بالصور- المؤيد شيخ.. قصة سجن تحول إلى مسجد زيّن العملة المصرية

06:59 م الإثنين 22 أكتوبر 2018

كتبت - سارة عبد الخالق:

يعد واحداً من المساجد الأثرية المميزة الكائنة داخل شوارع مصر المحروسة.. الشاهدة على فن وسحر العمارة الإسلامية حتى إنه كان يقال عنه إنه فخر مساجد عصر المماليك الجراكسة.. إنه مسجد (السلطان المؤيد شيخ).. الذي كان قد زين وجه العملة الورقية المصرية فئة 100 جنيه برسم لمنارتيه فوق باب زويلة في إصدارات قديمة كنوع من التكريم لهذا الصرح العريق.

إعلان

في هذا التقرير يرصد مصراوي قصة هذا المسجد الذي تحوّل من سجن إلى جامع يشهد له الجميع بعظمة البناء وروعة التصميم:

قيل عن هذا المسجد العديد من الأقوال المأثورة التي ذكرها حسن عبد الوهاب في كتابه (تاريخ المساجد الأثرية) منها: ما وصفه المؤرخ السخاوي بقوله: "قيل إنه لم يعمر في الإسلام أكثر منه زخرفة ولا أحسن ترخيماً بعد الجامع الأموي"، فيما وصفه المؤرخ المقريزي قائلاً: "هو الجامع الجامع لمحاسن البنيان، الشاهد بفخامة أركانه وضخامة بنيانه أن منشئه سيد ملوك الزمان. يحتقر الناظر له عند مشاهدته عرش بلقيس وإيوان كسرى أنوشروان، ويستصغر من تأمل بديع أسطوانه الخورنق وقصر غمدان"، أما السلطان سليم فوصفه بهذه المقولة: "هذه عمارة الملوك".

يقع مسجد المؤيد شيخ بشارع السكرية بمنطقة الدرب الأحمر التابعة لحي وسط القاهرة، وقد بدأ في إنشائه السلطان الملك المؤيد أبو النصر سيف الدين شيخ بن عبد الله المحمودي الظاهري الجركسي الأصل، الملقب بـ "المؤيد شيخ المحمودي" سنة (818 هـ - 1415 م)، وقد استغرق بناء المسجد حوالي ست سنوات، وتم استكمال أجزائه على مراحل حتى إن المسجد عندما افتتح في (822هـ- 1419 م) كان لم يتم وقتها بناء القباب بعد.

وقد أنشئ هذا الجامع ملاصقاً لباب زويلة مكان سجن كان يطلق عليه (خزانة شمايل)، وكان السلطان المؤيد قد سُجن في هذا السجن عندما كان مملوكا صغيرا لأسباب اختلف حولها المؤرخون، وعانى من الشدائد والعذاب فيه، فعاهد الله لو أصبح ملكاً على مصر فسوف يقوم بهدم السجن وتحويله إلى جامع، وفقا لما جاء في (دولة سلاطين المماليك: سلسلة عصور مصرية) لجيهان ممدوح مأمون‎ و(بناة القاهرة في ألف عام) لعبد الرحمن زكي.

وذكرت المؤلفة جيهان ممدوح مأمون - في المصدر السابق ذكره- أن "الجامع يتكون من صحن مكشوف في وسطه ميضأة - أي موضع خاص بالوضوء - وحوله أربعة أروقة ويعتبر رواق القبلة هو أكبرها، والباب الرئيسي ارتفاعه شاهق مكسو بالرخام الملون والمقرنصات، وتقوم مئذنتا الجامع فوق برجي باب زويلة الملاصق"، مشيرة إلى أن "مئذنة ثالثة للمسجد كانت موجودة ولكنها انهارت".

أما مناراتا المسجد، فقد استفاد مهندس المسجد من وجود باب زويل ملاصقا بالجامع فاتخذ منه قاعدتين لمنارتين، وهما رشيقتان، لكل منهما ثلاث دورات أو طوابق تمت تحليتها بالكتابات والنقوش، وفقا لما جاء في (مساجد مصر وأولياؤها الصالحون) لسعاد ماهر.

ويزين المسجد عدة قطع فنية رائعة الجمال، فمن أجمل هذه القطع الفنية التي أشارت إليها المؤلفة جيهان ممدوح: "الباب الخشبي المطعم بالنحاس وقد تم نقله من مسجد السلطان حسن عند بناء الجامع - ودفع ثمنهما 500 دينار، وعلل البعض عملية النقل تلك بأن هذا الباب لم يكن منتفعاً به بسبب سد باب المدرسة في عهد السلطان برقوق، وقيل أنه نقل بناءً على اقتراح المهندسين- ، وكذلك المحراب المغطى بالرخام الملون، كما يوجد للجامع قبة حجرية مزخرفة من الخارج بأشكال هندسية بديعة، وشبابيك رواق القبلة مصنوعة من الزجاج الملون الذي يلقي بألوانه فوق المصلين"، موضحة أن : "الجامع يوجد له منبر خشبي دقيق الصنع مطعم بالحشوات العاجية، ودكة المبلغ - أي الدكة التي يصعد عليها المبلغ الذي يردد أذان المؤذن – فهي مصنوعة من الرخام ومكتوب فوقها نص أنشىء الجامع باسم (السلطان المؤيد)، كما ملحق بالجامع ضريح مدفون فيه السلطان المؤيد وابنه الأكبر بالإضافة إلى ضريح آخر مخصص للسيدات، تعلوه قبة مصفوف عليها صفوف من المقرنصات".

يشار إلى أن مسجد المؤيد شيخ كان قد تعرض للتلف سريعا على خلاف بقية المساجد الموجودة في عصره، نظرا إلى تعرضه لبعض الأمور والتداعيات التي أثرت عليه، منها تعرضه للضرب بالمدافع والبنادق بعد تحصن "الزرب" وهم مجموعة من الثائرين كانوا في ولاية عمر باشا حاكم مصر من قبل العثمانيين سنة 1076 هـ - وفقا لما ذكره موقع صحيفة الشرق الأوسط-، وبعد استفتاء العلماء - وقتها - أمرهم فأفتوه بمهاجمة الجامع، على أن يرمّم ما قد يحدث من تلف في المسجد، كما تعرض المسجد أيضا إلى التلف بعد زلزال 1992 م الذي ضرب البلاد وقتها، ما نتج عنه تصدع في بعض الجدران والأعمدة، كما أن المسجد عانى لفترات طويلة من مشاكل المياه الجوفية، فكل هذه الأمور كانت وراء تأثر بناء مسجد المؤيد شيخ دون غيره من المساجد.

إعلان