إعلان

شهود عيان يروون لـ "مصراوي".. دقائق النار والدم في "انفجار الدقي"

07:16 م الإثنين 06 أغسطس 2018

حادث الدقي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - نانيس البيلي:

تصوير - مصطفي الشيمي وكريم أحمد:

كعادته اليومية، كان "أحمد" يقود سيارته "ميكروباص - سرفيس"، التي يعمل عليها بعدما انطلق من منطقة بولاق الدكرور بالجيزة قاصدًا ميدان الإسعاف بمنطقة وسط البلد، قبل أن تهتز سيارته بقوة مع دوي انفجار هائل وقع في حدود الثامنة صباحًا، قرب مطلع كوبري أكتوبر بشارع البطل أحمد عبدالعزيز.

انخلع قلب صاحب الـ 21 عام "بيحسب إن البطارية انفجرت"، سريعًا غادر السيارة، قبل أن يَفزع من هَول المشهد. "لقى العربية كلها مولعة والتراب مغطي المكان"؛ يحكي "عبد النبي عمرو" صاحب الميكروباص ما أخبره به السائق.

هَرول "أحمد" بعيدًا عن ألسنة النيران، وتبعه باقي الركاب محاولين النجاة بأنفسهم، وسادت حالة من الهيستريا والصراخ بين المارة. "الناس اللي ماشية بقت تجري على الجنب التاني"؛ تصف المشهد "فاطمة مختار" صاحبة سيارة ملاكي طالتها شظايا الانفجار، وتقول السيدة التي هرولت بعيدًا عن موقع الحادث بعدما استجمعت قواها: "قعدت على الرصيف، مكنتش فاهمة إيه اللي حصل".

2018_8_6_12_52_17_129

كانت "فاطمة" في طريقها إلى عملها بأحد المولات التجارية، وفي موقع الحادث فصلها الميكروباص - الذي تفَحم لاحقًا - عن السيارة الملاكي المنفجرة: "أنا قولت عربيتي بتولع، رحت أدور على حزام الأمان عشان أفكه ونزلت جريت في الشارع"؛ تروي السيدة الخمسينية ما جرى بينما تستظل بشمسية من أشعة الشمس الحارة وأمامها سيارتها المهشمة.

وقت الحادث، كانت سيارة "فاطمة" إلى جوار الميكروباص الذي احترق "بس الناس زقوها وبعدوها عشان النار متمسكش فيها". وبخلاف السيارة الملاكي ذات اللون الأخضر (مصدر الانفجار) التي كانت خالية من الركاب وفقًا لشهود العيان، تضررت سيارة السيدة الخمسينية وسيارة أخرى، وتمثلت التلفيات في تهشم الزجاج والهيكل المعدني.

2018_8_6_12_53_46_692

على الرصيف المجاور للحادث، كان "عبد العزيز" يلهث وتتسارع نبضات قلبه أثناء انهماكه في إسعاف آخرين مصابين غارقًا بعضهم في دمائه "جبنالهم مياه وفوقناهم". وفي السابعة صباحًا كان هذا الشاب الثلاثيني يستعد لفتح كشك بقالته، مصدر رزقه الذي يبعد عدة أمتار عن مطلع الكوبري، لذا حين دوي الانفجار لم يرى السيارة التي انفجرت "لقيت تراب كتير طالع فوق والميكروباص بدأ يولع لحد ما اتحرق كله".

لم يكد "عصام" يترجل من ميكروباص آخر استقله ليصل إلى مدرسته بمنطقة جمال عبد الناصر التي يعمل بها مدرسًا، حتى انقلبت الدنيا من حوله، صوت انفجار هز أرجاء المكان. وسط حالة الهرج، كان أحد الشباب يسير بثقل بعدما نجا من الميكروباص المحترق "فتحت عربية ست كانت ماشية ودخلته جواها وقلتلها وديه أي مستشفى، كان غرقان دم وهيموت"؛ يذكر الرجل الأربعيني ما شاهده.

38761808_296697674421239_1716430087244480512_n

بحسب "عصام"، وقع حادث الانفجار في الثامنة والربع صباحًا، وكانت النار والدخان سيدا المشهد "شوفت الضهر بتاع الميكروباص كان محروق ووقع خالص، وجنبه عربية خضراء بتولع، وعربيتين جنبهم الإزاز بتاعهم طرقع".

في تلك الأثناء، هاتف "أحمد" صاحب الميكروباص ليبلغه ما حدث "قالي قنبلة اتضربت في العربية"، كان الشاب الثلاثني لا يزال نائمًا، استيقظ على الخبر المشؤوم "حسيت إن الدنيا خربت، قومت من السرير مفزوع وجيت جري". على الرصيف المقابل جلس أب لـ 3 أطفال القرفصاء، يقول إن السيارة التي يملكها هي مصدر رزقه الوحيد، مسؤولة عن إطعام 10 أفراد "فاتحة البيت والعيلة بتاكل منها".

2018_8_6_12_53_1_504

رجال الأمن بموقع الحادث أخبروا "عبد النبي" أن يتقدم بطلب للحصول على تعويض عن الميكروباص المحترق، لا يدري الشاب الثلاثيني إن كان سيحصل على حقه، لكنه يردد كلمات الحمد على نجاة السائق الذي يعمل معه منذ 6 سنوات "التفجير جه في الجنب اليمين، ولعت من باب الزبون عشان كده السواق طلع سليم، انكتبله عمر جديد".

على سرير بمستشفى السلام في منطقة المهندسين، كان "حسن محمود" يتلقى العلاج إثر إصابته بشظية في الرأس بحادث انفجار الدقي، وكان صاحب الـ25 عام استقل دراجته النارية وتوجه إلى عمله بأحد البنوك. لم يكد يسمع صوت الانفجار حتى سقط مغشيًا عليه "وولاد الحلال جابوني هنا".

حادث الدقي

6 حالات استقبلهم مستشفى السلام، بحسب أنطوي عبد الله مدير المستشفى، منها 4 حالات حصلت على الإسعافات الأولية وتم تحويلها إلى مستشفى قصر العيني لعدم وجود أماكن خالية بوحدات الحروق لديها، بينما توجد حالة واحدة تحتاج إلى جراحة لنزع شظية، وحالة أخرى غادرت المستشفى.

على بعد أمتار من موقع الحادث، اختلطت باقات الورورد الملونة بقطع زجاج مهشمة، بعدما سقطت وتبعثرت أرضًا بفعل قوة التفجير، بينما جلس "عم نيازي" ومازالت آثار النوم على وجهه وعينيه، ينظر الرجل الخمسيني بآسى إلى محل الزهور الذي يمتلكه وينفق منه على زوجته أبنائه الخمسة "كل حاجة خلاص مش نافعة تاني".

في التاسعة صباحًا، يفتح "عم نيازي" محل رزقه، لا يحتاج سوى دقائق قليلة للحضور من منزله بحي المهندسين إلى مكان عمله في الدقي، لذلك حين وقع الحادث كان لا يزال نائمًا "جاري اتصل بيا قالي تعالي عشان فيه انفجار والازاز عندك كله اتكسر". لم يصدق الرجل الخمسيني ما حدث بالمنطقة الهادئة التي يصفها بـ"أمان لأبعد الحدود". يذكر أنها المرة الأولى التي يحدث فيها انفجارات منذ وطأت قدمه بها "عشان كده لما اتصلوا بيا مبقاش فيا أعصاب، معرفش إيه اللي حصل".​

فيديو قد يعجبك: