أصوات عانقت السماء.. أشهر المنشدين قديماً

04:49 م الخميس 05 يوليو 2018

أصوات عانقت السماء.. أشهر المنشدين قديماً

إعداد - سارة عبد الخالق:

بعد الضجة وحالة الجدل واسعة النطاق التي أثارها الفيديو المتداول على وسائل التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا للمبتهل محمد صابر أثناء ابتهاله من داخل أحد المساجد على لحن أغنية "يا مسهرني" لكوكب الشرق أم كلثوم، في السطور القليلة القادمة يقدم تقريراً عن بعض مشاهير المنشدين الذين عانقت أصواتهم السماء وذاع صيتهم وشهرتهم في هذا المجال قديما.

بداية يُعرف الإنشاد الديني بأنه الفن الغناني الذي يتناول عدة موضوعات دينية مختلفة، حيث بدأ منذ عهد الرسول صلوات الله عليه، واستمر هذا حتى يومنا هذا، ويشتمل الإنشاد الديني على التسبيح والتهليل وذكر الله.

في خلال الصفحات القادمة نقدم بعض المشاهير قديما في مجال الإنشاد الديني:

1- الشيخ علي محمود

عندما نتحدث عن الإنشاد الديني، فلابد بداية أن نتحدث عن منشد مصر الأول الشيخ علي محمود، قارىء مسجد الإمام الحسين الأساسي، وصاحب مدرسة عريقة في الإنشاد والتلاوة، والمقرىء والمنشد والمطرب الذي ذاع صيته وأصبح أشهر أعلام عصره الذي ترك بصمة واضحة في مجال الإنشاد.

ولد الشيخ علي محمود عام 1878م بحارة درب الحجازي ـ كفر الزغاري التابع لقسم الجمالية بحي الحسين بالقاهرة لأسرة ميسورة الحال، وقد تعرض بعد فترة إلى حادث تسبب في فقدان بصره كاملا، والتحق في سن مبكرة بالكتاب وحفظ القرآن الكريم، كما درس الموسيقى وتعلم ضروب التلحين والعزف بالإضافة إلى حفظ الموشحات، حيث درس على يد الشيخ علي المغربي وكذلك شيخ أرباب المغاني محمد عبد الرحيم المسلوب، كما تعلم على يد الشيخ التركي عثمان الموصلي، الذي تمكن من خلاله أن يطلع على الموسيقى التركية، كما شغف بفن عبده الحامولي.

وقد تتلمذ على يديه واكتشف موهبتهم أشهر العمالقة والعظماء منهم: الشيخ محمد رفعت وطه الفشني وكامل يوسف البهتيمي ومحمد الفيومي وغيرهم، بالإضافة إلى الملحن الشيخ زكريا أحمد والموسيقار محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وأسمهان.

وكان يؤذن الشيخ علي محمود لصلاة الفجر في مسجد الحسين، وكان يشارك في الأمسيات الدينية بمنزل الموسيقي الشهير أمين المهدي، وكذلك في منزل أبرز رواد التلاوة الشيخ أحمد ندا، كما كان ينشد التواشيح والقصائد الدينية من الساعة 10م حتى آذان الفجر، وفقا لما جاء في كتاب ألف معلومة عن القرآن الكريم ﻟلدكتور صلاح عبد اﻟﺘواب سعداوي .‎

للشيخ علي محمود عدة تسجيلات قرآنية موجودة في مكتبة الإذاعة المصرية وبعض الأناشيد والموشحات والأغاني.

وقد توفاه الله في عام 1964م.

2- الشيخ طه الفشني

ومن أشهر المنشدين قديما بعد الشيخ علي محمود، الشيخ طه الفشني المعروف بصوته الحسن، صاحب مدرسة متفردة في التلاوة والإنشاد، وكان ذا علم وخبرة كبيرة في فن المقامات والأنغام، وتتلمذ على يد منشد مصر الأول الشيخ محمود علي، وكان قارىء مسجد السيدة سكينة منذ عام 1940م إلى وفاته.

ولد الشيخ طه الفشني عام 1900م بمركز الفشن بمحافظة بني سويف، كان قد حفظ القرآن الكريم وتعلم القراءات، واهتم بالدراسة الدينية والعامة وتدرج فيها حتى حصل على كفاءة المعلمين من مدرسة المعلمين عام 1919م.

وعند حضوره إلى القاهرة، التحق ببطانة الشيخ علي محمود، وذاع صيته بعدها، ثم التحق بالإذاعة المصرية، واختير رئيساً لرابطة القراء خلفاً للشيخ عبد الفتاح الشعشاعى سنة 1962م.

وكان قد تعرض إلى مشكلة انحباس صوته لعدة أسابيع وكان حزينا وقتها حيث جاء في كتاب عباقرة الإنشاد الديني لمحمد عوض ما يلي: "كان الشيخ طه الفشني تقيا ورعا محبا للخير ولاينسى الذين عاصروه قصة انحباس صوته التي شغلت محبيه عدة أسابيع، وتروي الكاتبة خيرية البكري تلك القصة، فتقول: لقد شاهدت إحدى الكرامات فقد كنت ذاهبة لرحلة الحج، وكنا نستقل الباخرة واستلفت نظرنا وجود شيخ جليل بيننا تعلو وجهه علامات الأسى والحزن، وهو يجلس على الباخرة صامتا، ويحيط به جمع من أقاربه، وهو سارح بتعبد في صمت، ولما سألنا عنه قيل لنا إنه الشيخ طه الفشني أشهر قراء القرآن الكريم، وأنه فقد صوته فجأة منذ عدة أسابيع، ولم يفلح الأطباء في علاجه، وافترقنا إلى أن جمعتنا البقعة المقدسة يوم عرفة، وكنا نستعد لصلاة العصر وفجأة شق الفضاء صوت جميل يؤذن للصلاة صوت ليس غريبا علينا، وكان هذا الصوت هو صوت الحاج طه الفشني، وقد استرد صوته بفضل الله، وبكيت تأثرا وفرحا".

وقد توفاه الله في عام 1971م.

3- الشيخ محمد الفيومي

كان مشهوراً عن الشيخ محمد الفيومي حب الخير ومساعدته للفقراء والمحتاجين، وكان يحب التسامح وعدم التفرقة بين الناس جميعا فقد محبوبا لحسن خلقه، هذا المنشد الكبير الذي له باع في علم الإنشاد الديني والتواشيح الدينية وهو عالم أزهري أيضا، أنه الشيخ محمد الفيومي.

ولد الشيخ محمد الفيومي عام 1905م بحي الجمالية بالقاهرة، وقد ولد كفيف العينين، وحفظ القرآن الكريم كاملا في العاشرة من عمره، وتعلم التجويد والترتيل علي يد الشيخ حسن الجريسى الأزهري، وذاع صيته في الأربعينات من القرن العشرين، وأصبح في عام 1945م، من أكبر المبتهلين بالإذاعة المصرية، وفقا لموقع السينما. كوم.

وشارك في السينما المصرية حيث كان المخرجين يطلبونه لتصوير مشاهد وهو يؤدي الإنشاد الديني.

وقد توفاه الله عام 1988م.

4- سيد النقشبندي

عند التحدث عن أشهر المنشدين والمبتهلين في تاريخ الإنشاد الديني، يلمع اسم الشيخ سيد النقشبندي الملقب بالصوت الخاشع أو الكروان، وهو أستاذ المداحين وصاحب مدرسة متميزة في الابتهالات، ويرى الموسقيون صوته أنه من أقوى الأصوات في تاريخ التسجيلات، و كان علامة واضحة وملمح براق من ملامح شهر رمضان المعظم، حيث كان يمتع الناس بصوته العذب خلال فترة الإفطار بأجمل الابتهالات الدينية.

ولد الشيخ النقشبندي عام 1920 م ، بحارة الشقيقة بقرية دميرة إحدى قرى محافظة الدقهلية، ثم انتقل مع أسرته إلى طهطا، وحفظ القرآن الكريم في سن مبكر على يد الشيخ أحمد خليل، وكان قد تعلم الإنشاد الديني في حلقات الذكر بين مريدي الطريقة النقشبندية، وجد الشيخ كان قد نزح على متن باخرة إلى مصر من ولاية أذربيجان للالتحاق بالأزهر الشريف، ووالده كان أحد علماء الدين ومشايخ الطريقة النقشبندية الصوفي، كان يتردد علي مولد أبو الحجاج الأقصري وعبد الرحيم القناوي وجلال الدين السيوطي، وحفظ أشعار البوصيري وابن الفارض.

ولم يذع صيته في مصر فقط، بل امتد إلى العديد من الدول العربية، وسافر إلى عدة دول لإحياء ليالي دينية هناك، والتقى الشيخ مصادفة في مسجد الإمام الحسين بالإذاعي أحمد فراج وسجل معه بعض التسجيلات لبرنامج في رحاب الله، وسجل كذلك العديد من الأدعية والابتهالات الدينية لعدة برامج وحلقات تلفزيونية.

وكان الدكتور مصطفى محمود قد وصفه في برنامج العالم والإيمان الشيخ سيد النقشبندي بقوله (أنه مثل النور الكريم الفريد الذي لم يصل إليه أحد)، وأجمع خبراء الأصوات على أن صوت الشيخ النقشبندي من أعذب الأصوات التي قدمت الدعاء الديني فصوته مكون من ثماني طبقات.

وقد توفاه الله تعالى في عام 1976م، كان قد كرم – بعد وفاته – من الرئيس الراحل محمد أنور السادات وكذلك الرئيس محمد حسني مبارك.

5- نصر الدين طوبار

من مشاهير المنشدين والقراء الشيخ نصر الدين طوبار، الذي لم ينجح في اختبارات الإذاعة منذ المرة الأولى بل تقدم للاختبارات عدة مرات حتى نجح في المرة السابعة، ثم ذاع صيته بعد ذلك، وسافر إلى العديد من الدول العربية والأجنبية، وكتبت عنه الصحف الألمانية: (صوت الشيخ نصر الدين طوبار يضرب على أوتار القلوب)، كما أنشد في قاعة ألبرت هول بلندن في حفل المؤتمر الإسلامي.

ولد الشيخ نصر الدين طوبار عام 1920م، بالمنزلة بمحافظة الدقهلية، واختير مشرفًا وقائدًا لفرقة الإنشاد الديني التابعة لأكاديمية الفنون بمصر في عام 1980م، وتم تعيينه قارئا للقرآن الكريم ومنشدًا للتواشيح بمسجد الخازندار بشبرا.

له ما يقرب من 200 ابتهال، وقد توفاه الله عام عام 1986م.

إعلان