إعلان

"إحنا نستحق الفلوس".. كيف استقبل 4 عمال عدم أحقيتهم منحة الـ500 جنيه؟

01:17 م الجمعة 08 مايو 2020

عمال اليومية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمود عبدالرحمن:

على أحد الأرصفة بمنطقة أرض اللواء بالجيزة، جلس عثمان عبدالوهاب، عامل باليومية، تدور عيناه حول العابرين من حوله، يترقب اقتراب أحدهم منه أو الإشارة إليه؛ ليطلب منه القيام بأي مهمة، مقابل حصوله على أجرته اليومية؛ ليتمكن من توفير بعض طلبات أسرته.

مع تزايد انتشار فيروس "كورونا" في مصر، منتصف مارس الماضي، ومع دعوات التزام المنازل، لم تكن لدى عثمان، ما وصفه برفاهية البقاء في منزله: "مش هلاقي أأكِّل عيالي، لكن المشكلة من وجهة نظره، إن ماكنشي فيه شغل، بسبب الحظر وخوف الناس"، وبعد أيام التزم رب الأسرة الثلاثيني بالبقاء في بيته مع إعلان الحكومة ممثلة في وزارة القوى العمال، عن صرف منحة استثنائية 500 جنيه للعمالة غير المنتظمة لمدة ثلاثة شهور.

"ابن أخويا قدم ليا على النت في المنحة وقالي استنى رسالة على الموبايل تقولك روح اصرف"، طوال أسبوعين ترقب عثمان وصول رسالة تخبره بموعد صرفه المنحة المخصصة للعمالة المتضررة من تداعيات فيروس "كورونا المستجد"، ولكن من دون فائدة "اتصلت على رقم 142قالوا: "أنت غير مستحق"، "رغم إني على باب الله ومليش دخل تأني"، ما أجبره على الخروج للعمل مرة أخرى لتدبر مصاريف أسرته.

الصورة الأولي

"لما أنا مش مستحق يبقي مين اللي مستحق"، هكذا يرى صاحب الـ56 عامًا، الذي يعتبر واحدًا من ضمن 500 ألف عامل، تم استبعادهم من الحصول على المنحة، بعدما تبين خلال مراجعة البيانات في الجهات المختصة أنهم لا يستحقونها، بحسب ما يقول هيثم سعد الدين، المتحدث الرسمي والمستشار الإعلامي لوزارة القوى العاملة، موضحًا أن هناك مجموعة من العوامل والمعايير تمنع المتقدم من الحصول على المنحة، كالأطفال الذين سجلوا أسماءهم ولم يصلوا إلى سن العمل الرسمي، وكذلك الذين يمتلكون حيازات وأملاكًا زراعية، ومن يتقاضون معاشًا شهريًا من أي الجهات، ومن يحصلون على منح تأمينية.

اختيار الأشخاص المستحقين للمنحة يعتمد في المقام الأول على اختيار العاملين في قطاعات غير منتظمة تضرروا بالفعل من تداعيات فيروس "كوفيد-19"، مع عدم تمتعهم بنظام تأميني، بحسب المستشار الإعلامي لوزارة القوى العاملة.

عثمان عبدالوهاب المقيم بـ"بولاق الدكرور" بالجيزة، لم يتقدم بتظلم على حرمانه من المنحة: "الحكومة يومها بسنة ومين هيصرف على البيت على ما يردوا"، ولذلك فضل النزول مجددًا إلى العمل، حتى لو عاد بنصف ما كان يحصل عليه قبل الأزمة.

الصورة الثانية

"من قلة الشغل بقينا نشتغل أي حاجة ونخفض سعر اليومية عشان نروح بالمصاريف"، يقول عبدالرحيم محمد، الذي يعمل باليومية مع عثمان، قبل انتشار فيروس "كورونا" كانت اليومية تبدأ من 100 جنيه وتصل إلى 200 جنيه، حسب طبيعة العمل والمجهود المبذول فيه، "دلوقتي لو حد قالي 50 جنيه بس، بوافق لأني مش لاقي والشغل قليل، مش زي الأول".

يقول عبدالرحيم صاحب الثلاثين عامًا: "قدمت في المنحة بس قالوا غير مستحق"، مضيفًا أن بطاقة الرقم القومي الخاصة به تحمل وظيفة عامل عادي، وسجل على موقع وزارة القوى العاملة، وبعد أيامٍ تفاجأ عند الاستعلام عن موقفه بكونه غير مستحق، متسائلا: "إذا كنت عامل ومليش عمل أو دخل ثابت وغير مستحق، يبقي مين يكون المستحق؟، قلت عوضي على الله هو اللي بيرزق".

وعلى عكس عثمان تقدم عبدالرحيم بتظلم على عدم استحقاقه للمنحة التي يراها من حقه: "لو جت هتسند معايا شوية في الأيام الصعبة دي".

ووصل عدد المتقدمين الذين سجلوا بياناتهم على موقع وزارة القوى العاملة من الدفعة الأولى منتصف أبريل الماضي، إلى ما يقارب 2.5 مليون عامل، أرسلت بياناتهم لمراجعتها من قبل الجهات المختصة، التي قامت باختيار 1.5 مليون مستحق للمنحة، بحسب ما يقول المتحدث الرسمي باسم القوى العاملة، موضحًا أن الوزارة ما هي إلا جهة حصر لبيانات المتقدمين، وإرسالها إلى الجهات المتخصصة والتي تحدد بدورها من له الأحقية.

الصورة الثالثة

عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" علم سعيد موافي الذي يعمل باليومية في المعمار بمنحة العمالة غير المنتظمة، وتوجه رفقة أحد أصدقائه بالمنطقة التي يسكنها بحلوان، إلى "سايبر قريب" من المنزل؛ لتسجيل بياناته، ليتفاجأ سعيد بعد مرور أيام عند الاستعلام عن موقفه من المنحة بكونه غير مستحق، رغم تحديد موعد لصديقه بالتوجه إلى أي من الأماكن التي خصصت لصرف المنحة "إحنا الاثنين نعتبر حالة واحدة وهو قبض وأنا لا".

"اتصلت على 142 وعملت شكوى قالوا تأني غير مستحق" يرى سعيد، خريج كلية الآداب، إن عملية مراجعة معلومات المتقدمين تتم بشكل عشوائي كما وصفها، وهذا ما حرمه من الحصول على المنحة: "أنا واحد تضررت بسبب الحظر، بس قلت المنحة هتساعد لحد ما الحال يتعدل"، ويبحث سعيد عن فرصة عمل بأحد المطاعم أو محلات السوبر ماركت، حتى تعود الحياة إلى طبيعتها الأولى: "كل ما أروح أسال في مكان يقول الحال واقف ومشينا عمالة من عندنا".

كان مجلس الوزراء خصص رقم 142 خطًا ساخنًا؛ للاستفسار عن موقف العمالة في المنحة بعد التسجيل، منعًا للازدحام بمكاتب البريد أو فروع بنك التنمية والائتمان الزراعي.

تأخر وصول الرسالة النصية التي تخبر مراد محمد بموعد صرف المنحة، بعد مرور 15 يومًا على تسجيل بياناته، دفعه للاتصال بالخط الساخن للاستعلام: "كل ما اتصل يقولوا غير مستحق".

"الشغل راح بعد "كورونا" ومفيش مصدر دخل تأني"، يعلق مراد أمله على رسالة قد تصله في القريب العاجل، وأن يكون ضمن المستحقين، فهذا المبلغ يساعده في تدبير نفقاته، حتى يتمكن من الحصول على عملٍ جديدٍ، مرحبًا بقرار الحكومة بتخفيف الإجراءات الاحترازية وعودة الحياة تدريجيًا بعد رمضان.

هناك ما يقارب المليون شخص الذين سجلوا بياناتهم على موقع الوزارة، وما زالوا يخضعون لعملية مراجعة بياناتهم في الجهات المتخصصة، بحسب المتحدث الرسمي للقوى العاملة، موضحًا أن عملية إرسال رسائل الاستحقاق تتم عقب انتهاء المراجعة.

فيديو قد يعجبك: