إعلان

آخرة التفاني في العمل.. طبيبة نساء فقدت حملها لتوليد مريضة

11:44 ص الأربعاء 05 يوليو 2017

ميرفت محمد طبيبة نساء

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-دعاء الفولي:

الأربعاء الماضي علمت ميرفت محمد، أنها حامل في الأسبوع السادس تقريبا. ابتهجت أسارير ذات الـ38 عاما، غير أنها لم تفكر في أخذ إجازة من مهنتها كطبيبة نساء بمستشفى الأقصر العام، وفي يوم الخميس بدأ العمل من الثامنة مساءً وحتى الصباح التالي، قبل أن تجتاح جسدها آلام شديدة، تفقد على إثرها الجنين.

في تلك الليلة كانت الطبيبة تُدير النوباتجية "كان فيه ضغط شغل وعملنا 3 ولادات قيصرية". ظلت العمليات ومتابعة المرضى مستمرة حتى الثانية صباحا "كان عندي وجع خفيف في بطني وابتدى يزيد"، لم تضع في حسبانها حدوث مشاكل في الحمل "أنا ولدت 3 مرات وعمري ما حسيت بكدة" حسبما تقول لمصراوي.

منذ أن حصلت أم الثلاثة أبناء على بكالوريوس الطب من جامعة الأزهر "مباخدش إجازات تقريبًا". تفعل ذلك حبًا في المهنة "إحنا مش موظفين.. لو أنا غبت يوم صعب حد يحل مكاني".

داخل غرفة العمليات ومع الولادة الثالثة شعرت ميرفت بإعصار من الألم "كنت حاسة إني هفقد الوعي وجالي هبوط شديد"، اضطرت لمغادرة المكان بعد اطمئنانها على المريضة "خليت زملائي يطلبوا دكتور ييجي يشوفني"، خلال عشر دقائق حضر أحمد حمزة، كبير أطباء الأمراض النسائية في مستشفى الأقصر، ألقى نظرة على الطبيبة، متمنيًا ألا يسوء الوضع.

"بمجرد ما وصلت نقلناها العمليات".. حسبما يقول الطبيب لمصراوي. زاد من صعوبة حالتها أن الحمل كان خارج الرحم "اكتشفنا ده وأحنا بنحاول نوقف النزيف". تأتي مشكلة ذلك النوع من الحمل نتيجة وجود الجنين في مكان غير مناسب، وبالتالي يُصبح مُعرضًا للخطر خلال التسعة أشهر، وكذلك إذا حدث نزيف فإن المرأة لا تشعر به "لأن النزيف مبيكونش خارجي زي الحمل العادي.. بيكون نزيف داخل البطن ودة أخطر".

لم تعرف طبيبة النساء أيضا طبيعة حملها إلا عقب انتهاء العملية "أنا معملتش سونار لما عرفت إني حامل لأني كنت في الأسابيع الأولى وبالتالي لما تعبت متخيلتش إن الوضع خطير"، فيما يقول كبير أطباء مستشفى الأقصر إن الحمل خارج الرحم "محكوم عليه في أحيان كتير بالفشل"، مضيفًا أن تحامل الطبيبة على نفسها عجّل بوفاة الجنين.

ذلك الانضباط في العمل هو شيمة الطبيبة دائما. تذكر ولادة ابنها الأوسط ذو الأربع سنوات "كنت وقتها نائبة في مستشفى الأقصر وعندي شيفت وكان مفروض هولد قيصري خلال كام يوم"، إلا أنها شعرت بانقباضات شديدة في بطنها، فطلبت منها الطبيبة المُشرفة أن تستعد للولادة، فرفضت "قولتلها أنا مش مجهزة نفسي وجوزي مش موجود وأقدر أستحمل كام ساعة لحد ما الشغل يخلص"، وبالفعل تأجلت العملية لليوم التالي ومرت الولادة بسلام.

تعمل ميرفت لأكثر من 12 ساعة يوميًا بشكل متصل، ومع الإقبال على مستشفى الأقصر العام يزداد الضغط عليها "لما كنت نايب كنا أحيانا بنشتغل 24 ساعة"، تعتبر الطبيبة أن ذلك من دلائل النجاح "إن الناس تيجي تولد عندنا وتتابع وده مش بفلوس كتير زي المستشفيات الخاصة".

مكثت الطبيبة في مستشفى الأقصر يومين عقب إخراج الجنين وتنظيف الرحم. والآن مازالت في مرحلة التعافي "هحتاج لحوالي أسبوعين راحة". يسبق الحمد كلماتها "لو حصل اللي حصل في البيت محدش كان هيلحقني". تعرف أن مهنتها عسيرة لكنها تستمتع بها. لا ترى نفسها بطلة، لذا فاجأتها ردود الفعل عقب الإفاقة.

"لقيت ناس بتتصل بيا من زمايلي والمحافظ والنقيب عايزين يكرموني"، طلبت الطبيبة منهم الانتظار حتى تتحسن صحتها. كذلك عاتبها بعض أفراد عائلتها على ما فعلت "قالولي خلي بالك من نفسك"، فيما كان أكثر ما أثر فيها هو رد فعل ابنتها الكبرى نور، ذات الثمانية أعوام "لما غبت يومين في المستشفى نور قالت لولادي التانيين إن أخونا الصغير مات".

لن يمر الشهر الجاري على طبيبة الأقصر إلا وهي بين مرضاها، إذ كان أول ما سألت عنه بعد الإفاقة هو صحة السيدات اللاتي أشرفت على ولاداتهن. يعلو الإجهاد صوتها فتقول "إحنا الستات بنستحمل أي حاجة". تتعامل مع ما حدث ببساطة، تتندر على تعليقات زملائها "بيقولوا لي فيه حد حسدك عشان ده رابع عيل"، بينما تستطرد بفخر "كلها شوية وأرجع.. هو ايه اللي جرى عشان أسيب شغلي؟".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان