إعلان

يمنيون في مصر.. عالقون بين الغربة وباب السفارة ''المقفول''

12:27 م الخميس 30 أبريل 2015

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- يسرا سلامة وإشراق أحمد:

منذ 26 مارس حيث بدأت عاصفة الحزم على أرض اليمن، وتوقفت حركة الطيران من وإلى اليمن، ولم تخلُ أعتاب سفارة اليمن بمصر من لجوء أبناء الجالية إليها.

صمت حذر يسود محيط سفارة اليمن، قبل الدلوف قليلا قبالة البوابة الحديدية المغلقة التي يعلوها لافتة بهوية المبنى ''الجمهورية اليمنية''، عربة أمن مركزي بالرصيف المقابل للباب المغلق، تحجز رؤية عدد لا بأس به من المفترشين للأرض، ملامحهم تنُبأ بموطنهم الذي تمثله السفارة، أفراد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة تتقدم نحو الباب المغلق بين الحين والأخر، يستقبلهم المجيب عن مسألتهم عبر فتحة صغيرة بالبوابة، فيما يكسر الصمت غمغمات الجالسين والوقوف أمام السفارة بمجرد الاقتراب منهم.

أيام تجاوزت بالنسبة للبعض قرابة شهر يمكثون بها أمام السفارة، من أجل العودة لـموطنهم الأصلي-اليمن-، أو لإمدادهم بما يمكنهم من البقاء لفترة أطول، خاصة أن الأيام الإضافية لهم في البلد المضيف-مصر- ليس بإرادتهم، إذ تعذر عودتهم بعد تصاعد الأحداث في اليمن، ورغم انتهاء الضربة الجوية المشتركة لعدد من الدول العربية المسماة ''عاصفة الحزم'' قبل قرابة أسبوع إلا أن عشرات المواطنين اليمنيين لا يملكون سوى المجيء يوميا للسفارة وافتراش الأرض حتى المساء.

الانتظار هو الحل

منذ العاشرة صباحا وصلت روحية حسن بصحبة زوجها إلى مقر السفارة بشارع أمين الرافعي بالدقي، اليوم الأول لها برفقة نظرائها العالقين، قبل شهر وفدت إلى مصر من أجل العلاج ''عشان الخلفة'' كما تقول، انتهت الفترة المحددة لبقائها، لتجد نفسها وزوجها مضطريان للقدوم إلى السفارة بعد أنباء ترددت عن عودة حركة الطيران، ''ما قبلنا حدا الباب مغلق من ساعة ما جينا.. أدينا قاعدين زي غيرنا'' قالتها السيدة العشرينية، فيما تواصل وزوجها البقاء حتى يأتي خبر يقين.

مستندا على إحدى السيارات الماكثة أمام السفارة وقف ''سامي محمد'' في انتظار كلمة مؤكدة من العاملين بالسفارة، الذين تغيروا في معاملتهم مع الوافدين خاصة بعد تصاعد الأحداث، التي دفعت العالقين بشكل خاص للرغبة في العودة ''من حقنا نطمن على أهلنا ونروح أرضنا''، قالها الشاب فيما تداخلت الأصوات من حوله بلسان حال واحد ضد السفارة ''كذابين كل يوم يقولوا لنا بكرة وما في جديد لا سفر ولا أموال.. المقيمين هم اللي حصلوا على حقهم''.

المفترشون لأرض مبنى السفارة هم العالقين، وفد أغلبهم لتلقي العلاج أو الدراسة، فترة إقامتهم محددة، وأما الواقعين في زمرة المرضى هم الأشد معاناة، فبقاءهم يعني نفاذ الأموال التي بحوزتهم وهو الواقع لمعظمهم بعد تجاوز بقاء بعضهم ضعف الفترة المفترض الإقامة خلالها، فتحولوا من ضيوف ببلد شقيق إلى مديونين متهربين من دفع إيجار السكن الذي يمكثون به.

ديون ومرضى بلا مجيب

شباب ونساء وكبار السن يواجهون الأزمة ذاتها، وحتى مرضى لا يقدرون على الحراك إلا بصعوبة حال ''ماهر حسن'' الذي يأتي يوميا منذ قرابة شهر إلى السفارةـ ليجلس على كرسيه المتحرك، فلا سبيل سوى البقاء حتى تتوافر الأموال التي يمكن تقديمها لمالك السكن الذي يقطنه مع عائلته قرابة شهرين.

''نيجي هنا من الصبح للمساء لأن صاحب الشقة يريد الإيجار'' قالها ''نايف علي'' الذي يقيم منذ شهرين في مصر، مع زوجته وأبناءه الأربعة، لم يعد يملك ما يعينه على المكوث فترة أكبر ''كل واحد بيبقى معه ما يكفي الفترة اللي هيقضيها'' بألم يقولها الرجل الثلاثيني، الذي اضطر أن يفترش الأرض، فيما تأتي تصريحات السفارة أنها تصرف إعانة تبلغ 1000 جنية تجدد كل عشرة أيام حسب قول ''علي'' الذي يؤكد أنه حصل بالفعل على ألف جنية مصري لكن خلال شهر واحد هي الفترة المفترض إقامتها بها، وهو المبلغ المساهم به في دفع إيجار السكن البالغ وفقا للرجل وعدد من اليمنيين 4 آلاف جنية مصري، وهذا المبلغ الذي بات ''علي'' مديونا به.

''اتبهدلنا.. في بلادنا كنا عايشين أفضل'' بلسان ساخط قال ''حسن الأهدب'' جاء بصحبة ابن خالته ''نايف''، لا يصدق أن حركة الطيران لم تعد بعد، وأنها تستغرق كل هذه المدة، خاصة بعد تردد الأنباء مؤكدة أن أحد رجال الأ عمال اليمنيين، الذي كان متواجد بمصر عاد إلى اليمن بطائرته الخاصة ، مصطحبا مع 200 يمني أصحاب الأولوية في العودة من كبار السن والمرضى.

26 إبريل الجاري نظم عدد من أبناء الجالية اليمنية العالقين في مصر وقفة احتجاجية أمام السفارة، من أجل تحقيق مطالبهم ''يشتروا لنا مكان أو يسفرونا أو يعطونا مصاري للعلاج''.. حلول ثلاثة يتمنى ''صالح'' تحقيق إحداها، فالأوضاع تسوء يوما بعد يوم، وسبل عودة الرجل الأربعيني وعائلته وأقرانه إلى موطنهم غير واضحة حتى الآن ''المجال الجوي مغلق، ولا يوجد حركة للطائرات، وما بإيدينا شئ''.

السفارة في جزيرة معزولة

''أزمة إنسانية بكل ما تشمل الكلمة من معنى يعيشها اليمنيون في مصر، والسفارة في جزيرة معزولة''.. هكذا قالت المتحدثة الاعلامية باسم الجالية اليمنية في مصر ''أسماء راجح''، مضيفة أن هناك أزمات تواجه حوالي 5 آلاف يمني في جمهورية مصر العربية بعد عاصفة الحزم، وفقا لإحصاءات رسمية وغير رسمية، ومستمرة حتى بعد توقف العاصفة منذ قرابة أسبوع.

على الرغم من وجود لجنة أزمة لمتابعة المشاكل داخل السفارة، لكن هناك تباطؤ في الرد حسب قول ''راجح'' التي أوضحت أن اللجنة تولي أولوية في الأموال لمساعدة اليمنيين الذين أتوا إلى مصر قبل عاصفة الحزم؛ لأنهم قضوا وقت طويل وحاجتهم المادية تكون ربما أكبر ممن أتى أثناء أو بعد العاصفة.

هناك شكوك دائمة من أعضاء الجالية اليمنية للتوزيع العادل للمساعدات المالية من السفارة وفقا للمتحدثة الإعلامية للجالية ''والمواطن اليمني على حق بسبب الأزمات من السكن والعلاج، وهو ما جعله لاجئا أمام سفارته'' غير أن ذلك لا يقلل من معاملة المصريين الكريمة معهم حسب قولها.

تتولى ''راجح'' وسائل مساعدة غير رسمية، من خلال جمع أموال من عدد من رجال الأعمال ''فهناك أسر لا تجد طعاما أو علاجا في مصر، ولا تجد أيضا وسيلة للعودة مرة أخرى لليمن بعد توقف العاصفة'' حسب المتحدثة الإعلامية باسم الجالية التي ترى أن الجانب الرسمي يؤجل حل الأزمات دون موعد نهائي، سواء الأموال أو العودة إلى اليمن قائلة إن هناك طائرة واحدة من الأردن غادرت من مطار القاهرة، لكن لا أحد ممن يعتصم أمام السفارة رحل على متنها.

السفارة: الأزمات ''شخصية''

وردا على شكوى هؤلاء اليمنيين، قال مصدر مسؤول داخل السفارة اليمنية بمصر في تصريح لـ''مصراوي'' أن على أي يمني يواجه أزمة بالمعيشة أو السفر التوجه إلى السفارة لبحث أزمته، مشيرا إلى أن بعض الشكاوى قد تكون شخصية ولا يمكن تعميمها على كل المتظاهرين أمام السفارة.

وتابع المصدر أن في الفترة الأخيرة كان هناك بطء في الإجراءات، خاصة المتعلقة بالسفر إلى اليمن بسبب استمرار ''عاصفة الحزم''، مشيرا إلى أن حركة الطائرات قد تجد وتيرة أسرع خلال الأيام القادمة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان