إعلان

وهكذا باع «الإخوان» المشروع الإسلامي بـ«مرسي وكام كرسي»

وهكذا باع «الإخوان» المشروع الإسلامي بـ«مرسي وكام كرسي»

09:18 م الخميس 06 يونيو 2013

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - تامر أبو عرب:

1-      

80 عاما قضاها الإخوان المسلمون لإقناع الناس بأن الإسلام هو الحل وبأنهم هم الإسلام وبالتالي هم الحل.   عام واحد كان كافيًا ليثبت «الإخوان» أنهم ليسوا الإسلام، وأنهم ليسوا الحل، وبالتالي هم المشكلة.   مبدئيا الإسلام لم يكن في اختبار ليفشل فيه، وجوهر خلافنا مع فصائل الإسلام السياسي تصميمها على إقحام الدين في تجربة ربما تفشل وربما تنجح، فيتحمل الإسلام مسؤولية فشل لم يشارك فيه، أو ينسب إليه نجاح لا يحتاجه ليثبت أنه دين شامل. المكاسب إذن لا تستحق المخاطرة.   تقدم فصائل الإسلام السياسي غالبا برامج وأفكارا لتأديب المواطنين لا لإخراجهم من مستنقع الفقر، وتصنع لنفسها دورًا أبويًا يتلخص في تعليمهم الفضائل والحيلولة بينهم وبين الرذائل، بينما تتنصل من الجوانب الأخرى لهذا الدور الأبوي والمتمثلة في مسؤولية الأب عن تعليم أبنائه والحفاظ على صحتهم وتوفير مستوى معيشة كريمة لهم.   قدّمت جماعة الإخوان المسلمين نفسها على أنها البديل للنظام الحاكم والقادرة على تنمية موارد البلاد وإقالتها من عثراتها الكثيرة، لكن من يقف على البر يتوهم دومًا أنه بارع في السباحة، فعندما صعدت إلى كرسي الحكم بدت الجماعة تائهة بين فكرة عالمية لدعوتها، ومشروع داخلي خاص بالحالة المصرية، فلا طالت هذا ولا ذاك.   النتيجة لكل ذلك أن جماعة الإخوان فشلت في تقديم تصورها الخاص – الذي تسميه تجاوزًا إسلاميًا – عن الحكم، فبدت غير مهتمة بشواطئ العراة التي طالب الإسلاميون مرارًا بإلغائها واستبدالها بأنواع أخرى من «السياحة الحلال»، ولم تقدم مشروعا بديلا لما كانت تسميه بنوكا ربوية، بل استعانت بها مرارًا لمعالجة عجزها الاقتصادي، ولم تبد حماسا في تطبيق الحدود، وتمادت في كرمها فمدت تراخيص الملاهي الليلية سنة إضافية.   على النقيض تمامًا سارت الجماعة على درب الحزب الوطني ونظام مبارك، فأكملت بكفاءة أقل سياسته الاقتصادية القائمة على عبادة المستثمرين وتضخم رؤوس الأموال، وسياسته الاجتماعية التي اعتمدت على تهميش العدالة الاجتماعية وسد عجز الموازنة من جيوب الفقراء، وفكره السياسي المعتمد على الاستحواذ والمغالبة وإقصاء الكفاءات لصالح الولاءات، لتعترف ضمنيا بفشل مشروعها «الإسلامي» الذي كان سُلمًا صعدت به فقط إلى كرسي الحكم.   ونجحت الجماعة فقط في إقناع أعضائها بما يسمى التطبيق التدريجي للتجربة الإسلامية بالنظر إلى الظروف الداخلية والخارجية، واستنادا إلى فقه الضرورة، مع شحنهم بمزيد من الكراهية لمنافسيهم السياسيين لضمان عداوة دائمة بينهم وبين الجميع، ومن ثم بقاء أبدي بين صفوفها ودفاع مستميت عن فشلها.   الخُلاصة: كان المشروع الإسلامي سُلمًا تنتهي درجاته عند مكتب حسني مبارك في قصر الاتحادية.

2-      

الموضوع أبسط مما تتخيل.

الإسلام وضع قواعد عامة ولم يضع نظام حكم مكتمل الأركان، ونظرة واحدة على كتب التاريخ تؤكد أن الخلفاء الراشدين أنفسهم تأرجحوا في سياساتهم الاقتصادية بين الليبرالية والاشتراكية وخرجوا بخليط أقرب إلى الليبرالية الاجتماعية الحالية، حيث كانت تحترم الدولة الملكية الخاصة للأفراد، وتتدخل في الوقت نفسه لحماية الفقراء وكفالة غير القادرين.

أربعة من الصحابة المبشرين بالجنة تركوا خلفهم مئات الآلاف من الدنانير، وهم طلحة بن عبيد الله, والزبير بن العوام, وعبد الرحمن بن عوف, وسعد بن أبي وقاص, فطلحة بن عبيد الله مثلا قدرت ثروته بمليونين و200 ألف درهم, و200 ألف دينار، فلم تجبرهم الدولة على إذابة أموالهم في أصولها أو تؤممها وتطالبهم بالتقشف، وهذا جوهر الليبرالية، أما الفكر الاشتراكي في دولة الخلفاء الراشدين فقد تمثل في بيت مال المسلمين الذي كان يُنفق منه على الفقراء واليتامى ومستحقي الدعم.

سياسيًا اختير الخلفاء الراشدون الأربعة بأربع طرق مختلفة، حيث جاء أبو بكر الصديق بالانتخاب الاستشاري على مرحلتين، البيعة الخاصة التي تمت في السقيفة والبيعة العامة التي تلتها في المسجد، بينما جاء عمر بن الخطاب بالعهد، حيث عهد إليه أبو بكر بالخلافة من بعده، بعد أن استشار كبار الصحابة.

أما عثمان بن عفان فجاء بطريقة الشورى حيث حدد عمر وهو على فراش الموت مجلسا استشاريا من 6 أشخاص وابنه عبد الله سابعهم شرط ألا يكون مرشحا، وعهد إلى هذا المجلس باختيار الخليفة، فيما تولى علي بن أبي طالب الخلافة بطريقة الاختيار بعدما بايعه قتلة عثمان.

اجتماعيًا لم تتدخل دولة الخلفاء الراشدين لفرض الأخلاق وإن حضت وشجعت عليها طوال الوقت، وعندما أراد عمر بن الخطاب أن يفعل ذلك قفز جدار منزل يعاقر فيه بعض رعيته الخمر، وقبل أن يقتادهم إلى حيث العقاب، قالوا له: «لا تعجل علينا يا أمير المؤمنين، نحن ارتكبنا إثماً وأنت ارتكبت ثلاثة، لم تستأذن ولم تأتنا بالباب وتجسست».

هذه الرواية ينفيها بعض العلماء، ليس بإسناد الجبن على من كانوا بالدار، بل بإسناد مكارم الأخلاق على عمر رضي الله عنه، حيث لم يكن جاسوساً ولا منتهكاً لخصوصيات شعبه لحد القفز من فوق أسوار منازلهم، لكن هذا النفي أيضا يؤكد أن الدولة لم تكن تشغل بالها بما يفعله الناس داخل منازلهم، وإن قننت سلوكهم في الشارع، فإن ذلك يعبر عن احترام حريات الناس الذين من حقهم ألا يروا في الشارع ما يسيئهم، وليس انتهاكًا لحرية الفرد، وهذا هو أساس القانون الحديث.

فارق ضخم بين دولة الخلفاء الراشدين ودولة الإخوان، ففي دولة الراشدين حكام طبقوا الشريعة على أنفسهم لصالح الشعب، وفي دولة الإخوان حكام يطبقون الشريعة على الشعب لصالحهم. لا يستويان مثلًا.

إعلان

إعلان

إعلان