إعلان

بالصور- دوري المتعافين من المخدرات: "الكل أبطال"

10:01 م الثلاثاء 27 أغسطس 2019

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا الجميعي:

تصوير- محمود بكار

عندما تسمع تشجيع الجُمهور من بعيد، ويختلط صوت معلق المباراة مع صرخات اللاعبين، ستظن أنها مباراة اعتيادية، داخل المركز الأوليمبي بالمعادي، لكنه لم يكن كذلك، داخل الاستاد كانت الفرق نجوم اليوم، ليس لكونهم لاعبون فقط، بل لأن في جُعبتهم حكايات تحدي عن تعافيهم من تعاطي المُخدرات.

في الخامسة بدأت فعاليات الدوري الرياضي للمتعافين، وهي السنة الثالثة التي يُقام خلالها الفعالية الرياضية، تحت اشراف صندوق مكافحة وعلاج الإدمان بوزارة التضامن الاجتماعي، وقد حضرت الفعالية غادة والي وزيرة التضامن، والدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، والمطرب أحمد جمال سفير صندوق مكافحة الإدمان.

1

كان خالد السيد يصرخ في لاعبي فريقه، التابع لمستشفى الدمرداش، المباراة على وشك الانتهاء ولم يُحرزوا بعد أي هدف، كان فريق الدمرداش وفريق مركز العزيمة للتأهيل بالمنيا يلعبان على المركز الثالث والرابع، رغم ذلك كان خالد على أمل الفوز بالمركز الثالث "كنا واخدين الكاس السنة اللي فاتت".

في الدقائق الأخيرة من عمر المباراة، التي تستغرق ثلث ساعة فقط، كل شوط مُدته عشر دقائق، يصرخ الجُمهور مُشجعًا، وبين المدرجات يجلس بعض المتعافين من التعاطي يهللون لفريقهم، حيث ضمّت الفعالية حوالي 160 مُتعافي، كما يقول دكتور عمرو عثمان، مدير صندوق مكافحة الإدمان.

2

لم يلعب سوى خمس لكل فريق، غير أنهم أتوا للمؤازرة، من بينهم جلس عبد التواب مُشجّعًا، يسرح بخياله قليلًا للوراء، يتذكر تجربة إدمانه التي استمرت مدة عشرين عامًا، ولم يأخذ قرار التعافي بجدية سوى مع وصول الخسائر إلى الطلاق "وقتها كنت مستعد أبطل، بس عايز حد يديني دفعة"، وقتها وقفت زوجته بجواره، وقامت بالاتصال بصندوق مكافحة الإدمان، وبدأت رحلة التعافي التي استمرت لخمس سنوات.

مع انتهاء المباراة بدأت أصوات المزامير في الخفوت، ويعلو التوتر مع بدء ضربات الترجيح التي تنتهي بفوز فريق مستشفى الدمرداش، وتكريم السيد كأحسن حارس مرمى بالدوري مناصفة مع لاعب آخر من فريق الزهور، التابع لمستشفى القصر العيني.

3

الفرحة كانت تشّع من عيني السيد، ملامحه تغرق في العرق والسعادة في آن واحد، تلك اللحظة لم تأتِ من فراغ، هناك عامين من المقاومة، وتحدي الإدمان، بدأت بمشاهدته اعلان لصندوق الإدمان عبر التليفزيون "أنا كنت فاقد الأمل بس قولت أجرب"، مرّ السيد قبل ذلك بعدّة محاولات للتعافي "لكن في البيت"، غير أنها باءت بالفشل "وعرفت إني لازم أطلب المساعدة من دكاترة عشان أقدر أبطل".

بدأ الدوري منذ ثلاثة أيام، البداية كانت مع فرق المحافظات "وبيحصل تصفية بينهم"، ثم تقوم فرق القاهرة باللعب، من بين فرق المحافظات التي وصللت للنهائي كان الفريق المُسمى "العواجيز"، والتابع لمستشفى المعمورة بالإسكندرية، والذي يواجه فريق الزهور.

4

خلال الاستراحة بين المباراتين، كان ياسر مخلوف ينظر حوله، يُدرك اللحظة التي تجري، لم يعد بعد مُدمنا، كما أنه ليس متعافيا فحسب، بل أصبح مُشرفا علاجيا أيضًا، مسئولية كبيرة صارت على عاتقه منذ ستة أشهر داخل مركز العزيمة للتأهيل، غير أنه ظلّ على حماسه تجاه التجربة ونيل فريقه المركز الرابع، بالإضافة لحصوله على لقب أحسن روح رياضية، كل ذلك لم يأت من فراغ بل سنوات من المعافرة أحسّ خلالها بأن "مصر بتحبنا".

عشر دقائق فصلت بين المباراتين، حينها كانت تبثّ دكتورة مروة حسين، الأخصائية النفسية بصندوق مكافحة الإدمان، مشاعر الحماس في فريقها الزهور، الذي سيلعب المباراة النهائية أمام العواجيز، حيث تعتبر كابتن فريق ثاني لهم، كان قلبها يدقّ من فرط الحماس، لأنها تؤمن أن كل شخص تمكّن من المشاركة في الدوري هو بطل "هما قدروا يحوّلوا الوصمة لبصمة ويقولوا إن إحنا موجودين".

يقوم دور دكتورة مروة على التأهيل النفسي للمباريات "لأن الكورة مرتبطة بالإدمان، عشان أبعدهم عن أي مشاعر تتحرك جواهم تجاه المخدرات"، كذلك للتدخل في أي مشاحنات عادية يمكن أن تحدث، لكن ذلك لم يجري أبدًا على أرض المباراة التي بدأت في السادسة مساء، بحضور معلق المباراة كابتن أحمد شوبير.

5

هزّ شوبير الأجواء بتعليقه، وصوت المشجعين يرجّ المكان، ولاعبي فريق العواجيز والزهور يتحركون على أمل الفوز بالمركز الأول، والحصول على كأس البطولة، بينهما كان يُمارس طارق اللعبة المفضلة لديه منذ صغره "أنا كنت بلعب كورة بس المخدرات هي اللي بعدتني عنها"، يُناور طارق بالكرة، يُسلّمها لزميله، يقترب من المرمى، وما إن تدخل الكرة للشباك، حتى يهتز الملعب بالصراخ، دفعة من الأدرينالين تضخّ في أوردة طارق، تُذكره بحبه للكرة، والتي عاد للعبها في دوري الشركات بالإسكندرية بعد تجربة إدمان مدتها 13 سنة.

6

عند حدود الملعب تجلس مروة برفقة طبيبات القصر العيني مُصّفقات لفريقهن بحماس، ورغم الهدف الأول للعواجيز، لكن لازال الأمل يناور مروة، بينما يُحاول فريق الزهور الاستحواذ على الكرة من لاعبي المعمورة، وصوت شوبير يُحفّز فريق القصر العيني "يلا يا زهور أنت أقوى من المخدرات"، ثُم يُغيظهم محاولًا استفزازهم "دول العواجيز مطلعوش عواجيز خالص".

طيلة المباراة كانت الكُرة ملك فريق العواجيز، ورغم محاولات فريق الزهور في نهاية الماتش، لكن النتيجة وصلت لثلاثة أهداف مقابل صفر، مع فرحة كبيرة لفريق العواجيز ينطلق مُصطفى، أحد لاعبي الفريق، نحو كاميرات وسائل الإعلام قائلًا بحماس شديد "اسم العواجيز ده كمين، أنا مصطفى، أنا اختارت حاجات غلط في حياتي خدت من عمري 25 سنة، بس أنا دلوقت متعافي بقالي خمس سنين"، ومن حوله كانت تنصب نظرات الإعجاب.

7

بجانب ذلك الزحام كان طارق يستريح، يمسح عرقه، ونظرة فخر عظيمة تطلّ من عينيه، بعد فوز فريقه، لطالما حلم بتلك اللحظة برفقة زملائه في مستشفى المعمورة "كنا عايزين ناخد الكاس ونقضي اللحظة الحلوة دي"، وهاهي قد جاءت بالفعل، وبينما يأخذ أنفاسه مُنتظرًا الحصول على الكأس مع فريقه كان يشعر بدفعة جميلة من الأحاسيس، فيقول مُبتسمًا "أنا حاسس إني عامل حاجة في حياتي".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان