إعلان

العرب في أوكرانيا.. قلق من اندلاع الحرب وارتفاع تكاليف المغادرة

11:30 م الإثنين 14 فبراير 2022

أوكرانيا

(دويتشه فيله)

يعيش عشرات الآلاف من مواطني الدول العربية في أوكرانيا، وأمام تواتر التحذيرات من احتمال غزو روسي لأوكرانيا، كيف تعيش الجاليات العربية هناك؟ وهل يختلف الأمر بين المقيمين منذ فترة طويلة والطلبة الذين قدموا حديثا للدراسة؟

بينما تعيش القارة الأوروبية على وقع التطورات المتسارعة في شرق القارة على الحدود بين روسيا وأوكرانيا، ويواصل القادة الغربيون جهودهم لنزع فتيل حرب محتملة ، تعيش الجاليات الأجنبية في أوكرانيا موقفا صعبا، بعد طلب كثير من دول العالم من رعاياها مغادرة أوكرانيا فورا.

وانضمت بعض الدول العربية إلى ذلك ودعت رعاياها للمغادرة، وذلك من خلال بيانات رسمية صدرت إما عن السفارات في كييف، مثل السفارة المغربية والسعودية والإماراتية، أو صدرت من قبل وزارة الخارجية مباشرة، كما فعلت كل من الكويت والعراق والأردن وفلسطين والبحرين وقطر ولبنان.

كمال عشير، مواطن مغربي يقيم في مدينة دنيبرو، ثالث أكبر مدينة أوكرانية، وتقع على بعد حوالي 250 كلم عن دونيتسك التي تسيطر عليها القوات الانفصالية في شرق أوكرانيا، وحوالي 450 كلم عن العاصمة كييف.

يقول كمال إن الطلبة الأجانب بشكل عام يعيشون في حالة قلق شديد. ويضيف في حوار مع DWعربية: "إن بعضهم هو بعمر 19 أو 20 عاما، قدموا من المغرب مؤخرا ولم يعايشوا أي حرب في حياتهم".

"قلق، لكن الحياة تسير بشكل طبيعي"

ليس كل العرب المقيمين في أوكرانيا هم من الطلبة، بل إن هناك تنوع في الفئات الاجتماعية التي تعيش في المدن الأوكرانية. فهناك القدماء المقيمين منذ سنوات طويلة، وقدموا إلى أوكرانيا غالبا للدراسة، سواء في العهد السوفييتي أو حتى بعد تفككه، وهؤلاء استقروا هناك وكونوا عائلات، وحصلوا إما على الإقامة الدائمة أو الجنسية. ومنهم الدكتور وائل العلامي، المقيم في كييف، والذي بات يشعر بوجود قلق في أوساط الجالية في العاصمة الأوكرانية. ويؤكد أنه تلقى خلال الساعات الماضية مئات الاتصالات من أبناء الجالية، تسأله عن تقديره للموقف: "والجميع يسأل: هل نغادر؟".

يقول العلامي إن هناك اختلافا كبيرا بين التغطية الإعلامية الخارجية والتغطية الإعلامية داخل أوكرانيا. فالحياة داخل أوكرانيا تسير بشكل طبيعي على كافة الصعد: المدارس والجامعات مفتوحة. الحياة في الشارع طبيعية، "وكذلك وسائل الإعلام ومحطات الإذاعة والتلفزيون تبث برامجها المعتادة ولا توجد تغطية إخبارية استثنائية. أما في بعض وسائل الإعلام العربية التي تتابعها الجالية في أوكرانيا، فالتغطية توحي وكأن الحرب قادمة لا محالة وخلال وقت قريب، وهذا ما خلف بعض الخوف عندهم".

طلبة يريدون المغادرة ولكن الجامعات ترفض السماح لهم

يصطدم العديد من الطلاب بازدواجية من التناقض تثقل كاهلهم: فسفارات بلدانهم تطالبهم بالإسراع لمغادرة أوكرانيا، فيما تصر إدارات الجامعات على عدم السماح لهم بالغياب.

ويتواجد في أوكرانيا حوالي 70 ألف طالب أجنبي. أكبر جالية طلابية هي الجالية الهندية، تليها المغربية ثم النيجيرية فالجزائرية، كأكبر أربع جاليات طلابية، بحسب موقع وزارة التعليم الأوكرانية. ومن بين آلاف الطلبة من دولة كالمغرب، تمكن حتى الآن بضعة عشرات فقط من مغادرة أوكرانيا.

الطالبة المغربية الشابة آية صوفي تقف في طابور مع عشرات من الطالبات والطلبة الأجانب، أمام إدارة الجامعة الطبية في نيبروبيتروفيسك، ينتظرون الحديث مع الإدارة من أجل الحصول على تصريح بالسماح لها بالغياب عن الجامعة إلى حين اتضاح الأمور وزوال خطر الحرب. ولكن الإدارة ترفض منح هذا التصريح حتى الآن، وتصر على ضرورة متابعة الحضور والدراسة.

ويجد الطلبة أنفسهم أمام موقف صعب من عدة جوانب: فالسفارات تقول إن هناك طائرات الآن يمكن السفر على متنها، ولكن في حال اندلاع الحرب، قد تتوقف حركة الطيران من وإلى أوكرانيا، ما سيجعل الإجلاء غير ممكن.

أسعار جنونية لتذاكر الطيران

ومن ناحية أخرى ارتفعت أسعار بطاقات الطيران بشكل جنوني، وبات سعر التذكرة الآن حوالي 1600 يورو من أوكرانيا إلى بعض الدول العربية. والخوف من ارتفاع الأسعار أكثر، كلما ازدادت حدة التوتر.

كما أن عدد الرحلات الجوية المتوفرة قليل جدا، باتجاه الدول العربية، وسيضطر كثيرون، فيما إذا أتيحت لهم الفرصة للسفر عبر الترانزيت في مطارات دول ثالثة.

وبينما وضعت بعض السفارات أرقاما خاصة كي يتواصل مواطنوها في أوكرانيا معها، يفتقد بعض المقيمين العرب في أوكرانيا مثل هذه الخدمة لعدم وجود سفارة لبلدانهم هناك. ومن أكثر المواقف صعوبة هو موقف الجالية التونسية التي تتواصل أصلا مع السفارة التونسية في موسكو، فهي المسؤولة عن أوكرانيا أيضا. ولكن في ظل هذه الظروف الاستثنائية واحتمال اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، يواجه عمل هذه السفارة صعوبة إضافية.

أي توغل عسكري، سيؤدي إلى فرار الكثير من الأوكران باتجاه الغرب، أي دول الاتحاد الأوروبي، كما يقول وائل العلامي. وهنا سيكون الموقف صعبا للطلبة العرب الذين يدرسون أصلا على حسابهم الخاص وحساب أهاليهم، وبالتالي سيتكبدون مبالغ إضافية تثقل كاهلهم.

مشاعر الخوف هذه يأمل كثيرون في تجاوزها وأن تنجلي الغمة قريبا وألا تنشب الحرب، وأن يعود الاستقرار، كي يتمكنوا من مواصلة دراستهم وعملهم وحياتهم المعتادة.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: