إعلان

القرطبي .. أعظم أئمة التفسير الذي ولد في الأندلس ودفن بمصر

04:03 م السبت 05 مايو 2018

القرطبي .. أعظم أئمة التفسير الذي ولد في الأندلس و

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - هاني ضوه :

دائمًا ما كانت مصر عبر تاريخها محط رحال العلماء في مختلف الفنون والعلوم، فكثير منهم فيها سكنوا وتعلموا ودفنوا لتكون مقاماتهم مقصدًا للناس يأخذونها منها العبرة والعظة، ويتذكرون مآثر علماء الإسلام الأعلام.

ومن هؤلاء العلماء الأكابر الذين تشرفت بهم مصر وعاشوا فيها، نهلوا من وعلومها وشربوا ماءها وتنفسوا هواءها ودفنوا فيها، الإمام القرطبي، إمام أهل التفسير الذي يعد كتابه "الجامع لأحكام القرآن" من أشهر كتب التفاسير الأربعة لأهل السنة.

والمتتبع لسيرة الإمام القرطبي يجد رحلته في طلب العلم ووصوله إلى مصر عجيبة، فقد ولد في قرطبة ببلاد الأندلس في بداية القرن الرابع الهجري، وهناك تعلم العلوم الشرعية والشعر واللغة العربية بفنونها المختلفة، وكذلك الفقه وقراءات وعلوم القرآن وكل ذلك على يد كبار العلماء في عصره.

وكانت أسرة الإمام القرطبي أسرة بسيطة متواضعة، فأبوه كان يعمل في صناعة الخزف وهي المهنة التي كانت تشتهر بها قرطبة في ذلك الوقت، وكان الإمام القرطبي إلى جانب تلقيه العلم ينقل الآجُرَّ لصنع الخزف في فترة شبابه.

ظل الإمام القرطبي يعيش ويتلقى العلم في الأندلس حتى سقوطها، فخرج منها نحو عام 633هـ، قاصدًا المشرق طلبًا للعلم، فانتقل إلى مصر التي كانت محطًّا لكثير من علماء المسلمين على اختلاف أقطارهم، فدرس على أيدي علمائها، واستقرَّ بها.

وفي مصر التقى الإمام القرطبي بعدد من العلماء الأعلام منهم على سبيل المثال الإمام بهاء الدين أبو الحسن علي بن هبة الله بن سلامة المصري الشافعي، المتوفَّى سنة 649هـ، وكان من أعلام الحديث والفقه والقراءات، الإمام المحدث أبو محمد عبد الوهاب بن رواج، واسمه ظافر بن علي بن فتوح الأزدي الإسكندراني المالكي وغيرهما الكثير.

وطاف القرطبي في ربوع مصر ليستزيد من العلم ويفيد، فزار الإسكندرية، والقاهرة، والفيوم؛ حيث ذكر الصفدي في ترجمة القرطبي: أن الشيخ فتح الدين محمد بن سيد الناس اليَعمري، أخبره فقال: "ترافق القرطبي المفسر، والشيخ شهاب الدين القرافي في السفر إلى الفيوم، وكلٌّ منهما شيخ فنِّه في عصره، القرطبي في التفسير والحديث، والقرافي في المعقولات".

واستقر الإمام القرطبي في صعيد مصر بمحافظة المنيا وتحديدًا في البهنسا، ولعل كانت لذلك أسباب منها تنقله داخل مدن مصر، بسبب خطر التتار، من ناحية، ورغبته في التفرغ لعبادة الله وتأليف كتبه، ووجود شيخه أبى الحسن على بن هبه الله الشافعي بها والذي روى عنه في أكثر من موضع.

واستمر طوال مدة بقائه في مصر ينهل من العلوم ويجتهد في التأليف والتصنيف، فقدم للأمة الإسلامية مؤلفات عظيمة من أهمها على الإطلاق كتابه "الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمن من السنة وأحكام الفقه والفرقان"، وعاش الإمام القرطبي بصعيد مصر حتى توفي بالمنيا في ليلة عاشوراء من العام 371 هجرية وقام تلامذته ومريدوه بدفنه فيها.

ويوجد قبر الإمام القرطبي في قرية البهنسا في بني مزار شمال محافظة المنيا. وقد تحول مقامه مزارًا يقصده الآلاف سنويًا من مصر وغيرها من البلدان، خاصة إندونيسا وباكستان وإسبانيا يأتون سنويًا في ذكرى مولده لزيارة مقامه.

ونظراً لأهمية وعلو قدر الإمام القرطبي اهتمت به كتب السير والتراجم فنجد سيرته وترجمته قد جاءت بالتفصيل في عدد من الكتب والمراجع التي تم الاعتماد على بعضها في كتابة هذا الموضوع على رأسها

فيديو قد يعجبك: