إعلان

أحلامهم أوامر رغم الفقر.. رحلات كريمة في سوق الهدد "لاجل العيال"

02:03 م الأحد 10 يونيو 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-دعاء الفولي:

تصوير-شروق غنيم:

كل ثلاثاء يأتي موعد كريمة محمود مع الشراء. تخرج من منزلها قبل التاسعة صباحا، لتلحق بسوق المنيب الأسبوعي "أصل الحاجات الحلوة بتخلص بسرعة". على مساحة شاسعة يترامى بائعو كل شيء من الإبرة إلى الصاروخ، لكن السيدة الأربعينية تركز على "الهدد"، لعلها تفوز بمكتب قديم، دولاب أو قطعة أثاث أقل كثيرا في السعر، فالمهم ألا يحتاج أبنائها إلى غرض منزلي ولا يجدونه.

قبل عشر سنوات، انتقلت كريمة للسكن بمنطقة المنيب "قاعدين في مكان على أد حالنا وجوزي على باب الله"، لم تتبرّم أم الخمسة أبناء من ضيق الحال، ظلت تحاول تدبير أمور المعيشة "لحد ما سمعت عن سوق المنيب وإن الحاجات فيه بسعر رخيص".

ملابس، أجهزة كهربائية، أخشاب، سجاجيد، ومراتب؛ لا تترك صاحبة الاثنين وأربعين عاما فرصة إلا وتحصل عليها. يعمل زوج السيدة في مهنة حُرة "الي جاي على أد اللي رايح"، لذا فكان السوق بالنسبة لها طوق نجاة "بنجيب منه هدوم وأجهزة كهربائية". مازالت الأم تذكر حياتها قبل السوق الأسبوعي "كان الولاد لسة صغيرين فبياخدوا هدومهم من بعض، بس لما كبروا كان لازم اتصرف لهم في هدوم حتى لو مستعملة"، فأعمار أبنائها تتراوح بين عشرين عاما والسبعة أعوام.

طوال سنوات زواجها، حاولت كريمة توفير الأفضل لأولادها بالقليل، ظلت تشتري الملابس لوقت طويل، حتى وقعت

عيناها على سرير قديم في السوق.

ص 1

وقتها كان بائع السرير يتناقش مع أكثر من مشتري "كأنه مزاد". مازالت السيدة تذكر كيف أصرّت على شرائه "أصل هو زي سراير زمان اللي فيها شمعدان وكان سعره ب150 جنيه، يعني أقل من نص تمنه برة"، حين عادت به كريمة للمنزل، طارت ابنتها ملك ذات السبعة أعوام من الفرحة "كان أول مرة يبقى لها سرير لوحدها".

علمت كريمة أن تلك المرة لن تكون الأولى، صار موعد السوق مُقدسا "في حاجات في بيتي كتير بقت من هناك"، أصبح لديها خبرة بالأخشاب المختلفة "بقيت أخد بالي من حتة الأثاث اللي ينفع تتصلح والحتة اللي مفيش منها رجا"، تتعامل الأم بذكاء بالغ، تُدقق فيما تشتري، لكن ذلك لم يُرضِ زوجها طوال الوقت، إذ يعتبر ذلك تبذيرا، طالبا منها أخذ مشورته "بس انا بقول له إن الحاجات اللقطة والرخيصة قليلة، مينفعش أسيبها للأسبوع اللي بعده".

قدر المستطاع تحاول السيدة تحسين شكل المشتريات، كتلك "الجزّامة" التي حصلت عليها بـ40 جنيها بعد فصال دام ربع ساعة. بجانب أحد المحال في السوق ركنت الأم القطعة الخشبية، باحثة عمن يصلحها، حتى وجدت ضالتها في أحد الورش القريبة "فيها ضلفة متشالة وخشبها متبهدل، عايزة أصلحها وأدهنها".. قالتها الأم لأحد الصنايعية، ليرد عليها "حالتها مش وحشة أوي، مش مستاهلة تدفعي فيها كتير"، لكن إجابتها كانت حاسمة "مش عايزة أدخل بيها

على العيال كدة عشان ميتضايقوش منها".

2

تضع الأم أولادها نُصب عينيها "محبهمش يتأذوا عشان إحنا على أد حالنا"، تُخبرهم من أين تُحضر محتويات المنزل لكن لا تحدثهم عن مجهود التصليح "وهما مبيحبوش ييجوا معايا عشان اللف متعب". أمنياتهم مُجابة دائما بالنسبة لها، تحكي عندما طلب منها ابنها الأوسط مكتب ليذاكر عليه "نزلت لفيت في السوق ومرجعتش إلا بواحد"، لم يكن شكله جميلا "بس كان بربعمية جنيه رغم إن سعره برة ميقلش عن 800 جنيه، وأهو ابني بيذاكر عليه عشان الإعدادية".

تعتبر كريمة نفسها "ناصحة" رغم كل شيء، تتفاخر بإعجاب جاراتها بما لديها "بيسألوني بتجيبي حاجتك الحلوة منين"، تضحك وترد "من عند ربنا"، تكبر الغصة في قلبها "لما مقدرش أقولهم إني جايباها من سوق الهدد بتاع الحاجات القديمة"، فيما ترتاح قليلا حين يشكرها زوجها أحيانا على ما تشتريه "زي أما جبت سخان 55 لتر بـ450 جنيه، كان مستعمل بس حالته كويسة، هوّن علينا الشتا شوية".

تابع باقي موضوعات الملف:

20 عاماً من سوق التونسي.. خردة وأنتيكات و"أثاث استعمال خفيف"

1

المضطر يشتغل في "الهدد".. حكاية بائعين في سوق المنيب

2

30 عامًا من "اللّف" في الأسواق.. أحمد خليل "غاوي شرا القديم"

3

من الصعيد للقاهرة.. يونس يتتبع هوايته في أسواق المستعمل

4

"كل ما هو مستعمل".. سوق منطي "عتبة" الغلابة

6

"عفش قديم للبيع".. 7 معلومات عن أسواق الهدد (فيديوجراف)

7

فيديو قد يعجبك: