إعلان

الأزهر والكنائس معًا في مواجهة الإلحاد

11:50 ص الإثنين 20 أكتوبر 2014

الأزهر والكنائس معًا في مواجهة الإلحاد

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

الخطر الذي يخشاه الأزهر على عقيدة المصريين وتدينهم الوسطي المستنير وعلاقتهم القويمة بربهم لم يعد وقفًا على التصدي لموجات التطرف والفكر التكفيري والإرهاب، أو التحذير من الفتنة الطائفية والمذهبية ونشر التشيع السياسي، وتواكب مع تلك التحذيرات إعلان مجلس كنائس مصر عن تنظيم مؤتمر للشباب الأقباط لمناقشة الإلحاد بمشاركة 100 شاب وفتاة مقسمين على 20 كنيسة من خمس كنائس مصرية  وبمشاركة عدد من قادة الكنائس، ولم تقتصر مواجهة الإلحاد على المؤسسة الدينية فقط، بل وصل الأمر إلى إعلان الحكومة تصديها للظاهرة، فأعلن وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، ووزير الشباب والرياضة خالد عبد العزيز عن إطلاق حملة قومية لمكافحة ظاهرة انتشار الإلحاد بين الشباب، والاستعانة بعدد من علماء النفس والاجتماع والسياسة والأطباء النفسيين وتسيير قوافل التوعية الدينية إلى  المدارس والجامعات ومراكز الشباب.

وجاء تحذير فضيلة الإمام الأكبر الدكتورأحمد الطيب - شيخ الأزهر الشريف – من انتشار الإلحاد في مصر، ومطالبته بتشريع يمنع نشر العلمانية، وعقد اجتماع طارئ لكبار علماء الأزهر للإسراع بصياغة خطة دعوية لمواجهة هذه الظاهرة، بعد سنوات من الصمت والسكوت عن تلك الظاهرة التي انتشرت عبر صفحات التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت واليوتيوب والمنتديات والمقاهي.

واعترفت مؤسستا الأزهر والكنيسة بانتشار الإلحاد بين الشباب المصري، فخرج شيخ الأزهر عن صمته ليؤكد أن الإلحاد ليس موضوعًا هامشيًّا، بل من التحديات الكثيرة التي تواجه البلاد، بعد أن أصبح الإلحاد دعوة جديدة وممنهجة ومسلطة على الأديان، ومؤسسات وجمعيات تشجعهم على مهاجمة الأديان السماوية، على الرغم من خطورة الإلحاد، إلا أنه لا توجد دراسة رسمية مصرية عن عدد الملحدين حتى الآن، لكن هناك دراسة أمريكية صادرة عن مؤسسة "بورسن مارستلير" بنيويورك.

وكشفت أن عدد الملحدين في مصر وصل إلى 3% من عدد السكان، أي أكثر من مليوني ملحد، وفقًا لاستطلاع أجرته جامعة إيسترن ميتشيجان الأمريكية، وذلك بعد الحراك الشعبي الأخير الذي أعقب ثورتي 25 يناير 2011، ويونيو 2013، وبعد أن كانت مصر تتصدر الدول الأكثر تدينًا في العالم في عام 2009،  بنسبة 100% وفقًا لاستطلاع معهد "جالوب" صارت الآن في مقدمة دول الشرق الأوسط الأكثر إلحادًا،  مشيرًا إلى أن أكبر محافظات مصر من حيث عدد الملحدين هي القاهرة، تليها الإسكندرية، وهناك بؤرة إلحادية في الإسماعيلية وأخرى في الشرقية، أما محافظات الصعيد فخالية تمامًا من الإلحاد.

 الأرقام التي  نشرتها المراكز البحثية الأمريكية يؤكد الدكتور عباس شومان - وكيل الأزهر الشريف - أنها غير صحيحة ومبالغ فيها بشكل كبير، وقال: إن الإلحاد في مصر لم يتحول إلى ظاهرة، ولكنه بلا شك أمر غريب عن الأسرة المصرية، وشيخ الأزهر طالب بضرورة حوار رجال الدين مع الشباب خوفًا من نشر الإلحاد بينهم، في ظل الحراك السياسي والفكري عقب ثورتي يناير ويونيو.

وقال: إن القرآن الكريم تكلم في سورة الحج عن الإلحاد، فقال الله عز وجل: {ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد، كتب عليه أنه من تولاه فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير}، وبالتالي كل ملحد وراءه شيطان، أو شخص لديه قوة شيطانية، أو قوة خارقة للتأثير على من ليست لديه ثقافة دينية، أو وعي  كامل بالدين؟

من جانبه أكد الدكتور بكر زكي عوض - عميد كلية أصول الدين وأستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر - أن الإلحاد ليس موجهًا ضد الدين الإسلامي بخاصة، ولكنه موجه ضد سائر الأديان،  فهو رفض لكل العقائد بلا استثناء، ثم إن الإسلام لا يتخوف من عقائد الآخرين، ونصوص القرآن دلت بوضوح على أن جميع الناس لن يكونوا مؤمنين، وكذلك لن يكونوا كافرين، وإنما هو تفاوت نسبي، مع أن نصوص القرآن تؤكد أن الأكثرية قد عدلت عن الحق، ولنعلم أن الأديان جميعها عبارة عن عقيدة وشريعة وأخلاق، فالملحد إذن الذي لا يؤمن بوجود الله فإنما يتفلت بالتبعية من مستلزمات الإيمان: العقيدة والشريعة والأخلاق، وأضاف: إن بواعث الإلحاد تتمثل فى الصراع بين الحق والباطل والخير والشر والإنسان والشيطان، والبيئة التي يولد فيها الإنسان والأسرة وظروفها الدينية والاجتماعية والاقتصادية، والسلوك المخالف للدعوة من قبل الدعاة، وأزمة الشعارات الدينية المرفوعة بهدف الاستغلال السياسي، وغياب فقه الدعوة في عالمنا العربي وأبرز أمثلته الترهيب المستمر أو نشر اليأس أو التعميم في إصدار الأحكام بالكفر أو العجلة بإصدار الأحكام بالكفر على الآخر أو الأخذ بظواهر النصوص، وعجز العلماء عن وضع حل مقنع لبعض الأشياء، والحضارة الغربية المادية ودعوى تعذر استيعاب الدين فضلاً عن فهمه، وإهمال الدين في التنشئة الاجتماعية، والدعاية المضادة للدين ورجاله وعلمائه والحرية المنفلتة، ووسائل الاتصال الحديثة والحرب السرية بين الدول وإلحاد بعض الأعلام الغربيين.

وتعزو الدكتورة آمنة نصير - أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر - انتشار الإلحاد في هذه المرحلة إلى التطرف، فحيثما وجد التطرف وجد الإلحاد، وقالت: وهذا الأمر نبهت إليه منذ ما يزيد على خمسة عشر عامًا، فقد حذرت من أنه لا داعي لهذا الانسياق في التطرف الذي يتصادم مع وسطية الإسلام  ويتنافر نفسيًّا مع البيان الإلهي للنفس البشرية في قوله سبحانه وتعالى: {ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها}، فالنفس البشرية خصوصًا الشباب لديهم من الثورة والفورة والجرأة ما يريدون أن يقولوه وبصوت عال، ومن هنا كان الميل إلى الخروج من هذا الانسجام المتشدد والرغبة في إلزام المجتمع المصري الذي لا يعرف التطرف وكانت ثقافته الثقافة الوسطية اللينة والرحمة التي تسع الإنسان بقوته وضعفه.

وأضافت: لقد فر الشباب من دين يطاردهم صباح مساء بالتشدد والنار وعذاب القبر .. دين أغلق أمامهم أي باب من أبواب الرحمة، فأدى بهم إلى التفلت من هذا الدين، وأضافت: ويحزنني كثيرًا ما وصلنا إليه سواء في انسلاخ شبابنا أو في هذا التشدد والتطرف الذي هو بعيد كل البعد عن الدين الوسطي  الذي نادي به رسوله الأكرم - صلى الله عليه وسلم - حينما قال: "ما دخل اللين في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه"، وقول الله عز وجل: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك}.

ويرى الدكتور حذيفة المسير - مدرس العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر - أن أهم أسباب انتشار ظاهرة الإلحاد تتمثل فى التمرد على القيود, والاطلاع على الفلسفات الغربية دون حصانة من العلوم الشرعية, والجرأة على أن يعلن كل واحد ما يحب, والتدافع والتغالب، وقد آثر أن يتحدث على سبل المواجهة فقال: إن الإلحاد كظاهرة يمكن الوقوف أمامها وتصحيح طريقها لكنه لكى نصل إلى نتيجة سليمة نحتاج إلى إجراءات صحيحة للوصول إلى ذلك. منها ما يتوجه لحماية الشباب من الوقوع فيها, ومنها ما يتوجه لاسترداد من وقع من الطريق السليم, فنحتاج أولا إلى أن يتضافر المجتمع كله للحد من هذه الظاهرة بأن يؤدى كل منا واجبه، فالأسرة تتمسك فى تربيتها بزرع مفاهيم الإسلام الصحيحة عند أبنائنا سلوكًا وتوجيهًا، فلا يعقل أن يخرج نبت صالح متمسك بالإسلام من بيئة لا تبدو عليها معالم التمسك به، ولم يجد فيها قدوة تدفعه إليها, ونحتاج من التعليم أن يجد التلميذ فيه تعاليم الإسلام في مدرسته وفي منهجه بحيث نقدم لأبنائنا الحد الأدنى من المعلومات الصحيحة اللازمة عن دينه عقيدة وسلوكا وعبادة ومعاملة وإلا فمن أين يستقى الإنسان مصادر دينه إن أهملنا زرعها فى تلك السن المبكرة, ونحتاج من الإعلام أن يحترم العلماء وتخصصهم, وأن يقدم العلم من أهله, فليس كل صاحب رأى يستحق أن ينشر رأيه، وأن ترفع الدولة من شأن هؤلاء, وأن تيسر لهم سبيل الاتصال بشبابها, وأن تشجع الاجتهاد الصحيح والعلم النافع.

كل ما سبق كان وسيلة لحماية شبابنا، لكنه يضاف إليه – كما يقول الدكتور حذيفة المسير - ما يمكن أن تقدمه أيضا لتنقذ من وقع منهم فى براثن هذه المذاهب الإلحادية, وذلك بالحوار والإقناع حوار يقوم على العقل ويبتعد عن السفسطة, وتقدم فيه الأدلة واضحة بينة يرد فيه على شبهاتهم ومذاهبهم شبهة شبهة ومذهبا مذهبا بعيدا عن الظهور الإعلامى الذى لا يقدم نفعا.

ولا بد فى هذا الإطار أن نقدم نتاج علمائنا فى الرد على تلك المذاهب الملحدة والفلسفات الباطلة. ولا حرج أن نستعين فى ذلك أيضا بنتاج الفلسفات الأخرى شرقية كانت أو غربية ممن تجمعت فى الرد على هذا المذهب أو ذلك التوجه. ويكفى للإنسان أن ينظر فى حقائق الواقع والتاريخ, فلم يحدث على مدى تاريخ البشرية أن قدم الملحدون حضارة مستقرة ولا مجتمعًا متماسكًا فضيعوا الفرد والمجتمع معًا.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان