إعلان

بعدما قُتلت غدرا في أمريكا.. مصراوي يحاور والدة المصرية نبرا حسنين

11:33 ص الثلاثاء 20 يونيو 2017

الفتاة النوبية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-دعاء الفولي:
حين ذهبت نور حسنين ذات العشرة أعوام أمس إلى مدرستها، غالبها البكاء. ظل زملاؤها يسألونها عن أختها الأكبر نبرا؛ ماذا حدث لها؟، هل سيتم معاقبة من قتلها؟. أخذوا يواسونها، فيما شجعتها مديرة المدرسة على اللعب معهم، ربما تتناسى أنها لن تجد شقيقتها في المنزل بعدما تعود.

في الخامسة والنصف من فجر الأحد الماضي، سمعت سوسن الجزار طرقا عنيفا على باب البيت الكائن بولاية فيرجينيا الأمريكية، ذهبت بصحبة زوجها لتفتح الباب "لقينا ظابط شرطة بيقول نبرا اختفت وبندور عليها"، لم تفهم الأم ما حدث، ركبت السيارة لجانب الزوج، توجّها لمحيط مركز "آدامز" الإسلامي، القابع على بُعد 6 دقائق بالسيارة من المنزل.

1

في مكان الحادث كانت روايات أصدقاء نبرا "مفجعة"؛ فبعدما انتهوا من صلاة القيام حوالي الثانية والنصف فجرا، ذهبوا لتناوي السحور في مطعم قريب من المركز "كان في ولد سكران شتمهم وهو في العربية فالولاد اللي معاهم ردوا عليه"، لكنه بدأ في إلقاء زجاجات الخمر في اتجاههم، قبل أن ينزل منها ويطاردهم بعصا بيسبول حديدية "الولاد اتفرقوا وجريوا بس نبرا كانت لابسة عباءة الصلاة بتاعتي وكانت طويلة عليها شوية.. فاتكعبلت ووقعت والولد ضربها على دماغها".. حسبما تروي والدة الشابة في اتصال هاتفي مع مصراوي.

خلال دقائق وبمجرد أن وصل الأصدقاء لمركز "آدامز" أدركوا أن نبرا ليست معهم "بلغوا الأمن والشرطة وصلت المكان". بدأت رحلة البحث عن الفتاة في المقاطعات الأخرى لأكثر من ساعتين، قبل أن يعود القاتل بنفسه لمكان الحادث "تقريبا كان رمى العصاية فبيدور عليها". هُناك وجد الشرطة في انتظاره "لقوا في العربية آثار دم واعترف إنه رمى نبرا في بحيرة قريبة من المكان وراحوا لقوها"، لم تحتَج الشرطة مجهودا لتدرك أن الفتاة الراقدة أرضا قد فارقت الحياة.

مرت أكثر من 48 ساعة لم تر فيهم الجزار ابنتها "عشان لسة فيه تشريح للجثمان لكن الشرطة بعتت صور لوالدها عشان يتعرف عليها وقال إنها هي". انخلع قلب الأم وقتما حاولت تخيل ما جرى للفتاة التي كانت تدرس بالصف العاشر "وكانت حبيبتي عندها امتحان امبارح.. آخر مادة في السنة".

2

منذ وقع الحادث لم يخلُ المنزل من الجيران والأصدقاء. جاءوا من كل مكان "بقالهم يومين مسابوناش سواء العرب زينا أو الأمريكان اللي جم قدموا العزاء". بين ذلك الزحام، تطارد تفاصيل الشابة الراحلة والدتها؛ ملابسها الملقاة بإهمال حول الدولاب، مستحضرات التجميل التي تفننت في شرائها، الكتب الدراسية وصورها بصحبة الأصدقاء. تتسلل السيدة خفية ممن حولها لتلقي نظرة على غرفة نبرا "كنا لسة هنكمّل فرشها بسرير جديد"، إذ طلبت الفتاة منذ شهرين أن تحصل على غرفة بمفردها "قالتلي أنا كبرت يا ماما"، لكن امتحانات نهاية العام أجّلت خطط الانتقال.

أمام الزائرين تقف الأم متماسكة. تسمع لكلام صديقاتها اللاتي يتابعن صدى ما جرى لنبرا على مواقع التواصل "بيقولوا لي الناس كانت بتحب بنتك أوي وعاملين حملات للتبرع لها"، تُحاول الابتسام في وجوههن، تحتضن طفلتها نيرة-الشقيقة التالية لنبرا- ذات الأحد عشر عاما، إذ لم تقوَ على الذهاب للمدرسة، عكس نور، فيما يخفف عن الجزار قليلا عندما تعلم أن مدرسة "ساوث لايكس" ارتدت السواد بالكامل حزنا على رحيلها، وزار مديرها الأبوين لتقديم واجب العزاء.

كانت نبرا هادئة الطباع "بس معانا ومع صحابها بتهزر ومنطلقة". تتذكر الجزار مدى قُربها من أصدقاء الدراسة، إذ فاجئوها بحفل لعيد ميلادها في 14 إبريل الماضي، بينما هم رفقاء درب المسجد كذلك "مركز آدامز بعيد عن بيتنا 10 دقايق.. بنتجمع فيه كمسلمين كل سبت وأحد لحفظ القرآن". المنطقة التي تسكن بها الأسرة نوبية الأصل آمنة للغاية "معظم اللي فيها نوبيين ودايما بيوتنا مفتوحة على بعض"، غير أن محيط المسجد ليس على نفس الدرجة من الأمان، لذا كانت أحد الأمهات دائما توصل الفتيات بسيارتها إلى المسجد وتعود بهن عقب انتهاء حلقة القرآن.

3

لم تداوم نبرا على صلاة القيام بالمسجد "رمضان اللي فات راحت مرتين فقط"، أما ذلك العام فكانت المرة الأولى هي الأخيرة "هي اللي اختارت اليوم وقالتلي إنها هتعزم صحابها على الأكل". الأمور المادية لم تعنِ للشابة الراحلة الكثير "دايما أقولها إنتي مبذرة وتحبي تصرفي"، كانت عيناها تلمعان حين ترى محلات الملابس والموضة الحديثة "ميولها كانت في الاتجاه دة وبتفهم فيه كويس".

اعتادت أسرة نبرا العودة لمصر كل 4 أعوام "نروح أسوان عشان نشوف أهلنا وحبايبنا في قرية أبو سمبل"، أحبّت الفتاة القرية الصغيرة "يمكن أكتر من القاهرة لأنها هدوء"، كانت تنفصل عن عالم أمريكا بمجرد أن تعود لهناك، رغم صغر سنها، بل ويطير قلبها فرحا عندما تساعد أخواتها الثلاث الأصغر سنا في فهم المصطلحات النوبية والعربية.

بيت الفتاة المزدحم لم يقتصر على الأصدقاء فقط "محافظ الولاية جه وزوجته.. ووعدونا إنه الشاب هيتم معاقبته بأسرع ما يمكن". داروين مارتينيز هو اسم مرتكب الجريمة، عمره لا يُجاوز 22 عاما، تنتظر فيه الوالدة حكما بالإعدام، بعدما حددت المحكمة جلسة 19 يوليو المقبل للحكم النهائي، عالمة بأن الجنسية الأمريكية التي حصلت عليها نبرا بمجرد ولادتها، ستجعل الحكم في صالحهم أكثر.

4

لم تصنف الشرطة ما حدث مع نبرا حتى الآن كـ"جريمة كراهية"، لكن والدتها لا تعبأ بذلك "كل اللي أعرفه إنه بنتي كانت مسالمة وتم ضربها وجثمانها دلوقتي في المستشفى مستني التشريح". ما أن تنتهي الإجراءات الرسمية، ستذهب الوالدة والوالد لاستلام ابنتهما ثم تغسيلها، تمهيدا للدفن وإقامة الجنازة غدا في الثالثة عصرا. تحمل الجزار همّ لحظات الوداع، بعد أن توصل صغيرتها للمثوى الأخير، ثم ينفضّ جمع الأصدقاء، وتعود لغرفة نبرا فتجدها خالية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان