إعلان

حوار| سعيد خطيبي الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب: الكتابة مغامرة فردية لا تقبل الوصاية

02:15 م الأربعاء 14 يونيو 2023

الروائي الجزائري سعيد خطيبي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

أجرى الحوار: د. سمير محمود

يواصل الكاتب الروائي المترجم الجزائري الشاب سعيد خطيبي من مواليد عام 1984، رحلته الإبداعية مع الكتابة الروائية برصيد بلغ أربع روايات، وقد فازت أخيرًا روايته "نهاية الصحراء"، بـ جائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها السابعة عشرة فرع "المؤلف الشاب لعام 2023، وهو كاتب صحفي ومترجم، قدم ترجماته الأولى لروايات صدرت بالفرنسية وأحبها فنقلها للعربية ومنها (التّلميذ والدّرس) لمالك حداد، ورواية (الغريب) لألبير كامو وترجمة أعمال كاتب ياسين الشعرية.

لا يخفي المؤلف فرحته بالفوز بجائزة الشيخ زايد عن رواية استغرقته لثلاث سنوات، ولا يرى مبررًا للحفاوة المبالغ فيها في عالمنا العربي بجائزة نوبل للآداب، بل ويرى أننا لسنا بحاجة لنوبل بقدر حاجتنا لحل مشكلاتنا الداخلية، خاصة القضايا المتعلقة بالحريات والنظرة إلى المرأة وضرورة تحسين ظروفها وأوضاعها ضمن الأوضاع الداخلية المتردية، وأن الاهتمام بنوبل على حساب تلك القضايا والأولويات هو قفز على الزمن والمراحل.

خطيبي العاشق للروايات الكلاسيكية وتاريخ الجزائر، يؤمن بأن القراءة والترجمة التي عمل بها لسنوات كانت عتبته الأولى للكتابة والتأليف الروائي، ولأنه يعتبر الكتابة مغامرة فردية فهو يرفض توجيه الكتاب المبتدئين من رفضه العام للوصاية على الكتابة، ويشعر بمرارة للنظرة الدونية من بعض العرب تجاه الروائيين الجزائريين، وبالقدر نفسه يرفض النظرة غير السوية المُسيسة من الفرنسيين للروايات الجزائرية الصادرة بالفرنسية واعتبارها درجة ثانية على حد وصف النقاد الفرنسيين. مصراوي حاور الروائي الجزائري وقدمت قراءة في روايته "نهاية الصحراء".

مشهد روائي بالغ التعقيد

كيف ترى المشهد الروائي الجزائري على الساحة الأدبية والإبداعية العربية والعالمية؟

في الجزائر العملية معقدة بعض الشيء لأننا لسنا ازاء مشهد روائي متجانس بل نحن لا نملك رواية واحدة بل أكثر من ذلك، نحن إزاء لغتين الفرنسية والعربية. وإذا أخذنا الرواية الفرنسية والتي كانت تاريخيا سباقة في الظهور منذ بداية القرن العشرين في الجزائر فقد حققت تراكما في الجزائر وهناك أجيال من الكتاب الجزائريين باللغة الفرنسية لغاية اليوم، ومع ذلك هناك نظرة غير سوية لهذه الكتابة بالفرنسية في فرنسا، فدائما كانت القراءة أو النقد محصورا في تأويلات سياسية أو أنثروبولوجية للنص. وهذا ما جعل الرواية الجزائرية المكتوبة بالفرنسية في مرتبة ثانوية في فرنسا باعتبار أن المرتبة الأولى للكتاب من أصول فرنسية.

أما الرواية الجزائرية باللغة العربية فهي حديثة، عمرها في حدود 50 عامًا منذ ظهور أول رواية بالعربية ليحي جنوبي وعبد الحميد بن هدوقة، وهي معاناة حقيقية حيث لا يوجد تعليما جيدا باللغة العربية ولا يوجد كتبا وأحيانا لا توجد مكتبات لا تعرف كتبا باللغة العربية، فنحن نبذل جهدا مضاعفا عما يبذله أي كاتب في بلد عربي آخر، ومع ذلك أظن للأسف لم نلق الدعم من طرف مثقفي العرب، أتذكر جملة مؤلمة سمعتها من أحد النقاد في يوم بشكل ساخر "ماذا يريد هؤلاء الجزائريين منا فليذهبوا إلى فرنسا" تلك الكليشيهات الاستعمارية التي أورثنا إياها الاستعمار انطوت على الذهنية وامتدت لمثقفي العرب.

معاناة الروائي الجزائري

أشعر من كلامك أن الإبداع الروائي بالعربية يشبه المعاناة بالنسبة للكتاب والروائيين الجزائريين؟

الكاتب في الجزائر يدفع ثمن حياته مقابل الكتابة وهذا شيء ليس هين، فكانت الكتابة شيئا خطيرا جدا في الجزائر يودي بحياة الكاتب، ومع ذلك استمرت المقاومة بالكتابة، وصرنا نسير في خطين ليس فقط في الكتابة ولكن أيضا من أجل استرجاع اللغة العربية من الخطاب المتطرف، لأنه صار في عقول الناس أن العربية هي لغة المتطرفين، فنحن أيضا نبذل جهدا ككتاب في الجزائر من أجل استعادة اللغة العربية ووضعها في سياقها الطبيعي كلغة في المجتمع من أجل تنقيتها من الخطاب الديني المتطرف. إننا من جيل جديد سبقه جيل دفع ثمنا غاليا وهناك من قتلوا في التسعينيات وهناك من عانوا من رقابة في السبعينيات والثمانينيات، وتلك تضحيات لها انعكاساتها على المشهد الروائي الراهن.

تترجم عن الفرنسية، وهناك أعمال إبداعية بلغات أخرى لا تصل للقارئ العربي، فقط يتم وضعها في دائرة الضوء عندما تفوز بإحدى الجوائز العالمية مثل مان البوكر أو نوبل؟

نعم نعود مرة أخرى لسؤال القطيعة مع العالم العربي، هناك رواية جزائرية مكتوبة باللغة الفرنسية تستحق أن تقرأ لأن الكاتب الجزائري بالفرنسية حتى وإن كتب بلغة غير عربية لكنها يكتب عن حال عربي ويكتب عن مجتمع عربي ويكتب بمخيلة عربي من أمثال الكتاب محمد ديب وآسيا جبار ومولود فرعون وكمال دواد إلى آخره، دائما في الشق الفرنسي الكاتب الجزائري عندما يكتب بالفرنسي ينظر إليه وكأنه كاتب من الصف الثاني، وفي العالم العربي ينظر إليه وكأنه كائن غريب يجب حذفه من المشهد الغربي مع أنه جزء من المشهد الروائي العالمي!

الحدود بين البلدان تزداد شراسة وتردد أنت أن الجزائري ربما ولد كي يعيش في التيه، ما تفسيرك لذلك؟

الترحال فكرة موجودة في جينات الإنسان الجزائري، هو لا يستقر في مكان إلا ليغادره ولا يغادر الأمكنة إلا ليعود إلى مكانه الأول، لأن هذا السفر في الأمكنة هو كله ممهدات للعودة إلى المكان الأول، فالجزائري يغامر بعيدا إلا ليعود لأصوله في النهاية، ليس أمرا جديدا وهذا فقط لا ينطبق على الجزائر ولكن هناك مجتمعات أخرى في جيناتها فكرة الترحال، وأظن أن فكرة السفر أمر ضروري في الكتابة، وأظن أن المنفى ليس أمرا سيئا كما يعتقد البعض لأن المنفى يتيح لنا النظر إلى بلدنا بشكل أوضح وبشكل أفضل من النظر إليه ونحن في الداخل، ولكن يكون المنفى ضمن أفق أدبي أو أفق ثقافي ذلك جيد.

نوبل ليست أولوية

هل هناك جدار أو سماء محظورة يصعب على أدباء العرب بلوغها من بعد نوبل نجيب محفوظ؟

أظن أننا لسنا في حاجة إلى نوبل اليوم ولكننا في حاجة إلى حل مشاكلنا الداخلية أول شيء، والتحرر من الضغط الديني الذين نعيش فيه أو تعيش في مجتمعاتنا في الجزائر وفي مصر نفس الحالة، يعني نعرف وضع المرأة وتغول الدين في حياة الناس، هذه مسائل على الرغم من أنها مسائل داخلية ولكنها تلعب دورا في النص الأدبي حين يكتب الكاتب العربي نصه، فالعملية ليست سهلة ولكنها تحتاج إلى نفس طويل، إلى نضال داخلي قبل أن نصل إلى التفكير في نص إنساني واسع ومفتوح على الثقافات الأخرى، الآن إذا فكرنا في نوبل فأننا نستبق الوقت ونقفز فوق المراحل.

حطب سراييفو ونهاية الصحراء.. كلاهما حول مرحلة الاستقلال بانتصاراتها وخيباتها فهل ثمة تشابه أو تكرار ؟

أنا لا أحكم على نصي، ولكنني يمكنني أن أقول إنني قد بدأت كتابة "نهاية الصحراء" قبل أن أكتب "حطب سراييفو"، في "حطب سراييفو" هناك أكثر من مكان هناك أكثر من شخصية هناك تحاور من الآخر الأجنبي، وفيها قارنت تاريخ الجزائر مع تاريخ البوسنة والهرسك، أما في نهاية الصحراء فكل الشخصيات في مكان واحد في الجزائر وكل الشخصيات جزائرية، ضمن محاولة فهم نظرة أجيال ما بعد الاستقلال إلى ماضي الآباء. ربما السؤال الأكثر الحاحا على ذهني هو مسألة التاريخ أدبيا، لماذا وصلنا إلى ما نحن عليه، هو الأمر لا يتعلق بمرحلة التسعينيات فقط ولا مرحلة الثمانينيات كما جاء في نهاية الصحراء، ولكن الأمر قد يتعدى مراحل أخرى في أعمال أخرى.

المشقة في مواجهة الآخرين

بدأت مسيرتك الأدبية كقارئ ومترجم ثم روائي صدر لل 4 روايات حتى الآن.. هل هناك فروق بين تلك المراحل ما بين القراءة والترجمة والتأليف الروائي؟ وهل لمرحلة التأليف الروائي متطلبات وسمات معينة؟

لست أدعى أنني مترجم محترف، ولكني كنت وما زالت أترجم النصوص التي أحب مشاركتها مع الأخريين، ولكن دائما كنت ولا زال انظر الىي الكتابات الروائية مثل سباق الماراثون تحتاج إلى تدريب وتحتاج إلى نفس طويل وتحتاج إلى صبر ولكن تحتاج أيضا إلى حسابات الرياضيات، وأنا على يقين أن كل مترجم هو كاتب ويخفيه في قلبه، حتى الآن حينما يقول لي الناس إنك أصدرت 4 روايات أشعر بالخوف وتسأل هل أصدرت 4روايات، عندما أصدرت الرواية الأولى قررت أن أتوقف وحينما أصدرت الرواية الثانية أخبرت نفسي أنها الأخيرة ولكن الأمر وصل ل4 روايات، فالكتابة مهمة شاقة جدا، ليست في حد ذاتها شاقة ولكن أن ترضى عما كتبته ثم تغامر بنشره ويصير متاحًا للناس بالنسبة لي فعل مخيف للغاية، فالمشقة في الكتابة هي في مواجهة الآخرين وانا لست من النوع الذي يواجه.

لا طقوس ولا وصاية

كمؤلف شاب مواليد الثمانينيات أرجو أن تعطي جيل الأدباء الشبان فكرة عن طقوسك في الكتابة من حيث بدء مشروع الرواية ومخططها وحتى تنفيذها؟

لست أدري أن لدي طقوسا كما نقرأ عن كتاب أخريين إنما ربما منهج في الكتابة، أول شيء لا توجد خطة للكتابة أنا لا أرسم مخطط نص وربما أضع خطوطا عريضة ثم هناك أشياء تأتي تدريجيا، مثلا في رواية نهاية الصحراء تنطلق الرواية من مشهد العثور على جثة فتاة وأصارحك القول إنني كتبت ذلك الفصل وأنا لا أعرف من قتلها ولا فكرة لدي من سيكون قاتلها، إنما الأمور تطورت شيئا فشيئا، لأن هناك يجب أن يربط بين حلقات الرواية منطق والمنطق ضروري في الكتابة، رغم أن الرواية تخيل لكن لا بد أن يكون التخيل له منطق له حجة له تطابق مع الواقع، فأنا لا أكتب وفق مخطط ولكني أضع خطوطا عريضة ثم ابني عليها وهناك تغيرات تحدث في الطريق، إنما الشيء الثابت أن هناك عملية بحثية قبل الكتابة، أنا حينما أكتب نهاية الصحراء عن عام 1988، أظن أن قضيت ما لا يقل عن عام في البحث في التقليب في الأرشيف عن حياة الناس عن ماذا كانوا يحصل بالتدقيق في حياتهم، ماذا كانوا يأكلون ماذا كانوا يشربون ويلبسون ويشاهدون ويسمعون من موسيقى وكيف كان يتحدثون وكيف كانت لغاتهم وما هي الأمثال الشعبية التي كانوا يتداولانها، فرغم أننا في سياق التخيل وأنا أكتب تخيلا طبعا وليس واقعا، ولكن لا بد من أن يكون لذلك التخيل منطق، فلا يصح أن نكتب عن حقبة الثمانينيات بلغة هي لغة اليوم، أو مصطلحات اليوم، لابد أن تكون بمصطلحات تلك الحقبة، إذا هناك البحث التاريخي قبل الكتابة ثم الكتابة لابد أن نمارس حريتنا فيها، ان نترك لها مجالها الحيوي وهو الحرية، إذا ضبطنا الكتابة يعني، إذا كان الكاتب يعرف ماذا يكتب في الفصل الأول أو الثاني إلى نهاية الرواية، فهو الآن يكتب بحثا أو تقريرا، فأنا مولع بالاكتشاف انا اكتب عن اشياء اجهلها كي أزداد معرفة بها، انا مع القارئ في نفس الخط، انا اذهب للكتابة كما هو يذهب للقراءة، أذهب من أجل أن أستكشف كما هو يذهب للاستكشاف، اظنني على نفس الخط مع القارئ، حين انتههى من الوراية اشعر بنفس الشعور الذي يشعر به عندما يقرأ شيئا جديدا، إذا لا يوجد مخطط واضح في الكتابة ولكن يوجد فكرة والفكرة من شأنها أن تتغير في منتصف الطريق.

نظرة الآخر

شخصية الرحالة إيزابيل إيبرهارت فرضت نفسها بقوة في "أربعون عاما في انتظار إيزابيل"، لكنها تثير داخلي سؤال حول معاييرك في اختيار شخصيات أعمالك ورواياتك ومعايير اختيار هذه الشخصيات؟

قبل أن أكتب عن إيزابيل بعد في رواية "أربعون عاما في انتظار إيزابيل"، أنا عندي علاقة مع هذه الشخصية التاريخية فأنا من منطقة جنوب الجزائر، حيث أقامت، وحيث الناس لايزالون يذكرونها ولاتزال أسطورتها بين الألسنة، ثم يمكنني أن استرسل وأقول أنا أستعير من الماضي لأحكي عن الزمن الحاضر، إيزابيل كانت نموذجا للمرأة الأجنبية التي عاشت في الجزائر، كيف يتعاملون معها ونموذج للمرأة التي تعيد في مجتمع ذكوري، هي مرآة لصورتنا تجاه الأخر، فكانت تعبر عن كثير من الموضوعات التي تشغلنا اليوم، عن المرأة عن صورتنا في نظر الأخر عن ذكورة المجتمع كيف نتعامل مع الأجانب، فيها مجموعة من العناصر التي تمثل الأسئلة الراهنة التي نعيشها في المرحلة الحالية، وبالإضافة إلى ذلك سبق لي الاطلاع على كل أعمالها وكتب عنها في مقالات وبالتالي كانت شخصية جاهزة في مخيلتي ولكن فكرة الرواية لم تكن كذلك، أنما شخصية إيزابيل فأنا كنت على اطلاع شامل لكافة المعلومات عنها وعناصرها، فبالتالي كتبت عنها بسهولة. أما الرواية التي أصدرت فأنها لا تحكي قصة إيزابيل ولكنها تحكي قصة شخصين أخريين جوزيف وسليمان وكيف أنهما مسكونان بشبح إيزابيل إيبراهارت، ف إيزابيل إيبراهارت نموذج أو صورة تفيدنا عن الكتابة في الزمن الحاضر في أشكال تعاملنا مع المرأة والأجنبي وفي نظرة الأخر إلينا.

لا تمجيد لأشخاص أو مراحل

لاحظت تركيزا في أعمالك على التاريخ واستعادة أمجاد المقاومة الجزائرية كما في "نهاية الصحراء" وسبق وتناولت العشرية السوداء في "حطب سراييفو" فما تعليقك؟

أنا ضد تمجيد مرحلة أو شخص أو حدث، بالعكس في نهاية الصحراء أنا ذهبت نحو الكتابة عن الصدامات التي حصلت بعد الاستقلال، كيف لشخصية مثل "ميمون" المناضل الذي عاش حرًا في الاستعمار ثم صار سجينًا في الاستقلال، وكيف به وهو المناضل الوطني السمسار، فلا تكفيه الثورة وسرقة أموال الثورة حتى صار يسرق أموال الناس بعد الاستقلال، ثورة التحرير كانت لحظة تاريخية مهمة في التاريخ العربي وفي التاريخ الإنساني إجمالا، ولكنها لم تخل من انزلاقات وصراعات وصدامات داخلية، فأنا أكتب عن الشق غير المرئي في حرب التحرير.

في حطب سراييفو طبعا أنا عدت إلى العشرية السوداء، ولكن لأستعيد تلك المراحل التاريخية لأحكي ماذا يحصل الآن، لأننا حين نشاهد مثلا في السنوات الماضية، داعش والتطرف الديني، ننسى أن الجزائر كانت سباقة في تحمل هذه القسوة، مرحلة قطع الرؤوس ومرحلة القتل المجاني لأحكي عن اللحظة العربية الراهنة، فالماضي يسمح لنا بالنظر لأنفسنا في الحاضر وكيف نتعامل مع لحظتنا الراهنة.

تردد دائما أنك تكتب عن عوالم مجهولة لتزداد معرفتك بها... أريد منك إيضاحات حول هذا الجزء؟

أنا أنطلق من المسلمة أن القارئ أذكى من الكاتب وليس من السهل إقناع القارئ، ارضاء القارئ ليس من مهام الكاتب، وما دام الكاتب ينشر الأدب الذي يكتبه، فلابد من أن يستوعب أنه أصبح في مواجهة القارئ، ونعلم أن وضع الكتاب في الوطن العربي يحكمه الشللية، وهذه الشللية أوجدها الكتاب والنقاد، أما القارئ فهو بعيد عن هذه الصراعات المجانية، لذلك احترامي للقارئ نابع من احترامي لممارسة الكتابة، أنا أذهب لأقصى ما يمكنني فعله في الطرح الفني وأن أبذل كل جهدي للإحاطة بالموضوع الذي أكتب عنه، وهذه الإحاطة تستوجب مني استكشافا بحثيا وتقليبا في الأرشيف، وفي هذه العملية أجد نفسي اكتشف أشياء جديدة كنت أجهلها، فأنا أيضا من خلال الكتابة أتعلم ولست أتعلم معرفة مسبقة بالأشياء ولكني أمارس الكتابة لأتعلم اشياء أجهلها.

خيارات فنية جديدة في الرواية العربية

بعد أربع روايات وجائزة الشيخ زايد للمؤلف الشاب هل نستطيع أن نقول إن سعيد خطيبي يمتلك مشروعا إبداعيًا يعمل على إكماله؟

أنا مشغول فعلا بتاريخ الجزائر، أنا مشغول بتلك الصراعات، أنا مشغول بإسقاط الماضي على حاضرنا أنا مشغول بالبحث الفني، أنا مشغول بمحاولة طرح خيارات فنية جديدة في الرواية العربية، هل نجحت في ذلك أم لا؟ لا أستطيع الجزم في ذلك تبقى دائما مسؤولية الناقد أن يقول رأيه وأنا كلي آذان صاغية، ولكنني مستمر في المشروع ذاته، في التخيل، خصوصا أن التخيل هو بيتي وهو الحقل الذي أجد فيه نفسي، ولكنه التخيل المرتبط بمساءلة الماضي ومساءلة ما بعد الاستعمار، ومساءلة ماذا حصل من مخلفات في الحقبة الكولونيالية، مشغول بأسئلة عن وضع المرأة في بلادنا العربية، عن وضع الأقليات سواء الجندرية أو العرقية أو الاثنية، أمارس حقي كمثقف في طرح تلك الأسئلة وأمارس حقي في الخطأ ولا اخجل من الخطأ، ودائما أدافع عن حقي وحق الكاتب في الخطأ، لأن الخطأ دائما ما يقربنا من الحقيقة.

الروائي الجزائري سعيد خطيبي

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان