إعلان

مفاوضات سد النهضة: ما ملامح "الاتفاق الوشيك"؟ وما الخيارات المتاحة؟

09:57 ص الأحد 28 يونيو 2020

سد النهضة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا أسامة:

يترقب العالم التوصل إلى اتفاق يضع حدًا لأزمة ملف سد النهضة المتواصلة منذ 10 أعوام، بطريقة دبلوماسية تحفظ الحقوق المائية للدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان)، لا سيّما بعد إعلان أديس أبابا وضع اللمسات الأخيرة مع القاهرة والخرطوم بشأن اتفاق وشيك يُتوقع إعلانه في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.

جاء ذلك بعد ساعات من موافقة إثيوبيا على تأجيل البدء في ملء خزان السد حتى التوصل إلى اتفاق، وذلك إثر مباحثات وصفتها أديس أبابا بـ"المثمرة" خلال قمة مُصغرة عُقدت مساء أمس الجمعة لرؤساء الدول الأعضاء بهيئة مكتب رئاسة الاتحاد الأفريقي عبر تقنية الفيديو كونفرانس.

تتركز أبرز النقاط الخلافية حول السد في القواعد الخاصة بملئه وفتراته والتعامل معها، وفترات التشغيل، وقواعد التعامل مع الجفاف والجفاف الممتد خلال فترات الملء، وتوليد الطاقة الكهرومائية وتحقيق التنمية التي تنشدها إثيوبيا دون إحداث ضرر جسيم على دولتيّ المصب: مصر والسودان.

ويتوقع عطية عيسوي، الخبير في الشؤون الأفريقية، أن يتم حل الخلافات المتبقية حول ملء وتشغيل السد. وهذه الخلافات تمثل، بحسب التصريحات المصرية والسودانية والإثيوبية، ما بين 5% و10% من حجم الاتفاق وتتركز بشكل أساسي حول النواحي القانونية الخاصة بجعل الاتفاق مُلزمًا لكل الأطراف، ويتضمن آلية لفض الخلافات المُحتملة خلال التشغيل أو الملء.

"تطور جيّد.. ولكن!"

اتُفق في ختام القمة على "تشكيل لجنة حكومية من الخبراء القانونيين والفنيين من مصر والسودان وإثيوبيا، إلى جانب الدول الأفريقية الأعضاء بهيئة مكتب رئاسة الاتحاد الأفريقي، وكذا ممثلي الجهات الدولية المراقبة للعملية التفاوضية، بهدف الانتهاء من بلورة اتفاق قانوني نهائي ملزم لجميع الأطراف بخصوص قواعد ملء وتشغيل السد".

وأكّد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي محمد، حل أكثر من 90 بالمائة من القضايا العالقة. كما أعلن السودان، قبل أيام، أنه تم التوافق على أكثر من 90 بالمائة من القضايا الفنية الرئيسية، لا سيّما الملء الأولي، والتشغيل السنوي، وتدابير التخفيف.

فيما لا تزال هناك خلافات حول القضايا ذات الطبيعة القانونية الملزمة وآلية حل النزاعات بشأن السد. وقال وزير الإعلام السوداني فيصل صالح إن "نقاطًا قانونية وفنية" عرقلت التوصل إلى اتفاق "ويتم العمل على تجاوزها".

وفي حين اعتبر عيسوي ما حدث "تطوّرًا جيدًا" على طريق حل المشكلة، قال إن التوصل إلى اتفاق "ليس مضمونًا مائة بالمائة".

وعزا ذلك، في تصريحات لمصراوي، إلى أنه "سيتوقف على حُسن نية إثيوبيا من ناحية، ومدى فاعلية آلية عمل اللجنة المُشكّلة من القمة الأفريقية المُصغرة لوضع التفاصيل القانونية الخاصة بحل المشكلات المتبقية، وكذلك على ما إذا كان للمُراقب الأمريكي والأوروبي والأفريقي حق في التدخل والنقاش وطرح للحلول، أم الاستمرار كمراقبين فقط للمفاوضات- كما كانت تريد إثيوبيا".

ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أمس السبت، ستبدأ أديس أبابا ملء خزان السد في غضون أسبوعين، وهي المدة التي حددتها، بالاتفاق مع مصر والسودان، للتوصل إلى اتفاق، كما ستواصل أعمال البناء التي أُنجز منها إلى الآن 73 بالمائة.

ما الخيارات الأخرى المُتاحة؟

أمام الاتحاد الأفريقي أسبوعان للمساعدة في التوصل إلى اتفاق من خلال اللجنة المؤلّفة لحل القضايا القانونية والفنيّة والمُعلّقة.

وأشار عيسوي إلى أنه إذا تم التوصل إلى حلّ خلال أسبوعين أو ثلاثة - كما توقعت إثيوبيا وتتمنى مصر والسودان- كان ذلك جيدًا. وإذا لم يتم ذلك فستعود القضية مرة أخرى إلى مجلس الأمن الدولي بطلب من مصر والسودان- أو على الأقل من مصر.

وقال الخبير في الشؤون الأفريقية إنه ثمة 4 خيارات يُمكن لمجلس الأمن اللجوء إليها حال فشلت الأطراف الثلاثة في التوصل إلى اتفاق.

وتتمثل خيارات مجلس الأمن، بحسب عيسوي، في: "دعوة المجلس الأطراف الثلاثة إلى التفاوض بحُسن نية للتوصل لاتفاق، أو تشكيل لجنة من طرفه مكونة من خبراء المياه والقانون الدولي في العالم لبحث القضية والتحكيم فيها، أو إحالة القضية لمحكمة العدل الدولية باعتبار أن الخلافات تركز أساسًا على نواحٍ قانونية، أو إصدار قرار مُلزم لإثيوبيا بعدم البدء في ملء البحيرة إلا بعد التوصل إلى اتفاق".

كل هذه الخيارات المُحتملة يُمكن أن تدفع إثيوبيا، من وجهة نظر عيسوي، إلى محاولة حل الخلافات والتوصل إلى اتفاق خلال مفاوضات الخبراء القانونيين والفنيين الخاصة بالسد، وفقًا لقرار القمة الأفريقية المُصغرة، بدلًا من يُفرض عليها القرار من قِبل مجلس الأمن الدولي.

كانت إثيوبيا أعلنت قبل أسبوع أنها ستبدأ ملء السد مع موسم الأمطار في يوليو، حتى لو لم يُتوصل إلى اتفاق، فيما أحالت مصر الملف لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من أجل التدخل لحل الأزمة.

ما المرجعيات المُحدة للاتفاق المُنتظر؟

أكدت مصر في رسالتها إلى مجلس الأمن أن المفاوضات لن تبدأ من الصفر وإنما ستأخذ في الاعتبار ما تم الاتفاق عليه مُسبقًا، ما يعني أن الاتفاق المُرتقب سيستند إلى الاتفاق الذي أعدّته واشنطن ووقّعت عليه القاهرة بالأحرف الأولى قبل 4 أشهر، وإعلان المبادئ الموقّع في 23 مارس 2015، وأيضًا المسوّدة التي قدّمها السودان خلال جولة المفاوضات الأخيرة.

"وثيقة واشنطن"

في وقت سابق من الشهر الجاري، أعلن الجانب المصري تمسكه بوثيقة صاغتها الإدارة الأمريكية والبنك الدولي حول كيفية ملء وتشغيل السد، كأساس للتفاوض.

وصدرت الوثيقة المعروفة باسم "وثيقة واشنطن" في خِتام اجتماع حضرته مصر والسودان وقاطعته إثيوبيا في فبراير، برعاية البنك الدولي ووزارة الخزانة الأمريكية، وكان مُقررًا أن يتم التوقيع خلاله على اتفاق نهائي غير أن اعتذار أديس أبابا عن الحضور حال دون ذلك وأدخل المفاوضات في حلقة مُفرغة جديدة لم تُحلحل إلا بمبادرة سودانية نجحت في استئنافها مُجددًا في 17 مايو.

ووفق الوثيقة التي صاغتها الخزنة الأمريكية ووقّعت عليها مصر بالأحرف الأولى، أكّدت واشنطن على أهمية عدم البدء فى ملء السد بدون إبرام اتفاق بين مصر وإثيوبيا والسودان.

وشملت الوثيقة قواعد محددة لملء وتشغيل السد، وإجراءات لمجابهة حالات الجفاف والجفاف الممتد والسنوات الشحيحة، وآلية للتنسيق، وآلية ملزمة لفض النزاعات، وتناول أمان السد، والانتهاء من الدراسات البيئية.

وأبرز بنود تلك الوثيقة:

- الاتفاق على جدول يتضمن خطة ملء السد على مراحل.

- الاتفاق حول آلية تشغيل السد خلال الظروف الهيدرولوجية العادية.

- الاتفاق على آلية التنسيق لمراقبة ومتابعة تنفيذ الاتفاق وتبادل البيانات والمعلومات.

- الاتفاق على آلية فض المنازعات، فضلاً عن تناول موضوعات أمان السد .

- الاتفاق على اتمام الدراسات الخاصة بالآثار البيئية والاجتماعية للسد.

- الاتفاق حول الآلية التي تتضمن الإجراءات ذات الصلة بالتعامل مع حالات الجفاف والجفاف الممتد والسنوات الشحيحة أثناء الملء والتشغيل.

في المقابل، عارضت إثيوبيا ذلك الاتفاق ورفضت توصيف بنوده باعتبارها "مبادئ توجيهية وقواعد تحكم الملء الأول والتشغيل السنوي للسد"، وقدمت وثيقة تتضمن عدم التزامها بمراقبة حجم الملء أو التخزين، وعدم الاعتراف بحقوقمصر المائية، وضمان تصريف الحصص المائية المقررة باتفاق واشنطن.

الأمر الذي تحفّظت عليه كل من القاهرة والخرطوم لكونها تمثل "تراجعاً كاملاً عن المبادئ والقواعد التي سبق وأن توافقت عليها الدول الثلاث في المفاوضات التي جرت بمشاركة ورعاية الولايات المتحدة والبنك الدولي".

"مسودة الخرطوم"

كما قدّمت الخرطوم خلال جولة المفاوضات الأخيرة التي أُجريت عبر الفيديوكونفرانس، مسوّدة وصفتها بأنها "شاملة وعادلة ومتوازنة وتمهد الطريق لإبرام صفقة شاملة ونهائية"، واعتبرت

ووفق رسالة قدّمها السودان إلى مجلس الأمن، الخميس، فإن "مسودة الاتفاقية المؤرخة 14 يونيو 2020، والتي قُدمت قرب نهاية الجولة الأخيرة من المفاوضات، تمثل أفضل نص توفيقي حيث سعى المشروع إلى استيعاب مصالح واهتمامات جميع الأطراف".

ودعت الخرطوم في رسالتها إلى ضرورة إثناء جميع الأطراف عن أي إجراءات أحادية، بما في ذلك البدء في ملء خزان السد قبل التوصل إلى اتفاق"، مُشيرة إلى أن الزمن المُتاح للتوصل إلى اتفاق "ضيق وحرج".

كما دعت إلى "العمل بجد للوصول للحظة تاريخية في حوض النيل، وتحويل السد إلى مُحفّز للتعاون بدلا من سبب للصراع وعدم الاستقرار".

وأبرز بنود تلك المسودة، بحسب تقارير سودانية:

- ملء السد على مراحل، مع تسريع الملء أو تباطؤه وفقًا لكمية المياه في النهر، على أن تتم التعبئة خلال شهري يوليو وأغسطس، وربما في سبتمبر، إذا كان مستوى المياه خلال ذلك الشهر أعلى من المتوسط.

- تعبئة السد، بمجرد الملء الأولّيله، موسميًا خلال موسم الفيضان (يوليو، واغسطس، أو سبتمبر). وفي حالة حدوث جفاف، يتم الرجوع لقواعد الملء الأولي، والاستفادة بالمخزون الاستراتيجي المحجوز في السد، حيث يتم تحريره لتوليد الطاقة.

- تبنّي آلية لتبادل البيانات على أساس شهري بين خزان سد النهضة وخزانات دولتيّ المصب، مع تبادل البيانات يوميًا مع سد الروصيرص بسبب قربه من سد النهضة، وذلك لضمان التشغيل الآمن لخزانه الذي يبلغ حجمة عُشر حجم السد الإثيوبي.

- عدم الإشارة إلى أي معاهدات مائية قائمة مسبقًا لضمان عدم اعتبار أي طرف، من خلال التوقيع على الاتفاقية، ضمنًا أو من غير قصد على أنه اعترف باتفاقية ليست طرفًا فيها.

- التأكيد على عدم المساس بحقوق أي من الدول الثلاث في التطورات الحالية والمستقبلية بشأن سد النهضة.

- إدراج بند ينص على أن "الاتفاقية ملزمة قانونًا ولا يمكن تعديلها أو إنهائها بدون موافقة الأطراف الثلاثة".

- التزام الأطراف الثلاثة باستكمال "تقييمات الأثر البيئي والاجتماعي العابرة للحدود ذات الصلة".

"إعلان المبادئ"

حملت المادة العاشرة من الاتفاق الموقّع في 23 مارس 2015 اسم "مبدأ التسوية السلمية للمنازعات".

وتنص على أن: "تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتهم الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقًا لمبدأ حسن النوايا. وإذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول أو رئيس الحكومة".

وفي أكتوبر الماضي، طالبت بالاستناد إلى المادة العاشرة، وذلك إثر تعثّر المفاوضات للمرة الثالثة خلال 5 أعوام بسبب تعنّت الجانب الإثيوبي ورفضه كافة الأطروحات التي تضمن حماية مصالح مصر المائية، خلال جولة المباحثات التي عُقدت في العاصمة السودانية الخرطوم وقتذاك.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان