إعلان

عادل والمشغولات الذهبية.. حكاية رحلة من المكسب للإفلاس "صور"

04:14 م الإثنين 15 مايو 2023

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمود عبد الرحمن:

بين جدران غرفة طولية الشكل، أشبه بقَبْو صغير، ذات إنارة خافتة بوكالة جمال الدين الذهبي بمنطقة الصاغة بالقاهرة الفاطمية، جلس عادل شكر الله أحد صانعي المشغولات الذهبية بالسوق الأشهر للذهب، في انتظار من يطلب منه إصلاح أي قطعة ذهبية، تعود عليه بجنيهات تكفيه وأسرته قوت يومه. لكن مع حالة الركود التي فرضها ارتفاع أسعار الذهب إلى أرقام قياسية وظهور العديد من الشركات المتخصصة في التصنيع، واتجاه مواطنين لشراء سبائك الذهب بدلا من المشغولات بات ذلك مستحيلا بعدما تحولت الورشة إلى مكان شبه مهجور.

صورة (23)

"من 10 سنين فاتوا كانت الورشة مفيش فيها مكان الناس تقف"، يقولها عادل بلهجة حزينة. يسترجع ذكريات عمله في الورشة قبل سنوات، ومشادات تجار الصاغة معه وزملائه من العاملين في نفس الورشة لإنهاء طلباتهم من المشغولات الذهبية في المواعيد المحددة يقول عادل "من الضغط والإقبال كنت أرفض أستلم شغل جديد"، ليتحول هذا الإقبال إلى لعنة وفق قوله بعدما تسبب تذبذب الأسعار والظروف الاقتصادية الصعبة في القضاء على مهنة الصاغة والعاملين بها.

صورة (16)

"زمان كان في شغل عشان الدهب كان رخيص والناس تشتري". طيلة 33 عاما، يعمل عادل في صناعة المشغولات الذهبية بوكالة جمال الدين الذهبي التاريخية، التي تم إنشائها عام 1637 ميلادية، اعتاد صاحب الـ63 عاما خلال تلك الفترة الاستيقاظ في الثامنة صباحا من محل إقامته بمنطقة المرج للذهاب إلى عمله كصائغ بالورشة "لو يوم جيت متأخر ألقى الدنيا مقلوبة، عشان في ناس مستنية أشغالها".

صورة (14)

كانت محلات الصاغة تشتري سبائك الذهب وتعطيها لـ"ورش الصاغة" المتخصصة لتصنيع الأشكال المختلفة من المشغولات مقابل أجرة معينة أو تعاقد شهري "صاحب المحل يجيب السبائك ويحدد الأشكال اللي محتاجها من الخواتم والسلاسل"، لكن ظهور شركات متخصصة في الأمر، دفع كثيرين للاتجاه لها بدلا من الورش "الشركات كانت تعمل أشكال كتير وكمان أرخص من الورشة"، ليقرر عادل وقتها تحويل تخصص عمله من صائغ ذهب إلى مشغولات من الفضة.

صورة (13)

"كان سوق الفضة شغال وفي إقبال"، ليحدث ما لم يكن متوقع بعد أشهر قليلة من عمله في الفضة بظهور الفضة الإيطالية والتركية والتي لاقت إعجابا كبيرا لدى الزبائن نظرا لاختلاف أشكالها التي صنعت باحترافية: "الفضة المصري بقي قليل أوى اللي يطلبها نظرا لانخفاض سعرها"، ليقرر للمرة الثالثة التخلي عن صناعة المشغولات الذهبية والفضية والاكتفاء بصيانتها فقط: "اللي معاه سلسلة مقطوعة واللي معه خاتم مكسور".

صورة (24)

"الظروف صعبة والمعاش مش مكفي حاجة"، يستكمل عادل، الذي ينفق على أسرة من 4 أفراد، ويتقاضى معاشا لا يتعدى الـ 2000 جنيه، بجانب إيجار رمزي للورشة التي يعمل بها: "ممكن اليوم كله أعمل 50 جنيه"، والتي لا تكفي دفع أجرة المواصلات من المرج إلى شارع المعز المتفرعة منه الوكالة خصوصا عقب ارتفاع أجرة الأتوبيس الذي يستقله من 6 جنيهات إلى 7 جنيهات ونصف: "الأجرة وحدها بـ 15 جنيه غير لو هجيب حاجة آكل".

صورة (10)

يتذكر عندما طلبت منه زوجته عدم الذهاب إلى الورشة مرة أخرى مثل باقي الورش التي أغلقت أبوابها نتيجة عدم وجود عمل والبقاء في المنزل نظرا لارتفاع أسعار المواصلات بجانب المشقة التي يتكبدها يوميا: "قلت أجرب وقعدت أيام في البيت بس حسيت إني مش قادر"، نظرا لشعوره بالعجز والملل قائلا: "حتى لو مفيش شغل حابب آجي أقعد هنا أروح أخر اليوم"، متمنيا أن يتم رفعه معاشه الشهري نظرا لارتفاع مصاريف الحياة: "2000 جنيه يعملوا إيه دلوقتي؟".

فيديو قد يعجبك: