إعلان

ياللي بتسأل عن الحياة.. شوف مسرحية "روح"

02:50 م الأربعاء 02 سبتمبر 2015

مسرحية روح

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-رنا الجميعي:
ما إن تطأ قدمك القاعة الصغيرة بمسرح الطليعة، ستجد نفسك داخل بار حقيقي، البار اسمه "روح"، وهو اسم المسرحية ذاتها، ستعيش أجواء إنجليزية، يُلونها إضاءات هادئة يغلب عليها اللون الأحمر، وموسيقى الجاز تجعل الجو مثالي للثرثرة، كما أن البيرة وهي المشروب الرسمي هُنا، تلعب بالعقول، فتفسح مكانًا للخواطر والحيرة أن تبزغ بالأفق.

تُصبح أنت جزء من ليلة مسرحية، تتلقى العرض ولكن في ذات الوقت تكون داخله، أحد الممثلين يجلس بجوارك، غير أنك لن تنتبه له من شدة تركيزك بالمسرحية، حتى تأتي اللحظة التي يقف فيها رجل يرتدي الأسود، يلبس قفازًا حالك اللون، ويتوسط أصابعه خاتم فضي، لحيته تُضفي عليه وقارًا وغموًضًا، درجة صوته الهادئة التي لا تتغير تُحذرك، هذا الرجل القادم لا ينتوي الخير.

1

تجلس بداخل بار "روح" تتلقف الحكايات واحدة تلو الأخرى، كل شخصية تظهر تسرد مأساتها، تتناثر المناضد لتُصبح أنت نفسك زبونًا في الحانة الصغيرة، يصير البار مكانًا للأحاديث، لوم الذات والآخرين والحياة، الموت يُصبح المشتهى، هُنا يقف "فريد"، بمنتصف البار الذي يمتلكه، عليه أن يضبط انفعالاته، لا يظهر على محياه سوى ابتسامة واحدة لا تتغير، يُنصت لحكايا الواردين ولا يُنصت، فمهمته ليحافظ على مكانه، أن يحفظ علاقاته سوية بزبائنه، يصب "فريد" البيرة لـلسيدة "ريد"، التي تلعن حظها في عدم الغناء، وهو شغفها بالحياة، أما السيد "ستون"، فيشتكي من البقاء وحيدًا بعيدًا عن أبنائه، هو الشخص الذي عبثت به الحياة كثيرًا، فتحوّلت أطرافه لأشواك يحتمي بها مما يحتمل أن يجرحه، لذا كانت كلماته كلها تصب نحو بغض الآخرين، وتمني الموت.

undefined

يدخل السيد "بيرسي"، وبصحبته زوجته "ايفي"، الحانة، يجلسان بطرف ناء من البار، يحتسيان البيرة لأنها رخيصة، "بيرسي" هو نموذج الشخص الذي يحسب كل شيء بعقله، لا يجد مبررًا لإنجاب الأطفال في هذا العالم الذي وصفه أنه "بركة عفنة"، "ايفي" هي الزوجة المُحبة، روحها تظهر خفيفة غير معقدة، تحب الحياة لكنها تنصاع لأوامر زوجها، فلا تطلق لنفسها العنان.

شخصيتان أخريان يدخلان للأحداث، هما السيدة "ما"، الممثلة "لبنى ونس"، والسيد "هاري"، الممثل "عابد عناني"، السيدة العجوز هي المنافية تمامًا لـ"هاري"، تستغرب من بقائها على قيد الحياة إلى الآن، رغم موت من حولها، ترغب بالموت، ما إن يدخل "هاري" إلى الحانة حتى يلونها بروحه المحبة، حضوره القوي يظهر مع تجوله بالبار، يضفي بعض الضحكات إلى البار الذي لم يشهد سوى الجدال والمشادات، يراقص السيدة العجوز، وتغني السيدة "ريد" ثانية.

الحياة والموت التضاد اللذان لا يجتمعان، فمعنى وجود أحدهما انتفاء الآخر، يبدأ الموت بدخول الأحداث، مجسدًا في شخصية الرجل الغامض، يُقدم نفسه لزبائن البار، هو الذي استمع إلى أحاديثهم، يُخيرهم أن يمنح أحدهم نفسه للموت، الذي طالما رغبوا فيه، هو الامتحان الذي يضع كل واحد فيهم نفسه، ليظهر على حقيقته، الصخرة التي يقفوا على حافتها، هل يُلقوا بأنفسهم أم لا، هل لديهم شغف حقيقي بالحياة أم أنه غير موجود، تلك اللحظات التي وضحت فيه ملامحهم الحقيقية، الدقائق المُكثفة التي يزيل الستار فيها عن أرواحهم، محبون للحياة هُم لكنهم يتسلحون باللوم والعتاب والشكوى طيلة الوقت.

خاض كل منهم امتحان الموت، الفرصة التي قدمت إليهم ليعرفوا حبهم للحياة، لذا يصطحب رجل الموت، الشخص الذي كان من المقرر أن يأخذه من البداية، فيتجه الشخص المراد ناحية الضوء، مبتسم راضي عن حياته، ولما سيأتي، الإضاءة تتغير، نصبح في يوم آخر، يأتي فيه الأشخاص نفسهم، يلعنون الحياة كما لعنوها في السابق، يشتكون من نفس المشاكل، والسيدة "ريد" تواصل طقسها المقدس في الغناء.

المسرحية التي تم اقتباسها من العمل المسرحي الإنجليزي "الوردة والتاج" للكاتب "ج.ب.برستلي"، وعُرضت خصيصًا للتليفزيون، وأذاعتها البي بي سي، أنتجها "برستلي" عام 1946، أي بعد عام من انتهاء الحرب العالمية الثانية، يقال إن الحرب هي التي يظهر فيها الأشخاص على حقيقتهم، لرُبما اتخذها "برستلي" حكمة وجسّدها في ذلك العمل الفني.

4

لا ستار يُسدل هنا، حالة التماهي بين الممثلين والجمهور عالية، يجلسون على مناضد الحانة، فيما يتجه الممثلين بأبصارهم إليهم، يخلقون حالة المسرحية بينهم، الجدال والحوار بمنتصف الساحة، تمكن الديكور أن يصل بالحضور لحالة التماهي تلك، اختيار الموسيقى كذلك كان له أكبر الأثر، فيما كان اسم المسرحية "روح" اسمًا على مسمى، حيث تجسدت الشخصيات حقيقة أمام الجمهور.

5

الحرب التي يجسدها "برستلي" بالمسرحية، خفية داخل الأنفس، الكاتب الإنجليزي كان عمره آنذاك اثنان وخمسون عامًا، أي خبر من الحياة الكثير، يُمكن تخيل أن روحه أيضًا بداخل العمل، ومن المحتمل أن يكون وضع بعض خصاله في الشخصيات المُتخيلة، ليظل النص حيًا إلى الآن.

الممثلون حسب الظهور

"فريد".. حسن نوح
"ريد".. فاطمة محمد علي
ستون".. ياسر عزت"
بيرسي".. عمر عبدالحليم"
ايفي".. سماح سليم"
السيدة "ما".. لبنى ونس
السيد "هاري".. عابد عناني
رجل الموت".. أحمد الرافعي"

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان