إعلان

الاستثمار العربي.. ضمانة الأمن القومي

المستشار طاهر الخولي

الاستثمار العربي.. ضمانة الأمن القومي

المستشار طاهر الخولي
12:57 م الخميس 18 سبتمبر 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تابعنا على

في ظل عالم يموج بالأزمات الاقتصادية والتقلبات السياسية، لم يعد خيار التكامل الاقتصادي العربي رفاهية أو ترفًا سياسيًا، بل ضرورة وجودية تمثل درعًا واقيًا للأمن القومي العربي. ومن بين الدول العربية تبرز مصر كوجهة استثمارية ذات ثقل استراتيجي، بما تمتلكه من قوة بشرية تتجاوز 100 مليون مواطن، وجيش وطني قوي يحمي مقدراتها وموقع جغرافي يجعلها قلب العالم العربي ومركز ثقله.

مؤخرًا.. كشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن الاستثمارات العربية في مصر بلغت نحو 41.5 مليار دولار في العام المالي 2023/2024 مقارنة بـ 7.3 مليار دولار في العام السابق؛ كان نصيب الإمارات منها وحدها 38.9 مليار دولار. هذه القفزة ليست مجرد أرقام، بل مؤشر على ثقة متزايدة في بيئة الاستثمار المصرية، وإدراك حقيقي بأن الاستثمار في الداخل العربي أكثر أمانًا وجدوى من توجيه الأموال إلى أسواق خارجية.

على الجانب الآخر، تظهر التجارب أن الأصول العربية في الخارج معرضة دومًا للمخاطر السياسية والقانونية. فقد جُمِّدت أصول ليبيا بعد ثورة 2011، وضاعت أموال بمئات المليارات. كذلك تم التحفّظ على ممتلكات لبنانية في أوروبا ضمن قضايا فساد، وأُوقفت أصول مصرية في بريطانيا. هذه الأمثلة تعكس حقيقة ثابتة: الاستثمار في الغرب رهين بالتقلبات، بينما الاستثمار في الداخل العربي يحمي رأس المال ويحفظ السيادة.

وتمثل مصر حالة فريدة تجمع بين الاستقرار السياسي والقدرة العسكرية والسوق الاستهلاكي الضخم والموقع الجغرافي المحوري. فالمستثمر الذي يضع أمواله في مصر لا يربح فقط عوائد اقتصادية، بل يشارك في بناء بيئة عربية قادرة على الصمود أمام الابتزاز الخارجي، ويضمن أن ثمار استثماره تعود على الشعوب لا أن تتبخر مع قرار سياسي غربي أو أزمة قانونية عابرة.

إن الاستثمار في مصر يعني: المشاركة في سوق يزيد عن 100 مليون مستهلك... الاستفادة من موقع استراتيجي يربط آسيا بأفريقيا وأوروبا... العمل في ظل جيش قوي يحمي مقدرات الدولة ويشكل ضمانة للأمن القومي العربي.

المساهمة في تنمية بنية تحتية تتطور بوتيرة متسارعة، من شبكة طرق حديثة إلى مناطق صناعية ولوجستية متكاملة.

رفع شعار "الأمن القومي اقتصاديًا أولًا" لم يعد مجرد دعوة نظرية. فحين تُضَخ الاستثمارات داخل المنطقة العربية فإنها تخلق فرص عمل، تنقل التكنولوجيا وتبني جسور الاعتماد على الذات.

في المقابل، الأموال المهاجرة إلى الغرب تظل عُرضة للتجميد والمصادرة، والنتيجة أن الخاسر الأكبر هو الشعوب العربية... لذلك، في رأيي، بناء منظومة استثمارية عربية متكاملة يحتاج إلى:

توحيد الاتفاقيات العربية لتأمين الاستثمارات وضمان حقوق المستثمرين.

شفافية تشريعية تتيح وضوح الرؤية حول المخاطر والفرص.

آليات قضائية عربية متخصصة للفصل السريع في المنازعات الاستثمارية.

ترسيخ مبدأ السيادة الاقتصادية بحيث لا تصبح الأموال العربية أداة للمساومة الخارجية.

الخلاصة: إن مصر ليست مجرد سوق كبير أو وجهة استثمارية واعدة، بل هي مفتاح التكامل الاقتصادي العربي ودرع من دروع الأمن القومي. الاستثمار فيها يعني ضمان العوائد وحماية رأس المال وتعزيز السيادة العربية في مواجهة الضغوط الخارجية.

فالخيار أمامنا واضح: إما أن نواصل هجرة رؤوس الأموال إلى الخارج حيث المخاطر والمصادرات، أو نضع استثماراتنا في قلب الأمة حيث السوق الواعد والجيش الحامي والمستقبل الزاهر... ومصر هي البوابة الأوسع لهذا الطريق.

إعلان

إعلان