إعلان

مصير مجهول يواجه مئات المصريين.. ضحايا "التكويت" يلملمون أوراقهم للعودة

04:14 م الجمعة 18 مايو 2018

ارشيفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – نانيس البيلي:

مأزق كبير تعيش فيه "ماجدة سمير" المُدرسة المصرية في الكويت والتي تستعد لترك وظيفتها بوزارة التربية الكويتية أواخر الشهر الجاري، بعدما وقعت ضحية لـ"التكويت"، وهي الخطة التي أطلقتها الدولة الخليجية لإحلال مواطنيها محل العمالة الوافدة، في الوقت نفسه ستكون الأم لـ3 أبناء، عُرضة للمساءلة القانونية لعدم قدرتها على إكمال باقي أقساط قرض حصلت عليه من أحد البنوك الكويتية.

قبل نحو 10 أيام، أعلنت جهات حكومية في الكويت نيتها الاستغناء عن خدمات 10 آلاف وافد يعملون في القطاع الحكومي اعتبارًا من الأول من يوليو المقبل.

وأعلنت الكويت، في مارس الماضي، نيتها الاستغناء عن 2690 موظفًا وافداً اعتباراً من أول يوليو المقبل ضمن خطة تكويت الوظائف.

في فبراير من العام الماضي، كانت المرة الأولى التي يتم إبلاغ "ماجدة" بالاستغناء عنها عن طريق إخطار تسلمته مديرة مدرستها الواقعة بالعاصمة الكويتية "طلبوا مني إني أروح أوقع بالعلم في المنطقة التعليمية"، وفق ما تقول السيدة الأربعينية، قبل أن تقدم طلبا باستثنائها من "التفنيش" لظروف خاصة "اتوافق عليها وأخدت استثناء سنة عشان بنتي كانت رايحة 3 ثانوي".

ذات الإخطار تسلمته "ماجدة" التي تعمل بالكويت منذ أكثر من 10 سنوات، في أبريل المنقضي، لتقدم للوزارة طلب استرحام "حاجة زي طلب رحمة كده بالاستثناء من نهاية الخدمة"، داخله شرحت ظروفها بحصولها على قرض من بنك بالكويت "كنت واخدة قرض عشان أبني شقتين في منزل والدي" بينما رفضت الوزارة استثناءها من الإحلال تلك المرة.

تنتظر المُدرسة المصرية إصدار القرار النهائي بـ"تفنيشها" خلال أيام من الشهر الجاري حتى تُنهي إجراءات حصولها على مستحقاتها المادية، بينما تعلم أن مكافأة نهاية الخدمة لن تكفي لسداد مديونياتها "بناخد مكافأة نص شهر عن أول 5 سنين وبعد كده شهر كامل"، في الوقت نفسه لن يفي راتب زوجها بسداد ديونهم "يا دوب بندفع منه إيجار الشقة".

الآن تعيش "ماجدة" في دوامة التفكير، يؤرقها اقتراب موعد القرار النهائي بالاستغناء عنها وعجزها عن الوفاء بدينها للبنك، لا تملك رفاهية الرجوع إلى مصر، وتكرس جهدها حاليًا نحو البحث عن وظيفة أخرى بالكويت "مقدمة في كذا مدرسة، الله أعلم هقبل ولا لأ؟".

وفي تصريح لإحدى الصحف الكويتية، أوضح رئيس لجنة الإحلال النائب خليل الصالح: "في أول يوليو سنطلب من ديوان الخدمة إحصائية بعدد الوافدين غير الفنيين الذين تم تجميد عقودهم، ووفق ما تسلمنا من بيانات فإن هناك عشرة آلاف موظف وافد سيتم إنهاء خدماتهم مطلع يوليو، موزعين على وزارات التربية والصحة والأوقاف والداخلية وجهات أخرى".

طريقة أخرى عرف من خلالها "عبدالرحيم" بقرار الإحلال، فمنذ عامين ترددت أنباء بينهم حول توجه الدولة نحو الإحلال، بعدها سُربت ورقة عبر تطبيق "واتساب" تحوي أسماء المعلمين المصريين الصادر بحقهم قرار بالاستغناء عن خدماتهم ضمن خطة التكويت "والورقة دي المفروض إنها سرية متطلعش" وأنهم لم يعرفوا من وقف وراء تسريبها لهم "لكن هي بشكل أو بآخر اتصورت ونزلت عـ الواتساب كل الناس هنا عرفوا بيها".

______ ______

بيان في الجريدة الرسمية نشر منذ أشهر حول توجه الحكومة الكويتية بتحديد نسبة معينة داخل كل وزارة لإحلال الكويتيين بدلاً من الوافدين، وحددت وزارة التربية عددا معينا، بعدها تأكد الرجل الأربعيني من صحة الورقة المسربة، حتى إرسال إشعار إلى المدارس في شهر مارس الماضي "قالول لنا إنه آخر تعاقد معانا في العام الحالي".

لا يملك "عبدالرحيم" بديلاً آخر عن العودة إلى مصر بعد 22 سنة قضاها معلمًا في وزارة التربية بالدولة الخليجية، يقول إنه سيبدأ في عمل إجراءاته آخر الشهر الجاري بعد إصدار قرار الإنهاء، بعدها سيكون من المفترض استلام مكافأة نهاية الخدمة خلال شهر من الإجراءات "يعني المفروض آخر شهر 7 نكون واخدين كل مستحقاتنا".

أضرار نفسية كبيرة يعاني منها "وليد" وأسرته منذ علمه بقرار الاستغناء عنه من وزارة التربية الكويتية، يقول إنه يشغل تفكيره حاليًا مصير زوجته وأولاده "أول مرة الواحد يحس بموضوع قطع الأرزاق ده.. إحنا حياتنا دلوقتي مش ماشية هي بتحبي" يقولها بينما تعشش غُصة في حلقه.

3 (1)

ولجأ مئات المصريين العاملين في الكويت، في الأيام الماضية، إلى عرض ممتلكاتهم للبيع بثمن بخس لتصفية ممتلكاتهم والنزول برفقة أسرهم إلى مصر بشكلٍ نهائي.

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي باتت جملة "للبيع بسبب النزول النهائي هي الأكثر تكرارا على مواقع التواصل وتطبيقات بيع الممتلكات بدول الخليج العربي، خاصة الكويت التي أطلقت حملة لتوطين الوظائف ضمن ما يعرف بـ"التكويت".

مصير مجهول يواجهه الرجل الخمسيني بعد القرار المشؤوم، على حد قوله، فهو لا يعلم إذا كان سيعود إلى مصر رفقة زوجته وأولاده أم سيستمر في الدولة الخليجية "ولو رجعوا لوحدهم الحياة هتتحول من حياة زوجية لحياة عزوبية"، كما يفكر في تبدل حياته بعد خسارة عمله "قاعد بفكر هل هسيب الشقة وبيتي اللي قعدت فيه نص عمري، هستغني عن السيارة، موضوع الراتب هيقل تماما".

"كل ما له بديل كويتي هيمشي ده المختصر المفيد" يلخص "وليد" مستقبل العمالة الوافدة ومن بينهم المصريون في ضوء سياسة التكويت.

5

"الحاسب الآلي، الاجتماعيات، التربية الإسلامية" هي أبرز المواد التي تستغني الكويت عن معلميها الوافدين حاليًا بحسب "عبدالرحيم": "شغالين عليها حاليا لأن فيها زيادات والكويتيون متوافرون منهم"، بينما يشير إلى مواد أخرى لا يطال معلموها خطة الإحلال وهي "الرياضيات، الفيزياء، اللغة الإنجليزية، الموسيقى، التربية البدنية للبنات": "ميقدروش يمشوا المدرسين بتوعها لأن عندهم فيها عجز شديد".

مشكلات لا تعد ولا تحصى يصطدم بها المصريون الذين وقعوا ضحايا لـ"التكويت"، أبرزها القروض التي حصل عليها عدد كبير منهم سواء لشراء شقة أو سيارة، كما يذكر عدد من المعلمين المصريين بالكويت، فإما العجز عن السداد والتعرض للمساءلة القانونية أو الهروب من الدولة " فيه ناس سابوا المكافأة بتاعتهم ونزلوا مصر قبل البنك بتاعهم ما يعمل عليهم منع سفر" بحسب "عبدالرحيم".

التعود على الحياة بالكويت واختلافها كثيراً عن مصر، مأزق آخر يواجه ضحايا الإحلال، وفق "عبدالرحيم": "فيه ناس عيالهم في بداية المرحلة الثانوية أو في التعليم هنا من زمان ومرة واحدة قالولهم امشوا، فده عشان يظبط نفسه في مصر بتبقى مشكلة".

ويقول "وليد" إنه يقلق بشأن مستقبل أولاده "لأن طريقة التعليم مختلفة بين البلدين، مش عارف مصيرهم هيبقى إيه؟".

بعبارة لا تخلو من عتب يلخص "عبدالرحيم" ما حدث له ولمئات المصريين "اللهجة بالإحلال قوية خاصة مع المصريين"، وبنبرة غاضبة يقول إن السفارة المصرية بالكويت لا تنقل الصورة كاملة للمسؤولين في مصر "كل شوية يسرحوا مصريين ويقولوا إنهم أكثر فئة عربية في الكويت، المفروض يبقى فيه رد فعل من الخارجية المصرية، بس للأسف مفيش حد بيدافع عننا"، نفس الأمر يتفق معه "وليد": "أنا بلوم مصر.. لما يبقى فيه 10 آلاف وافد معظمهم مصريين يتفنشوا من الوزارات دول مصيرهم إيه؟".

فيديو قد يعجبك: