إعلان

لوريس..جدة تراجعت عن فكرة العودة بعد ليلة من الرعب خلف باب المنزل بالعريش

05:48 م الإثنين 25 سبتمبر 2017

الجدة لوريس

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - مها صلاح الدين:

انفرط عقد ذاكرة أيام الرعب أمام عين الجدة "لوريس"، في العقد السادس من عمرها، داخل شقتها الصغيرة بمدينة المستقبل التي لا تحتوي من الأثاث سوى أريكة صغيرة، ومنضدة معدنية وسريرين صغيرين، تستلقي عليهم هي وزوجها عماد.

غادر الاثنان العريش مع آخر النازحين بعد أن انهالت عليهم المكالمات الهاتفية لتحثهم على إنهاء ما يتخطى النصف قرن من العمر، ومغادرة العريش.

لا تنسى لوريس وزوجها قرار زوج ابنتهم المفاجئ بالرحيل، بعد المضايقات التي كان يتعرض لها على الطريق لمجرد أن خانة الديانة ببطاقته الشخصية كتب بها "مسيحي"، لتباغتهم ابنتهم بمكالمة هاتفية ذات صباح وتخبرهم أنه قرر أن يحمل متاع منزله، وينتقل هو وأسرته إلى "مرسى مطروح"، كما أنها لا تنسى مشهد ابنها الوحيد "رامي" الذي عاد إلى المنزل محمولا على الأكتاف، غارقا في دمه، بعد أن أُجبر على ترك سيارته لمتطرفين قطعوا طريقه.

2017_9_25_17_47_7_963

وبالرغم من كل هذا وذاك، قررت السيدة المسنة العودة لاستخراج شهادة تخرج لابنتها من الجامعة، بعد أن تقدمت لشغل وظيفة في موطنها الجديد بمرسى مطروح، وكان شرطهم الوحيد هو الحصول على شهادة تخرج كرتونية، حاولت الفتاة إنجاز تلك المهمة وحدها، إلا أنه عِبارة استوقفتها بموقف سيارات العريش، جعلتها ترتجف، "هما المسيحيين رجعوا تاني العريش ولا إيه"، فشلت الفتاة في الحصول على شهادتها في يوم واحد، وكان عليها المغادرة فورا، ما جعل الأم تسعى لإتمام تلك المهمة.

على طريق السفر، حملت الجدة الآمال في رؤية الأحباب، ورغم صعوبة التحقق ظلت الأماني بإيجاد واقع أفضل يتيح لهم العودة لتمضية ما تبقى من العمر على أرض "الوطن"، إلا أن كل هذه الأمنيات تبددت مع نظرات الخوف والتساؤل التي خالطت عبارات السلام الخجولة للسيدة المسنة من الجيران والأصدقاء في طريقها إلى المنزل.

24 ساعة قضتها لوريس وحيدة بين الجدران الأربع المعتمة فى العريش بهدف إنهاء الحصول على شهادة ابنتها، لم تتحدث لأحد، ولم تجرؤ حتى على النزول إلى أحد المحال لإعداد وجبة تسد رمقها، ما يجعلها تقول بلهجة منفعلة: "إحساسي ده أول مرة أحسه، كإن أنا فيا كوليرا، كإنهم خايفين يقربوا مني".

ساعات قليلة تزايدت فيها الأسئلة اليائسة في مخيلة العجوز، "قعدت أفكر إزاي هنرجع العريش في الظروف دي، والناس نفسها تأقلمت إن إحنا مش موجودين".

2017_9_25_17_47_24_682

فى منتصف الليل يدق باب منزلها بالعريش وهي بالداخل ليقطع حبال الأفكار الحزينة فى رأس الجدة، لترد من بالباب؟.. فيجيب الطارق بصوت أجش بلهجة آمرة: عايزين رامي، فتنفي الجدة وجوده، فيبادر الطارق بسوالها أين؟ فتكذب وتقول إنه بالإسكندرية فيزيد عليها بالأسئلة وكأنها متهمة أمام محقق، "ومين معاكي هنا"، فتجيب "لا أحد".

تلتقط العجوز أنفاسها وتقول لـ" مصراوي": "مصدقتش إنه مشي وكملت الليلة بجوار باب الشقة حتى بزوغ الفجر"، لتشق طريقها إلى الجامعة وتتم مهمتها، وتعود إلى الإسماعيلية بدون تردد.

تقول العجوز "أكثر الأشياء المؤثرة في وتدفعنى للعودة إلى العريش حضانات ومدارس الإسماعيلية ترفض أحفادى، الذين آن الأوان أن يخطوا أولى خواتهم في طريق العلم، فلم يستطع والدهم المريض إلحاقهم بمدرسة خاصة، بعد أن أصبح عاجزا عن العمل بسبب الإصابات البالغة التي خلفتها حادثة خطف سيارته، التي وجدها أصدقاؤه خردة فيما بعد على أرض العريش.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان