إعلان

بالصور- في فن الاستعداد للحج.. حكايتان من القاهرة و"كفر قنديل"

10:26 ص الخميس 31 أغسطس 2017

طقوس الاستعداد للحج

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- دعاء الفولي:
تصوير-روجيه أنيس:

حين اقترب موعد اللقاء، لم يعلم مهدي حسين ما عليه حمله في حقيبة السفر. قلبه مُعلق بستار الكعبة. نفسه تطرب فرحا وخوفا وشوقا لزيارة المسجد النبوي. طعامه الصلاة. وزاده الطواف. لولا حاجته للصمود في وجه الإجهاد، ما اصطحب معه شيئا، وفيما قلّص هو المئونة، خبزت صفية حمدي الفطائر على أعينها، غلفتها بعناية داخل عدة أكياس، تبغي إطعامها لقريناتها في الحج، تتقرب بها إلى الله، تعلم أنها قليل، لكن البركة تُجمّل كل شيء.

حقيبة الحج

10 أيام فقط هي المُدة التي لملم فيها حسين حاجياته "مكنتش عارف الناس بياخدوا إيه". سأل عن التجهيزات، وانصبَ اهتمامه على المناسك "فضلت أسبوع أقرأ يوميا عشان أبقى دقيق"، بينما اهتمت زوجته بتحضير لوازم السفر "أنا لو عليا ماخدش غير لبس الإحرام بس وشنطة على كتفي".

ملابس الإحرام

لكل شيء في حقيبة حُسين أهمية "شددت عليهم ميحطوش إلا الضروري". كيس بلاستيكي مُغلق بإحكام يحوي كيلو من الليمون، وضعه الحاج الخمسيني في قاع الحقيبة "قالولي كويس عشان البرد وينفع مشروبات ساقعة للحر".

كيس ليمون

لم يذق حُسين النوم منذ علم بذهابه. سجّله ابنه في قُرعة تابعة لمكان عمله "مرضيش يقولي عشان محزنش لو مجتش". يذكر الأب لحظة إخباره بالأمر "كان هيغمى عليا من الفرحة". يرفع يديه أمام عينيه، قبل أن يقول "إيدي بتترعش ورُكبي مش شايلاني من الموقف".

مستلزمات السفر

على بُعد 90 كيلو من حي الهرم حيث يقطن حُسين، وفي قرية "كفر قنديل" بالجيزة، جلست الحاجة صفية بصحبة جاراتها. عيناها تذرفان الدموع. سعيدة بالحج وتُساورها غصة "أول مرة أروح مكة بعدما جوزي تُوفي.. كنا بنروح سوا دايما"؛ ألقت السيدة المُتشحة بالسواد الجملة، ثم دفنت وجهها بين راحتيها وغلبها البكاء، غير أن صديقتها تغنّت فجأة بلحن عذب: "صلوا على نبينا.. وزيدوا في صلاته.. كان يلاغي القمر.. وبيفهم لغاته"، نكزت إحداهن صفية برفق كي تصفق معهن، ارتفع الصوت، ابتسم المارون أمام البقالة، غطت الزغاريد على حزنها وازدادت، حتى كادت تملأ فراغ قلب صفية.

5

تعيش السيدة السبعينية في غُرفة. ليس لديها أبناء. أصرت نساء المنطقة على مساعدتها لتحضير ما ستصطحبه، غير أنها أبت. قبل السفر بأيام قليلة، استعادت علاقتها الطيبة بالفرن. صنعت خبزا أسمر "عشان مبحبش بتاع السعودية..وإحنا عيشنا حلو ومرحرح"، ثم خبزت الفطائر "قلت يمكن الستات اللي معايا ياكلوا منها".

البتاو

لحوم؟.. ما أن سمع حُسين تلك الكلمة حتى رفض الاقتراح بحزم "المطاعم مالية الدنيا في السعودية.. انا رايح أعبد ربنا ولا آكل؟". فيما لم تخلُ حقيبته من مُعلبات كالتونة أو الجُبن "وشوية عسل وطحينة عشان الطاقة".

العيش الناشف

أثناء التحضير للرحلة، اختار حُسين بنفسه أشياء بسيطة "أهمهم القهوة.. لأني لازم أشرب فنجان كل يوم"؛ اشترى سخانا كهربائيا صغيرا، كنكة، البُن المُفضل، وعلبة من مشروب النعناع.

جبنة وتونة وحلاوة

تلك المرة هي الأولى التي يذهب فيها الأب الخمسيني للحج أو العمرة "مع إني سافرت خمس دول". يُعددها بين ليبيا، الأردن، تركيا وغيرهم. يعلم أن للسعودية خصوصية، ولازدحام الحج اعتبارات، أصعبها الحصول على سكن جيد. تزاحمه المخاوف من مشقة الرحلة، لكن لم ينسَ الطيور؛ يتهلل وجهه بغتة إذ يُمسك بكيس حبوب القمح، التي سيُطعمها للحمام في مكة.

9

منذ وفاة زوج صفية قبل عام، لم تعرف الملابس المُلونة "أخدت في الشنطة عبايتين سود". بالكاد دبّرت السيدة مصاريف الحج "أصلي رايحة سياحي بـ65 ألف جنيه". بعد رحيل رفيقها باعت قطعة أرض تملكها واستبدلتها بغرفة بسيطة "قلت أزور بيت ربنا أولى.. وانا مش محتاجة مكان كبير أعيش فيه".

10

كانت غُرفة السيدة العجوز متسعة على ضيقها. تدلف الأرجل وتخرج. يهنئها أهل "كفر قنديل" بالكرامة التي نالتها. تستقبلهم في ود. تتحامل على قدميها لأجل أصول الضيافة. بساطة الحال لم تمنعها عن طبخ بضع كيلوات من اللحم، واصطحاب علبة كبيرة من السمن. خبأتهم في ركن قصي من الغرفة "الناس هنا على عيني.. بس دول رايحين معايا لبيت الله والناس اللي هناك".

حقيبة السفر

لكل شيء أوان "ودة أواني أزور مكة".. تدمع عينا حُسين حين يتذكر الهدية الربانية. يُعدد ألطاف الله الخفية؛ بدءً من الإجراءات اليسيرة، وحتى تدبير المقابل المادي في أيام معدودة. يجلس على مقعد مُجاور لحقيبة سفره، ينظر للمشهد كله فلا يصدق، يعي في نفسه أن الكرم الإلهي جاءه تعويضا عن سنين صعبة "ودي المكافأة". 

12

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان