إعلان

خاص| نص مرافعة النيابة العامة في قضية "قطاري الإسكندرية"

03:44 م الخميس 07 ديسمبر 2017

حادث تصادم قطاري الإسكندرية

الإسكندرية – محمد عامر:

استمعت محكمة جنح الرمل ثان بالإسكندرية، اليوم الخميس، لمرافعة النيابة العامة في قضية "حادث تصادم قطاري الإسكندرية" والذي راح ضحيته 43 شخصا وأصيب 196 آخرين، والمتهم فيها 6 من العاملين بهيئة السكة الحديد بينهما قائدي القطارين رقمي 13 و571.

وبدأ المستشار خالد عبدالقوي، رئيس نيابة شرق الإسكندرية الكلية، مرافعته أمام هيئة المحكمة برئاسة المستشار، أحمد عاكف قائلا:"سيدى الرئيس.. إنما جئت اليوم أنقل لحضراتكم شعور محقق عايش وقائع فاجعة بما حوته من آثام وآلام.. ناظر جثث أناس أبرياء.. عاين أحشاء ودماء وأشلاء.. استمع لآهات مكلومين ضعفاء.. ناقش شهودًا عاينوا الموت أحياء".

"ثم تحدث إلى المتهمين عله يجد لهم ملتمسا فلم يجد.. وهنا أدرك أن الأمر بالفعل مأساة.. مأساة أناس أبرياء خرجوا من بيوتهم لتحصيل الرزق الحلال.. خرجوا من بيوتهم لأداء رسالتهم فى الحياة .. فلتقفتهم يد آثمة متخاذلة كلفتهم أرواحهم.. بلا ذنب فعلوه ولا إثم اقترفوه".

وتابع ممثل النيابة:"لست أخاطبكم اليوم بلسان ممثل الإدعاء فحسب.. بل أخاطبكم باسم هؤلاء الضحايا.. الذين تركهم الحادث أشلاء ممزقة بلا حياة.. هؤلاء الضحايا الذين طواهم الزمان في لحظة كأن لم يكونوا .. أخاطبكم باسم أرسهم.. الذين لا هم بالموت أراحوهم.. ولا هم بالأمل أحيوهم".

"أخاطبكم بلسان زوج مكلوم.. وأب محروم.. هؤلاء الذين ما ذهبت صور أبنائهم وذويهم من عقولهم وأذهانهم بعد.. هؤلاء الذين ما جفت دموعهم بعد.. هؤلاء الذين سحقت أمالهم وأحلامهم وبسماتهم عبث فئة ضالة لا تعرف للوظيفة حقا.. ولا تقيم للأمانة وزنا".

تلخص وقائع القضية المطروحة أمام المحكمة في البلاغ الوارد من شرطة النجدة ظهيرة يوم 11 أغسطس الماضي بوقوع حادث تصادم بين القطارين رقمى 571 و13 المتجهين لمدينة الإسكندرية.

وأضيف ممثل النيابة: "بانتقال النيابة العامة لمكان الحادث تواترت أمامنا صور متتالية لا يكفيها سطور مرافعاتنا ولا أوراق التحقيقات لتصورها فهذا مصاب وذاك مبتور وتلك أم باكية تبحث عن أبنائها وهناك الأب المكلوم ينظر لأشلاء نجله أمام عينه لا يعرف كيف تبدلت لحظات الحياة إلى موت".

"من المتسبب في إراقة تلك الدماء؟ من المسؤول عن ذلك الخراب؟ هل هو حظ المجني عليهم العاثر.. كلا.. إنهم 6 ممن سموا أنفسهم بشرا، ممن ائتمنوا على أرواح وأموال فخانوها.. ليتهم أفشوا سرا أو سرقوا أو نهبوا بل أهملوا والإهمال أشد وطأة من كل ما سبق ريثما يكون إهمالا في أرواح بريئة آمنة".

وواصل ممثل النيابة مرافعته قائلا: "المتهم الأول عماد حلمي عباس رشوان قائد القطار رقم 13 قاد قطار الموت دون أن يراعي الأمانة في عنقه.. ودون أن يلتزم بالتهدئة والتوقف للإشارات المنظمة لمسيره مع تعطيله فاعلية جهاز التحكم الآلى بالقطار.. ولم يردع الحادث الجلل المتهم بل تمادى في غيه نافيا مسئوليته عن الحادث".

وأشار إلى أن أقوال كافة مسؤولي السكك السكك الحديد واللجنة المشكلة من النيابة العامة أن الحادث ما كان ليقع لو أن المتهم اتبع تعليمات سلامة التشغيل الخاصة بسير القطار.

وجاء بأقوال "أحمد توفيق إبراهيم"مساعد قائد القطار رقم 13، أن المتهم تجاهل تحذيره له بدلائل السيمافورات غير مكترث بها، بينما قرر "محمود أحمد سعد" فنى مزلقان عزبة الشيخ، أن القطار رقم 13 كان يسير بسرعة متجاهلا تنبيهه له بالتوقف قبل اصطدامه بالقطار الآخر.

كما قرر "فايز فرج عوض عبد النور"، مدير عام التشغيل على الشبكة منطقة غرب الدلتا وآخرين من قيادات السكة الحديد، بأن إهمال المتهم وعدم التزامه بالوقوف وفقا للإشارات الضوئية وتقاعسه عن استخدام مكابح الطوارئ هو السبب الرئيسي للحادث.

ووفقا لتقرير اللجنة المشكلة بمعرفة النيابة العامة وتفريغ ذاكرة جهاز التحكم الآلي للقطار، تبين أن المتهم لم يلتزم بتهدئة سرعة القطار تبعا لدلالات الإشارات الضوئية متجاهلا إياها حتى فوجئ بالقطار رقم 571 على مسافة تقارب 300 متر تقريبا، كما عطل استجابة نظام الرباط الآلي لإشارات التحكم بالقطار وكسر أشارات السيمافورات خلال الرحلة رغم تنبيهات مساعده له.

أما المتهم الثاني "محارب جلال خالد بيومى"، ملاحظ بلوك أبيس، والمنسوب إليه التسبب في وقوع الحادث نتيجة عدم انباهه لتوقف القطار رقم 571 بنطاق ملاحظته وعدم التصريح له بالسير رغم خلو مسيره فأنكر خطأه وقرر بتعطل السيمافور رقم واحد وهو ما لم يثبت صحته.

وأوضح ممثل النيابة أن أقوال مسؤولي السكة الحديد وتقرير اللجنة تؤكد عدم وجود أي أعطال، وتفريغ التسجيلات الصوتية للمحادثات اللاسلكية بين المراقبة المركزية بالقباري والبلوكات ثبت عدم علم المتهم بالقطارات التي مرت من نطاق البلوك المسؤول عنه، وهو ما يتجل مع عدم تواجده بموقع عمله أو على أقل تقدير لم يكن منبها لمهام عمله، ولم يفتح السيمافور رقم "1 ن" ما تسبب في توقف القطار 571 لمدة 11 دقيقة ومن ثم وقوع الحادث.

أما المتهم الثالث "هشام عزيزى مصطفى" مساعد قائد القطار رقم 571، فقد تقاعس وتخاذل عن التواصل مع مراقبة الحركة أو بلوك أبيس بعد فوات المدة المقررة لائحيا.. وإخلاله الجسيم بواجبات وظيفته وإهماله في أداء مهام عمله المنصوص عليها فى البند 409 من لائحة التشغيل للهيئة القومية لسكك حديد مصر.

وتقاعس المتهم الرابع "فرحات عبد الستار فرحات"، قائد القطار رقم 571 هو الآخر عن الاتصال من الهاتف المصلحي مع مراقبة الحركة أو البلوك بعد فوات المقدة المقررة لائحيا، وإلقاء المسئولية على المتهم الثالث.

أما المتهم الخامس"على محمد على يوسف" رئيس القطار 571، فقد تمثل خطأه في الإخلال الجسيم بواجبات وظيفته لعدم قيامه بالاتصال بقائد القطار أو الذهاب إليه فور توقف القطار لمعرفة أسباب التوقف والتأكد من اتخاذه الإجراءات المنصوص عليها لائحيا.

وأضاف ممثل النيابة في مرافعته:"المتهمين الثالث والرابع والخامس لم يقوما بما تفرضه عليهما أصول وظيفتهما بل اختبأوا في جحور متوارية خشية البطش من أهالى الضحايا.

أما المتهم السادس"محمد محمد خليل الدكرورى"، ناظر محطة مراقبة القبارى، فقد غفل عن متابعة انتظام حركة القطارات بنطاق مراقبته والتواصل مع الملاحظين والسائقين، حيث تلزمه اللوائح بمراقبة حركة السيمافورات وعدم ملاحظة مسير القطارات ومتابعة تأخر القطارات أرقام 11، 13، 571، والاتصال بسائقى تلك القطارات لمتابعة تحركاتهم.

وأثبت تقرير لجنة الفحص إهمال المتهمين في أداء عملهم وإخلالهم الجسيم بواجبات وظيفتهم على نحو ما سرد بشأن كل متهم، وهو ما أكده تحريات ضباط مباحث الإسكندرية حول الواقعة، فضلا عن تفريغ ذاكرة جهاز التحكم الآلى الخاص بالقطار رقم 13، وتفريغات التسجيلات الصوتية للمحادثات اللاسلكية التى تمت بين المراقبة المركزية بالقبارى والبلوكات.

واختتم ممثل النيابة مرافعته قائلا:"هؤلاء المتهمون اعمدوا ارتكاب الخطأ متهاونين بأرواح مئات الآلاف ائتمنوهم عليها يوميا فكانت المأساة التى قصصناها.. كانت المأساة التى أودت بحياة ثلاث وأربعين مسافر وأصابت ما يربو على المائة وست وتسعين شخص".

"نحن في مرحلة أمتنا المصرية استشرى الفساد في كافة مناحي الحياة.. فلا إيمان يعظ ولا ضمير يعظ.. فلنجتث بأيدينا بذور الفساد من المجتمع.. فقد حُملنا أمانة الحكم بالعدل لنضرب على أيدى المفسدين بيد من حديد ليكونوا عبرة لغيرهم علها تردعهم عن فتنة الشيطان.. ما وقفت أمام هيئتكم الموقرة إلا وقد ملئت ثقة في عدل حكمكم وسعة علمكم ورصانة تقديركم.. ورادعا لكل من استحل حرمات النفس والمال".

فيديو قد يعجبك: