إعلان

عمال التراحيل عن "شهادة أمان": "عاوزينها تقسيط.. سنَد لعيالنا لما نموت"

07:28 م الأحد 04 مارس 2018

عمال التراحيل

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- نانيس البيلي:

تصوير- منعم سامي:

على رصيف دائري (المريوطية- فيصل) بمحافظة الجيزة، اتخذ العشرات من عمال التراحيل مكانهم مع ظهور أول ضوء للنهار، جلسوا مُمسكين بمعدات عملهم البسيطة "فأس، أجنة، شاكوش"، عيونهم زَائغة مع السيارات المارة على الطريق، آملين في أن يُناديهم الرزق. يقطع مَلل الانتظار، الذي عادة ما يمتد ساعات، مناقشاتهم حول شهادة "أمان المصريين"، والتي يتفق أغلبهم على فائدتها "لأنها تأمين لعيالي عشان لما أموت تسندهم بعد كده" بحسب "عبد السميع"، بينما يتفق معظمهم على عدم قدرتهم على دفع قيمتها البالغة 500 جنيه، ليتساءل أحدهم: "ميرضوش يدوهالنا بالتقسيط وكل شهر ندفع حاجة؟".

وبدأت بنوك الأهلي ومصر والقاهرة والمصري الزراعي، اليوم الأحد، طرح شهادة "أمان المصريين"، أمام المواطنين بفئات تبدأ من 500 جنيه ومضاعفاتها بحد أقصى 2500 جنيه لكل شخص. وتستهدف هذه الشهادة، في الأساس، توفير حماية تأمينية للعمالة الموسمية والمؤقتة، والعمال الذين ليس لهم دخل ثابت، والمرأة المعيلة، بما يضمن استقرار أسرهم في حالة الوفاة.

5

من خلال الجرائد الورقية، عَلِم "شداد محمد" قبل أيام بموعد طرح شهادة "أمان المصريين": "باخده من الراجل بتاع الجرايد أقراه وبعدين أرجعهوله تاني"، ورغم أنه يراها تخدمه ورفاقه ممن يعملون بشكل غير منتظم "عشان- لا قدر الله- لو الواحد مات أو حصلتله حادثة ياخدوها عياله"، غير أنه يجد قيمتها أكبر من مقدرة عمال اليومية "الرجالة دي على باب الله، يوم فيه شغل و10 أيام مفيش".

بحماسٍ كبير، أخذ "شداد" يسرد لرفاقه من العمال تفاصيل الشهادة التأمينية "بتجيبوا الاستمارة بـ500 جنيه من البنك ويتأمن عليكم، قريت في الجرنال إن فيه 250 فرع لـ4 بنوك فاتحين النهاردة"، ليقاطعه "مصطفى" عامل ثلاثيني متسائلاً عن آلية دفع المبلغ "هو الـ500 جنيه دول لازم ندفعهم مرة واحدة ولا ممكن تقسيط؟" قبل أن يجيبه الرجل الأربعيني بضرورة تسديدها دفعة واحدة.

وشهادة "أمان المصريين" متاحة أمام جميع المصريين، وليس العمالة اليومية فقط، بشرط أن يكون المواطن في الفئة العمرية بين 18 و59 سنة.

1

قبل حوالي 30 عامًا؛ قدم "شداد" من محافظة المنيا، منذ ذلك الوقت وهو يجلس على نفس الرصيف في محاولة لكسب الرزق: "لقيت الناس قاعدة هنا رحت قاعد جارها"، بمرارة كبيرة يشكو الرجل الأربعيني من ضيق الحال، فيقول إنه غالبًا ما يعمل 5 أيام فقط بالشهر "والباقي مفيش، يعني اليوم اللي بشتغله بصرفه في مصاريف".

يتعلق "شداد" بأمل يمكنه من امتلاك قيمة شهادة "أمان للمصريين" لتكون سندًا لأبنائه الأربعة في المستقبل "لما تُفرج هشتريها طبعًا بس أشتغل ويجيلي فلوس"، يقول إنه يحاول جاهدًا توفير نفقات تعليمهم حتى يتمكنوا فيما بعد من العمل بوظيفة ثابتة "نفسي عيالي يبقالهم مستقبل وميبقوش زيي، مش عايز أشوفهم يقعدوا قعدة المتسولين دي واللي رايح واللي جاي يبص عليهم".

وفي تصريحات سابقة لـ"مصراوي"، قال السيد القصير، رئيس مجلس إدارة البنك الزراعي المصري، إن البنك سيعمل بعد موافقة البنك المركزي على إجراء عمليات تنسيقية بين الموظفين بالبنك والجمعيات الزراعية لإتاحة إصدار الشهادة للمزارعين والفلاحين، بأماكن وجودهم، مضيفًا أن العميل الذي لا يستطيع سداد ثمن الشهادة مرة واحدة سيقوم البنك بإصدار حساب توفير لصالح الشهادة مجانًا بهدف تمكين العميل من تغذية الحساب حتى اكتمال فئة الشهادة التي يرغب في شرائها وإصدارها حسب طلبه.

ما إن سمع "عبد الرحمن" (45 عامًا) عن الشهادة من خلال أحاديث رفاقه وقت تجمعهم على الرصيف، حتى أعجبته الفكرة كثيرًا ورأى فيها حماية لأطفاله الثلاثة "لو الواحد حصلتله ظروف ومات يسيب اللي يأكل عياله"، بينما صدمه المبلغ المطلوب للحصول عليها "مش معايا أشتريها، ده أنا بستلف فلوس عشان أقضي أمور بيتي".

4

جاء "عبدالرحمن" من محافظته بني سويف قبل أكثر من 10 سنوات للعمل بالقاهرة كنجار مسلح، غير أنه لم يجد فرصة للعمل في حرفته، فالتحق بركب عمال التراحيل "ومن يومها قعدت على الكوبري هنا عشان اشتغل أي حاجة"، يقترح الرجل الأربعيني تقسيط شهادة "أمان المصريين" للعمالة غير المنتظمة وبناشد المسؤولين يبصوا للناس دي ويساعدوا العمال الغلابة اللي قاعدة على الكوبري ويخلوهم يدفعوا ثمن الشهادة على مهلهم".

اليوم كانت المرة الأولى التي يسمع فيها "أحمد إبراهيم" عن الشهادة بالتزامن مع أول أيام طرحها بالبنوك، يقول ابن الـ30 ربيعًا إنه تحمس كثيراً لها غير أن ضيق اليد منعه من شرائها "نفسي أعملها بس شوية كده نشتغل وربنا يرزقني وأجيبها".

وتتيح الشهادة للعميل الاختيار بين الحصول على معاش شهري لمدة 4 أو 10 سنوات، أو تعويض نقدي، يستفيد منه ورثته بعد وفاته، وتختلف قيمة المعاشات والتعويضات في حالة الوفاة الطبيعية عن حالة الوفاة نتيجة حادث. ويبدأ المبلغ التأميني الذي يمكن سداده دفعة واحدة في حالة الوفاة الطبيعية 10 آلاف جنيه و50 ألف جنيه في حالة الوفاة الناتجة عن حادث، وصولا إلى 50 ألف جنيه في حالة الوفاة الطبيعية و250 ألف جنيه في حالة الوفاة الناتجة عن حادث، بحسب قيمة الشهادة.

3

منذ السابعة صباحًا يجلس "أحمد" على ذات الرصيف، يظل منتظراً قدوم أحد أصحاب الأعمال لطلبه، وفي اليوم الواحد يحصل على حوالي 120 جنيها، وقد يظل في نفس مكانه دون الحصول على شيء "ممكن أشتغل 15 يوم وأقعد 5 أيام من غير شغل".

ومع ذلك لم يُفكر الشاب الثلاثيني في تغيير عمله الذي التحق به وهو بعمر 10 سنوات، يقول إنه لا يفضل المهنة المنتظمة لأنها لن تكفي المسؤوليات الموكلة إليه بتجهيز شقيقتين أصغر منه "عندي مصاريف كتير ورايا والصنعة فلوسها متكفيش حاجة".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان