إعلان

لاحتضانها مؤتمر الشباب.. ما لا تعرفه عن مكتبة الإسكندرية

11:22 ص الإثنين 24 يوليه 2017

مكتبة الإسكندرية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

الإسكندرية – محمد البدري:

منذ بزوغ فكرة إعادة إحياء مكتبة الإسكندرية، كان الاهتمام بالشباب أحد الركائز الأساسية التي ساهمت في تأسيسها بشكلها الحديث، إيمانًا بدورهم في صناعة مستقبل خال من الأفكار المغلوطة.

مكتبة الإسكندرية الجديدة أخذت على عاتقها مسئولية تكريس كل جهودها لإعادة إحياء روح المكتبة القديمة الأصلية لتكون نافذة العالم على مصر، مؤسسة رائدة في العصر الرقمي الجديد و مركزاً للتعلم والتسامح ونشر قيم الحوار والتفاهم.

المكتبة التي تستضيف، صباح اليوم الإثنين، فعاليات المؤتمر الوطني الرابع للشباب، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، كانت على ارتباط وثيق بالشباب وحاضنة لهم منذ إعادة إحيائها في مطلع الألفين الثالثة، إذ حرص القائمون عليها على إظهار ذلك المعنى في جوانب عدة تنوعت بين ما ظهر بشكل مباشر في الأنشطة والفعاليات وبين ما تم الإشارة إليه بصورة رمزية في تصميم معماري أو حتى رمزًا زين جدرانها، وفي السطور التالية يعرض "مصراوي" جانبًا منها.

جامعة الإسكندرية.. بدأت بحمل الدعوة وانتهت بجسر الشباب

بدأت فكرة إحياء مكتبة الإسكندرية تطرح نفسها بقوة في منتصف السبعينيات، وحملت الدعوى إلى ذلك جامعة الإسكندرية، إيمانًا من هيئة تدريسها في هذا الوقت بدور الجامعات في المجتمع كونها أكثر المؤسسات تأثرًا وتأثيرًا فيه من خلال تخريجها أجيالًا من الشباب الواعي بصورة تجعلها موردًا وطنيًا للتنمية.

وتنامت دعوة بناء المكتبة بين مسؤولي جامعة الإسكندرية حتى دخلت الفكرة حيز التنفيذ لدى الدولة، في ثمانينيات القرن الماضي بالتنسيق مع منظمة اليونسكو التي تبنت الدعوة على المستوى الدولي.

دور جامعة الإسكندرية تواصل في مشروع إعادة إحياء المكتبة، لتتبرع إدارة الجامعة بجزء كبير من أرض المكتبة في موقعها الحالي، لإتمام المشروع الذي وضع حجر أساسه في يونيو 1988 حتى جرى الافتتاح في عام 2002.

وعلى جانب آخر لم يغفل تصميم مكتبة الإسكندرية التأكيد على أهمية دور الجامعات في صناعة الشباب من خلال إنشاء جسر يربط بين مبنى مجمع الكليات النظرية بمنطقة الشاطبي ويمتد للناحية الأخرى من الطريق وصولا لمبنى المكتبة في إشارة لوجود عاملا مشتركا بينهما في مهمة توصيل المعرفة.

إحدى قواعد بيانات العالم

احتوت مكتبة الإسكندرية وقت افتتاحها على مجموعة من الكتب وصلت إلى 200 ألف كتاب إضافة إلى آلاف الوثائق والمخطوطات التاريخية والنادرة، بصورة جعلتها أكثر انفتاحًا على العالم لتوصيل المعرفة إلى شتى بقاع الأرض، وتم تنقيح المجموعات وزيادتها، كما جرى إنشاء مجموعة خاصة للوسائط المتعددة للأطفال والشباب، وإنشاء مصادر إلكترونية أسفرت عن خروج حوالي 25 ألف مجلة إلكترونية و20 ألف كتاب إلكتروني.

وبلغ عدد الدوريات بها 4 آلاف دورية، والمواد السمعية والبصرية 10 آلاف، فيما يبلغ عدد المخطوطات والكتب النادرة 10 آلاف مخطوطة، يتوقع أن تصل مستقبلًا إلى 50 ألف مخطوطة وكتاب نادر، ووصل عدد الخرائط بالمكتبة إلى 50 ألف خريطة.

وانضمت المكتبة إلى اتحاد المكتبات العالمية، وهو الاتحاد الذي يضم ‏30‏ مكتبة من كبريات المكتبات العالمية على رأسها مكتبة الكونجرس ولم ينضم إلى هذا الاتحاد منذ عام 2002 سوى مكتبة الإسكندرية، وتشترك المكتبة مع مكتبة الكونجرس الأمريكي أكبر مكتبة الكترونية عالمية‏،‏ في إطار مشروع يحمل اسم‏ "المكتبة الرقمية العالمية‏"، لدعم وتنمية التفاهم الدولي عبر الثقافات المختلفة‏، وإثراء الشبكة الدولية للمعلومات بمحتويات ومواد ثقافية والمساهمة في دعم البحث الدراسي والعلمي.

تصميم "شمس المعرفة"

أقيمت مكتبة الإسكندرية الجديدة بتصميم فريد من نوعه على نفس الموقع الذي كانت تشغله المكتبة القديمة، إحياءً لذكرى أشهر مكتبة في تاريخ الآثار، ودعت منظمة اليونسكو للمساهمة في إحياء المكتبة، وأجريت مسابقة دولية لتصميم المكتبة منحت جائزتها الأولى لشركة Snohetta للتصميمات المعمارية ومقرها أوسلو بالنرويج.

ويشمل تصميم المكتبة الجديدة 4 مستويات تحت الأرض وستة طوابق علوية من أعلى نقطة من السطح الدائري شديد الانحدار، ولقد أنشأ بالقرب منها قبة سماوية ومتحف علمي.

واستوحى التصميم المعماري للمكتبة فكرة الهرم المتدرج في تصميم طوابق المكتبة، وقرص الشمس المائل عند الشروق في تصميم غلافها الخارجي، وساهم هذا التصميم في إبراز مبنى المكتبة كتحفة معمارية تتناسب ومكانة المكتبة التاريخية، وجرى اختيار هذا التصميم بعد مسابقة معمارية عالمية نظمتها منظمة اليونسكو، وشارك فيها مئات المكاتب المعمارية من عشرات الدول وجرى اختيار أفضل التصميمات من الشركة النرويجية.

ويتضح من التصميم اهتمام المصمم للمشروع بالمعنى الرمزي لفكرة إحياء مكتبة الإسكندرية، حيث استوحى الشكل المميز للمكتبة بشكل دائرة غير مكتملة أو أسطوانة مائلة في مواجهة البحر جزء منها مختف تحت الأرض والآخر يرتفع فوقها، لتوحي بأنها شمس دائمة الإشراق على العالم أجمع.

مشروعات وأنشطة لتأسيس أجيال جديدة

منذ إعلان افتتاحها، سعت مكتبة الإسكندرية لتحقيق عدة أهداف لنشر الوعي للعالم بصفة عامة والارتقاء بالأجيال الجديدة بصفة خاصة، أهمها نشر المعرفة الثقافية والعلمية، وثقافة الحوار والتسامح، ودأبت المكتبة على تحقيق ذلك من خلال ما تقوم به من مشروعات وأنشطة.

ولا تنفك المكتبة عن البدء في عشرات المشروعات الجديدة وتنظيم مئات الفعاليات الثقافية والعلمية كل عام، من معارض سنوية للكتب إلى معارض فنية، ومن مؤتمرات إلى ندوات وحفلات موسيقية ومسرحية، وتبنت أغلب البرامج دعم الشباب ومنها برنامج شباب من أجل التغيير، رابطة الصفوة الأفارقة، برنامج انتل للعلوم والهندسة.

تاريخ مصر المعاصر

أصبحت مكتبة الإسكندرية حاضنة لتاريخ مصر المعاصر من خلال تدشين مشروع "ذاكرة مصر المعاصرة"، جهدًا مشتركًا بين المعهد الدولي للدراسات المعلوماتية وإدارة المشروعات الخاصة.

والمشروع عبارة مستودع رقمي لتوثيق آخر مائتي عام من تاريخ مصر الحديث من خلال عشرات الآلاف من المواد المختلفة، منها: الوثائق والصور والتسجيلات الصوتية والمرئية والخرائط والمقالات والعملات والأختام وغيرها، حيث يحتوي الفهرس على ١٤ مدخلاً نوعيًّا للمواد المختلفة.

ويسمح شكل الموقع وبنيته التحتية بتصفح المحتوى في مجموعات وعدد المواد المتاحة الخاصة بموضوع البحث، ما يوفر أقصى درجات التصفح الدقيق والمحدد.

تصنف كل مادة في الأرشيف على أساس موضوع أو أكثر من الموضوعات الفرعية، بالإضافة إلى نوع المادة، ما ينتج عنه شبكة متعددة الأبعاد والروابط من المواد والموضوعات تسمح للمستخدم باستكشاف العلاقات بين المواد المختلفة من المستودع الرقمي.

كل هذا يوفر أدوات معلومات مرئية غير مسبوقة للاطلاع على تاريخ مصر الحديث، بالإضافة إلى تصميم البنية التحتية للأرشيف لتتلاءم مع التوسعات، ما يسمح بالإضافة المستمرة للمحتوى.

لم يتم المساس بها

في سياق متصل، بالرغم من تصميمها المفتوح على العالم دون حواجز أو أسوار، لم تتعرض مكتبة الإسكندرية الجديدة لأي اعتداءات خلال أحداث العنف التي أعقبت ثورتي 25 يناير و30 يونيو على مدار السنوات الست الماضية، رغم وجود موقعها في بؤرة شهدت العديد من الأحداث الدامية، الأمر الذي وصفه البعض بأنه نتاج طبيعي للدور الذي لعبته المكتبة في التنوير والمعرفة، إذ لم يحاول أي شخص التعدي على مبانيها أو إحداث أي تلفيات بها رغم اختلاف التوجهات السياسية للمتصارعين في تلك الحقبة الزمنية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان