إعلان

في مهرجان الصعيد.. "التغريبة" عرض مسرحي ينقل أوجاع غربة الصيادين إلى أسيوط

04:48 م الجمعة 18 أكتوبر 2019

عرض التغريبة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

ريفيو-رنا الجميعي:

الصبح قريب يا رفيق.. لطالما كانت تلك الأمنية تسكن الأنفس بشعور الأمل، فتُذلل تجارب الحياة الصعبة، وهي تعويذة الأمل التي ظلّ صيادو البحر والأهل المنتظرين عند البر يرددونها داخل أنفسهم، وفي ليلة جميلة بصعيد مصر، تحديدًا مدينة أسيوط، حمل شباب مسرح رأس غارب معهم تراثهم البحري بعرض مسرحي يُسمّى "التغريبة".

نحو 8 عروض مسرحية أُقيمت بقصر ثقافة أسيوط، ضمن مهرجان الصعيد للفرق الحرة، الذي تنظمه جمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين، في الفترة من 10 إلى 12 أكتوبر الماضي، ومن بين تلك المسرحيات كان عرض المحاكاة الخاص بشباب رأس غارب لجلسة السمر لديهم.

مساء الجمعة الماضية طار جمهور قصر ثقافة أسيوط إلى البحر، عند شط مدينة رأس غارب جلسوا أمام حلقة السمر يُنصتون إلى أوتار السمسية الحزينة، ورنّة آلة الجركن، تُفجع قلوبهم لغربة الصيادين، ويتذوقون ملح البحر، مُنبهرين بأداء الممثلين لموروثهم الثقافي.

1

حوالي سبعين شخص حضر العرض المسرحي، اختلفت الأعمار بين كبار وصغار، فيما اشترك الجميع في الاستمتاع بذلك الأداء الذي استغرق نحو 45 دقيقة، كسر العرض حالة المسرح المعتادة، فإتاحة الأداء أمام الجمهور في الساحة الخارجية لقصر الثقافة وليس على خشبة مسرح حوّلهم لمشاركين في العرض، في المقدمة جلس صفان من الجمهور على سجاد يقع عند أطرافه قواقع وصدف بحرية، فيما طوّق المكان حالة من الدهشة والسحر، بينما يقف الرجل العجوز مُستندًا على عكازه، وترتفع نظرته إلى السماء مُنتظرًا الأحباب الغائبين في البحر.

كان الغرض من العرض المسرحي هو محاكاة جلسة السمر التي اعتاد عليها أهل رأس غارب، حيث اعتادوا على الجلوس بين وقت العصرية والمغربية عند البحر، يتحلّقوا في نصف دائرة يُغنون مواويلهم وأغانيهم التراثية على آلة السمسمية، وهذا ما نقلوه بالفعل إلى أسيوط، ليس ذلك فحسب، بل جسّدوا صوت الغراب التي تمتلئ به أرجاء مدينتهم، كذلك صوت الرياح العاصفة، ولم يغفلوا تقديم قهوة الجبنة-المعروفة لديهم- إلى الجمهور خلال العرض، كما أحضروا معهم شباك الصيد والشراع ومُقدمة مراكب مصنوعة بشكل بدائي مُجسّدين الحالة تمامًا.

2

في مقدمة الجمهور جلست مجموعة من الأطفال مبهورين بما يروه، يشاركون الممثلين التصفيق وقت الغناء، بينما تتخلل ضحكاتهم العرض الحزين، فلم يعرفوا بعد ما معنى غياب الأحباب ولا تجربة انتظارهم في مرارة "ريحة الموت فايحة على ريحة البحر"، ورغم خصوصية العرض إلا أن الجمهور لمس المونولوجات والحوارات التي امتلأ بها العرض، حيث توزعت الأدوار بين خمسة ممثلين، أحدهم يقوم بدور العجوز الحكيم الذي يستبصر المستقبل، فلا أحد ينسى صوته الرخيم حين قال "البحر صاحب اللي ماله صاحب".

حمل العرض حكايات الصيادين الذين كانوا جزء أساسي من سكان رأس غارب يومًا ما، حيث كانت مهنتهم الأساسية هي الصيد، وجاء البترول بعد ذلك ليُنهي تلك المهنة، لكنّ ظلت أغانيهم تُذّكر الشباب بتاريخهم، من بين الأدوار الأخرى بالعرض، كان اثنان صيادين في عرض البحر يُواجهون غضباته، يخافون تارة "غربة وشربنا فيها كاس المر"، وتارة يطمئنون بعضهم "الصبح قريب يا رفيق"، وهناك أيضًا الصياد الغريب الذي حمله البحر إلى الشط مصطحبًا معه أشعاره الحزينة "نار الحطب تنطفي ونار الفرقة ما تنطفي".

تخلل العرض عدد من الأغاني والمواويل التراثية، والتي لمست قلوب الحاضرين، بصوت صبي صغير عمره 16 سنة، ويتقاسم معه الغناء مطرب آخر يغني على آلة السمسمية، وقد حرص الممثلون على أداء المسرحية بلهجتهم ولكن بطريقة تُسهّل على الجمهور فهمها أيضًا، ولم ينتِه العرض بدون الأمل في عودة الأحباب، وصوت العجوز مُستبشرًا "الترحال وصل".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان