشرطة من أعلى برفقة "رشا" وزوجها وأيديهما مُقيدة بـ "الكلابشات"، فيما بدت علامات الذعر بوضوح على وجوههما "كانوا مخضوضين.. وهما بيتحركوا الظابط بلغني إني أحصلهم على القسم".

التهمة هي تكوين تشكيل عصابي تخصص في سرقة واختطاف المواطنين والأجانب، والمتهمون هم صلاح على سيد، مصطفى بكر عوض، سعد طارق سعد ووالده، وآخر المتهمين شقيق "رشا"، ووفقًا لبيان وزارة الداخلية؛ فإن قوات الأمن تمكنت من تصفية التشكيل، حيث تم استهداف محل إقامة شقيقة المتهم الأخير "رشا سعد عبدالفتاح"، والتى أكدت التحريات تردده عليها فى أوقات مختلفة، وأنها على علم بنشاط شقيقها الإجرامى واحتفاظه بنصيبه من متحصلات جرائمه طرفها حيث أمكن ضبطها وبصحبتها "مبروكة أحمد عفيفى الخالع" (زوجة طارق سعد).

عندما وصل "عادل" إلى قسم شرطة أول شبرا الخيمة، وجد "جمال" يجلس متخذًا ركنًا قصيًا قابضًا بيديه على أيدي زوجته الخائفة وولده الصغير، بادره بالسؤال "ايه يا ابنى اللى بيحصل معاكم؟"، استغرق لحظات قبل أن يرد "معرفش حاجة يا عم عادل والله"، فيما كان يجلس بالقرب منهما "حمادة" - شقيق "رشا" الأصغر - "كان وشه أصفر وعامل زي اللمونة". قبل أن يقاطعهم صوت العسكري مناديًا "عادل" بضرورة الإسراع للإدلاء بأقواله "كان فيه ناس كتير بتتردد عليهم، أخواتهم حمادة وطارق ومراته، اسمها مبروكة"، أخبر النيابة أن عمله كسائق "توك توك" يحتم عليه البقاء خارج المنزل لساعات طويلة، وأن علاقته بالمتهمين لا تتعدى السلامات "بس أمانة لله طارق بقاله زمن مبيجيش لأخته، أخر مرة من 8 شهور تقريبًا"، أثناء خروجه طُلب منه التزام الصمت بكل ما يخص القضية.

حديث الحارة صار صمتًا، لا أحد يتحدث عن الأمر، الجميع خائفون من المصير، ملتزمون برواية الداخلية وأوامرها، "أكيد رواية النيابة صح.. يعني هما هيكدبوا يعني"، يقولها أبو وليد مُتحفظًا، هو رجل فى العقد الخامس من العمر يجلس داخل دُكانه، لهجته صعيدية، ذو شارب كث، بين زجاجات الخمور يظهر وجهه، صاحب محل مشروبات كحولية في الدور الأرضي، رفض الإدلاء بأي تصريحات منوهًا إلى أن الناس لن يتحدثوا بعد التنبيه عليهم من قِبل الشرطة "محدش يتكلم خالص فى الموضوع ده".

وفقًا لبيان وزارة الداخلية، عُثر بداخل شقة "رشا" على حقيبة هاند باج حمراء اللون عليها علم دولة إيطاليا بداخلها (محفظة جلد بنية اللون بها جواز سفر باسم / جوليو ريجينى مواليد 1988، كارنيه الجامعة الأمريكية الخاص به وعليه صورة الشخصية ومدون به باللغة الإنجليزية باحث مساعد، كارنيه جامعة كامبريدج خاص به، فيزا كارت خاصه به، 2 هاتف محمول – كما عثر على حافظة جلدية حريمى مدون عليها باللغة الإنجليزية عبارة LOVE، ومبلغ 5 آلاف جنيه، قطعة داكنة تشبه مخدر الحشيش وزنت 15 جرام، ساعة يد حريمى سوداء اللون، ثلاث نظارات شمسية).

في المساء غادر "عادل" قسم الشرطة برفقة "جمال" لعدم اشتراكه في التهم المنسوبة إلى الأسرة، عندما عادا إلى المنزل كانت الحارة ماتزال على صفيح ساخن، عرف أهل المنطقة أن "طارق" متهما بقتل أجنبي وإخفاء متعلقاته في منزل شقيقته "رشا"، لم يصدقوا الأخبار المتداولة، فسيرة "رشا" وذويها طيبة، يتحدث عنهم الجميع بالحُسنى، لا يصدقون رواية القتل، أو اشتراكهم حتى في تشكيل عصابي، الروايات المتداولة عن زوجها "رجل في حاله.. وغلبان.. وملهوش في المشاكل" يقولون إنه يعمل في محل لحوم بوسط القاهرة فيما يؤكد آخرين عمله بموقف الميكروباصات القريب من منزله.

على ناصية الحارة تجلس سيدة "المنظفات" بعباءتها السوداء تدافع عن جارتها "مش ممكن يكون ليها يد في الموضوع ده"، تؤكد أن الغُلب طابع على الأسرة الفقيرة "دول في حالهم"، قبل أن تُضيف "دي رشا علامة الصلاة على وشها"، وعن شقيقها "طارق" الخمسيني صاحب الطلة الهادئة، الذي يتردد من حين إلى أخر على الشارع بسيارة ملاكي متوسطة المستوى، يصعد إلى أسرته يمكث لساعات، أحيانا لأيام، دون ضجة "اللي يشوفه ميقولش بتاع عصابات وقتال قُتلة" ولم تشاهده صاحبة محل المنظفات منذ ما يقرب من عام - وفق ذاكرتها، في الوقت الذي أشارت وزارة الداخلية في بيانها أن "طارق سعد" - شقيق "رشا" - مسجل شقى خطر "نصب" سبق اتهامه في 24 قضية متنوعة، ومحكوم عليه في 5 قضايا متنوعة بالحبس 4 سنوات.

الحديث لا ينتهي، الألسنة تتناقل روايات عدة، فيما يظل بيت مكون من 4 طوابق في منطقة شبرا الخيمة موصومًا بعار "الخطف والقتل"، أسرة مكونة من ثلاثة أفراد انقض عليهم الحزن، شقة بدون أُم، شرفة مكدسة بملابس نظيفة تنتظر إعادتها إلى مكانها، تتهلل أسارير الداخلية فرحًا للاقتراب من غلق القضية، إيطاليا لا تتفهم الأمر، نشطاء يسخرون من سيناريو الحدث، وتظل آفة الحارة النسيان، بينما يقبع ساكنوها لا ينسوا أبدًا ما حدث.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان