إعلان

على أرض "الداخلة".. حكاية مشروع بيئي ضمن الأفضل عالميًا

01:33 م السبت 25 يوليو 2020

مشروع الطرفة البيئي في الواحة الداخلة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث


كتب- محمد مهدي:

في ليلة صيفية عام 2007، كان "وائل عابد" يبحث رفقة شركائه في أنحاء واحة الداخلة، التي تبعد عن القاهرة 750 كم، عن منطقة تصلح لتحقيق حلمهم بإنشاء مشروع بيئي على أرض الواحة، عبارة عن مُنتجع سياحي يجذب الأجانب من كافة دول العالم للمجيء إلى مصر للتعرف على جمال الصحاري داخلها وقضاء وقت ممتع ومختلف بها، حتى عثروا على المكان المنشود في قرية "المنصورة".

توقعات كبيرة بقدر أحلامهم راودت "عابد" ورفاقه حينها، لكن ما جرى منذ اللحظة الأولى لظهور المشروع إلى النور كان يحمل الكثير من المفاجآت، آخرها اختياره منذ أيام ضمن أفضل 24 فندق على مستوى العالم من حيث الإطلالة على الطبيعة المحيطة من قِبل موقع Trip Advisor العالمي المختص بشؤون السياحة، يقول "عابد" لمصراوي: "دي حاجة تقول إن مصر متفردة، وعندها شيء مختلف عن كُل العالم".

صورة 1

كانت محافظة الوادي الجديد قد أشارت في بيان رسمي إلى الأمر، مؤكدة أن الفندق يعد واحدًا من أهم المنتجعات البيئية بالواحات، لكونه مصمم بالكامل من خامات البيئة المحيطة به، وأنه سبق واختارته هيئة "كوند ناست" الإيطالية ضمن أفضل 100 منشأة سياحية على مستوى العالم من حيث الشكل والتصميم والنموذج المحاكي لبيئة الواحة.
على مساحة 50 فدانًا بدا أن الصحراء لا تنتهي أمام أعين الناظرين، في قرية "المنصورة" بواحة الداخلة، كان عليهم العمل بخطى سريعة بعد حصولهم على موافقة المحافظة على إتمام التجربة ودعمهم لتعمير المنطقة "عملنا كل الدراسات عشان نعمل كيان صديق للبيئة، كل مكوناته من وحي المكان" ثم جرت أعمال الإنشاءات واستصلاح جزء من الأرض الصحراوية، وحفر بئر وتوصيل الكهرباء.

صورة 2

وقع الاختيار على الاستفادة من الأيدي العاملة بواحة الداخلة من كافة المهن "صنعنا كل شيء من فرش وآثاث وديكور من الخامات المحلية على إيد أهالي الواحة" على مدار عام و3 أشهر عمل أبناء المنطقة باجتهاد ومحبة لتنفيذ أكثر من 20 وحدة وقاعات للاستقبال جميعها من الطوب اللبن والحجر الرملي التي بدت في أفضل صورة مع افتتاح المشروع في 2008 تحت اسم "الطرفة" المستوحى من شجر الطرفة المنتشر في أنحاء مصر وخاصة الصحاري.

"شجر الطرفة هي الملاذ الآمن للناس في الصحراء لما تقوم عاصفة رملية" يذكرها "عابد" موضحًا سر إطلاق الاسم على المشروع البيئي الذي عرف الشُهرة سريعًا بعد بدء استقباله للسائحين الأجانب "شوفنا إقبال كبير من الصحافة العالمية للكتابة عن الفكرة والتصميم وحصلنا كمان على 13 جايزة، حيث يلتزم المكام بمقاييس السياحة البيئية لاستخدامه مكونات الطبيعة المحيطة وعدم زيادة عدد الوحدات لتمنح الجميع الخصوصية والابتعاد عن حياة الصخب والزحام.

صورة 3

ذاع صيت "الطرفة" لُيصبح محل اهتمام أسماء لامعة في دنيا الفن والأزياء بالعالم، حيث حضر إلى المنطقة الفنان الأمريكي الكبير "روبرت دي نيرو" كما يؤكد سعد أبوبكر، مدير المشروع، وأحد أبناء الواحة "وصل هو وأسرته، شخص متواضع، وكان مبسوط بزيارة مصر" قضى عدة أيام مستمتعًا بالأجواء الشرقية، والزيارات الثقافية في واحة الداخلة، وبالسفاري في الصحراء "أكتر شيء كان بيتكلم عنه هو جمال الطبيعة والهدوء حولينا".

صورة 4

نجوم آخرون جاءوا إلى الطُرفة "النجم العالمي هارفي كايتل، لورد وليدي تومسون من العائلة المالكة البريطانية، فريق دونا فانتورا الإيطالي، جون بول جون، عضو فريق لد زبلين الشهير LED Zipplen، مغنية الأوبرا الفرنسية كورين فيرون، وفد من جامعة السوربون" ساهم ذلك في جذب الأعين لواحة الداخلة التي تحوي مقابر فرعونية ورومانية وإسلامية في مدينة "موط" ومعبد للإله تحوت ودير الحجر الشهير وبلدة القصر الإسلامية- وفق الهيئة العامة للاستعلامات.

صورة 5

وفرت التجربة فُرص عمل لأبناء واحة الداخلة بعد الانتهاء من تشييد المكان، حيث ساعدوا عدد من المزارعين المحيطين بالمنطقة لتطوير أدواتهم والتعرف على الطرق الأفضل للري فضلًا عن تدريب العشرات على أعمال الفندقة المختلفة من بينهم "أبو بكر" الذي تدرج في وظائف مختلفة حتى بات مديرا للمشروع.
يقول أبو بكر: "اتعلمنا حاجات كتير خلال شغلنا في المكان زي اللغة من خلال التعامل مع الأجانب، وحبيناه وبقينا جزء منه" لذلك حينما تدهورت الأوضاع السياحية في مصر بداية من عام 2011 تمسك وغيره من العاملين بالاستمرار في أداء دورهم "قولنا لازم نحافظ عليه ودايمًا يكون له اسمه ووضعه في مصر والعالم".

صورة 6

في نهاية العام الماضي بدا أن الحياة ستعود مرة أخرى لسابق عهدها لكن مع تفشي فيروس "كورونا" المستجد في أنحاء العالم، وغلق حركة الطيران لأشهر أصبحت الأمور أكثر سوءا "تجربة كورونا صعبة على العالم كله، الأمور كانت بدأت تتحسن بس مفيش نصيب" كما يوضح "عابد" بأسى.
مضت الأشهر الماضية ببطء وخسائر فادحة لكن مع رجوع النشاط مرة ثانية، تواصلوا مع وزارة السياحة لمعرفة الإجراءات المطلوبة، دب النشاط من جديد في المكان "عملنا كل المعايير اللي مطلوبة واستقبلنا التفتيشات عشان التأكد من الالتزام" قبل أن يتلقى "عابد" الأخبار السارة باختيار "طرفة" ضمن الأفضل عالميًا، في توقيت يصفه بـ "الصعب".

صورة 7

شعر "عابد" بالتقدير الشديد من قِبل العالم لتجربتهم "خلوا الواحد يتشجع على الاستمرار رغم الظروف الصعبة اللي بنمر بيها بسبب (كورونا)" يعتقد أن ذلك سيدفعهم إلى مزيد من العمل لاستعادة الأيام الأولى لظهور "طرفة" فيما يرى "أبوبكر" إن هذا الاختيار سيكون له آثر إيجابي في عودة السياحة بغزارة إلى منطقة الواحات لأنها تملك مقومات لا مثيل لها.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان