إعلان

ما حكم الشرع فى أكل اللحوم في بلاد غير المسلمين؟

11:07 ص الثلاثاء 29 ديسمبر 2015

ما حكم الشرع فى أكل اللحوم في بلاد غير المسلمين؟

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

هناك شخص زميل والدي المقيم في روسيا يسأل: أبناؤه مقيمون في فرنسا ويدرسون بالمدارس الحكومية بنظام المَبِيت، ويُقدَّم لهم في هذه المدرسة اللحوم، فما هو حكم هذه اللحوم، وهل يجوز أكلها؟

يجيب الدكتور شوقي علام - مفتى الجمهورية - :

مِن المعروف شرعًا أنه لا يَحِلُّ أكل لحم الحيوان إلَّا إذا كان مأكول اللحم -كالإبل والبقر والغنم والأرانب وداجن الطيور كالدجاج والبط والأوز وغير ذلك- وتَمَّت تذكيته الشرعية.

والذكاة الشرعية هي السبب الموصل لحِلِّ أكل الحيوان البري مأكول اللحم المقدور عليه، وتحصل تذكيته بالذبح أو النحر، وأما غير المقدور عليه فتذكيته بعَقره عن طريق الجرح أو الصيد أو إغراء الحيوان أو الطير المُعَلَّمَين به، وكل ذلك لا بد أن يكون مِمَّن يَحِلُّ منه ذلك، وهو المسلم أو الكتابي.

ويشترط في هذا كلِّه أن يكون الذابح أو الناحر أو العاقر مسلمًا أو مِن أهل الكتاب؛ أي: من اليهود أو النصارى، أما إن كان غير مسلم وغير كتابي: فإن ما يذبحه يكون مَيتةً ولا يجوز أكلُه، وقد أطلق القرآن الكريم حِلَّ ذبائح أهل الكتاب لَنَا دُونَ قَيْدٍ؛ فقال تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ﴾.. [المائدة : 5]؛ فالأصلُ حِلُّ ذبائح أهل الكتاب، وقد أكل النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم مِن الشاة التي أهدتها إليه اليهودية ولم يسأل عن كيفية ذبحها ولا عن التسمية عليها.

ولا يجب على المسلم السؤالُ والتنقيبُ ما دام في دولةٍ غالبُ أهلِها مِن أهل الكتاب؛ فقد نَهَى اللهُ تعالى المؤمنين عن التنقيب والتفتيش المُتَكَلَّف في الأمور كلها، وبَيَّنَ الله قاعدةَ ذلك فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}.. [المائدة: 101].

قال الحافظ ابن كثير: [هذا تأديبٌ مِن الله تعالى لعباده المؤمنين ونَهْيٌ لَهُم عن أن يسألوا عن أشياء مِمَّا لا فائدة لَهُم في السؤال والتنقيب عنها.. حتى قال: وظاهر الآية النهيُ عن السؤال عن الأشياء التي إذا عَلِمَ بها الشخصُ سَاءَتْهُ، فالأَوْلى الإعراضُ عنها وتركُها].

ولذلك يُكرَه التفتيشُ عن بواطن الأمور، بل أخرج ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"، والمحاملي في "أماليه"، وأبو الشيخ في كتاب "التوبيخ"، والطبراني في "المعجم الكبير": عن حارثة بن النعمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا ظَنَنْتَ فَلَا تُحَقِّقْ»، وأخرجه رسته في كتاب "الإيمان" عن الحسن البصري مرسلًا، وأخرجه عبد الرزاق -كما في "تأويل مختلف الحديث" لابن قتيبة- عن إسماعيل بن أمية معضلًا.

هذا كُلُّهُ إذا لَم يُعلَم يقينًا أن ذابحها ليس كتابيًّا، أو أنه لَم يذبحها بل قَتَلَها بالضرب أو الصعق مثلًا، فإذا عُلِمَ ذلك يقينًا زال أصلُ الحِلِّ وصار اللحمُ حرامًا.

هذا عن الحلال والحرام، أما عن الوَرَعِ فهو واسعٌ؛ فقد اتفقت كلمة الفقهاء على أنَّ حَدَّ الوَرَعِ أَوْسَعُ مِن حَدِّ الحكم الفقهي؛ وذلك لأن المسلم قد يَترُكُ كثيرًا مِن المباح تَوَرُّعًا، ولكن هذا لا يعني أنْ يُلزِم غيرَه بذلك على سبيل الوجوب الشرعي فيدخل في باب تحريم الحلال، ولا أن يعامل الظني المختلف فيه معاملة القطعي المجمَع عليه فيدخل في الابتداع 

بتضييق ما وسَّعه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، بل عليه أنْ يَلْتَزِمَ بِأَدَبِ الخِلَافِ كَمَا هو مَنهَجُ السَّلَفِ الصالح في المسائل الخلافية الاجتهادية.

وعلى ما سبق مِن بيانٍ: فالأصل فيما يُقدَّم للتلاميذ مِن اللحوم في مدارس أهل الكتاب أنها لُحُومٌ حلالٌ، إلَّا إذا عُلِم أنها ليست مذبوحةً، فإذا عُلِم أنها ليست مذبوحةً أو أنها فَقَدَتْ 

أَحَدَ شروطِ الحِلِّ فإنها تكون حرامًا، وعلى أولياء أمور الطلاب حينئذٍ التنبيه على إدارة المدرسة بضرورة مراعاة هذه الأمور عند تقديم اللحوم للطلاب المسلمين مِن باب احترام عقائد الإنسان وشعائره، وذلك مَبْدَأٌ مُقَرَّرٌ مَعمُولٌ به في دول العالم الملتزمة بحقوق الإنسان.

والله سبحانه وتعالى أعلم


فتاوى متعلقة:

هل يجوز أكل اللحوم المستوردة؟

ما حكم الكلام أثناء الطعام؟

الافتاء تصدر الحكم الشرعى فى اكل لحم الحمير؟

فيديو قد يعجبك: