إعلان

بالصور- محافظ رخّص وآخر أزال.. حكاية مكتبة "عم طلعت" بين قرارين

04:10 م الأحد 11 نوفمبر 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

الشرقية - فاطمة الديب:

"الكتب فأس للجليد يكسر التجمدات حول روحنا".. لم يكن فرانس كافكا متأكدًا، وهو يقول العبارة السابقة، عن فضل القراءة والكتاب وأهميتهما للبشرية، أن أناسًا ما في بلد ما، لن يقتنعوا بهذه الحقيقة.

وبعد أقل قليلًا من 100 عام مرت على وفاة كافكا، وعلى بُعد أمتار من محطة قطارات الزقازيق، في أواخر أيام عام 1981، قبل 37 عامًا، بدأت حكاية "عم طلعت" صاحب أقدم كُشك جرائد ومطبوعات في محافظة الشرقية، كانت مشكلته أنه كان مؤمنًا بمقولة كافكا، حتى إن لم يكن يعرفه.

الرجل كان يريد مشروعًا يدر عليه دخلًا، ولا مانع أن يكون سببًا في تثقيف وإنارة عقول من حوله؛ بعدما حاز على ثقة كبرى دور النشر والطباعة الحكومية، ليقترن مجال الكُشك بعرض وبيع مطبوعات تلك الدور من روايات شبابية وكُتب في شتى المجالات.

لكن مع قيام ثورة 25 يناير 2011، أظهرت له الدنيا وجهًا عبوسًا، بعدما تعرضت "الفرشة" لحملات متوالية للإزالة، حتى صدر منشور رسمي من وزارة الداخلية بعدم التعرض لبائعي الصحف أثناء مزاولة نشاطهم ومهنتهم.

مع تولي الدكتور سعيد عبدالعزيز، محافظ الشرقية الأسبق، منصبه محافظًا للإقليم قبل نحو 4سنوات، عرفت الآمال طريقها لقلب عم طلعت مرة أخرى، والذي كان محط اهتمام الرجل الأول بالمحافظة عقب جولة تفقد فيها حال ميدان المحطة، ليُصدر المحافظ وقتها قراره بالموافقة على اقتراح صاحب الكُشك بتجميل المنطقة والتوسع في عرض الكُتب والصحف على حدٍ سواء.

"بناء على الإشارة الواردة إلينا من مكتب معالي السيد محافظ الشرقية بشأن تطوير كشك الجرائد الخاص بكم، وذلك على نفقتكم الخاصة، برجاء تنفيذ ما جاء بالإشارة المذكورة بعاليه".. كان هذا نص خطاب مُسجل بعلم الوصول من قطاع الإشغالات التابعة للإدارة الهندسية برئاسة حي أول الزقازيق، يوم الثلاثاء 15 سبتمبر 2014، تسلمه عم طلعت بسعادة بالغة، تبدلت معه أحوال المكان برمته، بعدما استدان الرجل ليصل بالمكان إلى مكتبة يسعد كل قارئ بدخولها، لكن السعادة لم تدم طويلًا، فمع تولي اللواء خالد سعيد، محافظ الشرقية السابق، منصبه، عادت التهديدات لسابق عهدها وطالت أمن الرجل وآمان "المكتبة"، حيث بدأت الغرامات تتوالى بالآلاف على بائعي الصحف بالمنطقة.

"لما سألنا إيه سبب الغرامات اللي بتيجي علينا ومحاضر الإشغال اللي بتجيلنا رغم إننا مرخصين، عرفت إن اللواء خالد سعيد أمر بتطبيق قرار أقره الدكتور سعيد عبدالعزيز، محافظ الشرقية الأسبق رقم 1080 لسنة 2015، واللي مخليني أستعجب أن القرار لم يتم تنفيذه في عهد صاحبه ولا حتى عهد الدكتور رضا عبدالسلام".. قالها عم طلعت لـ"مصراوي" موضحًا أسباب معاناته طوال عهد المحافظ السابق.

"عم طلعت" اشتكى مرارًا من خطورة تطبيق القرار بفرض الغرامات، وما يُمثله من تهديد واضح ينال من مهنتهم في خدمة الثقافة وصاحبة الجلالة، لكنه عوضًا عن الحل فوجئ بقوات إزالة الإشغالات تهدم المكتبة وتُلقي بالكُتب أرضًا، بدعوى صدور قرار إزالة لم يتم تنفيذه على مدار 5 سنوات.

"كيف يكون هناك قرار إزالة ومحافظ الشرقية الأسبق الدكتور سعيد عبدالعزيز هو من أصدر قرار خاص بتجميل المكتبة، وبناءً عليه قام حي أول الزقازيق بمخاطبتي رسميًا وألزمني بذلك، وهو ما تم".. تساؤل ظل يؤرق "عم طلعت" بحثًا عن إجابة لما خسره الرجل من علمٍ بات مشاعًا لتراب الأرض؛ بعدما تراصت الكُتب فوق بعضها في صفوفٍ تشكو من تسبب في ذلك.

تنهد الرجل قبل أن يشكو بمرارة ما حدث: "الخسائر أكتر من 70 ألف جنيه ويا ريتني أعرف كل دا سببه إيه.. هو يعني ذنبي إني نفذت قرار المحافظ الأسبق وجملت المنطقة".. موضحًا أن ما تم جاء تنفيذًا لقرار الإزالة رقم 38 لسنة 2013، على حد وصف أحد رجال الحملة، إلا أن ما وصل إليه حال المكتبة يدعو للوجع.

"الكُتب بقت مرمية على الأرض وبقيت أعمل عروض عليها علشان أخلص منها بسبب إن ملهاش مكان وببيع الـ10 كُتب بـ15 جنيهًا كأنها خضار مش علم.. حسبي الله ونعم الوكيل".. ينهي "كلعت" حديثه.

فيديو قد يعجبك: