إعلان

"مصر اللي بتتفرج ع الأسطورة".. جولة لمصراوي في مقاهي المحروسة

11:14 م الأحد 03 يوليه 2016

الأسطورة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

معايشة- أحمد الليثي ومحمد مهدي:

ما إن مرت أولى ليالي رمضان حتى بدت ظاهرة مثيرة للأنظار؛ شباب يتابعون مسلسل تليفزيوني على المقاهي، صبية يقلدون بطل العمل، كبار يعزفون عن مباريات الكرة، رفاق يهللون لخروج البطل من السجن وآخرون ينعون وفاته، البعض يعتبرونه إفسادا للذوق العام، وآخرون يرونه ممثلا لما يجري في بر مصر.. مصراوي عايش جمهور "الأسطورة" على المقاهي، حاول أن يقف على أسباب نجاح المسلسل ولماذا امتلأت المقاهي لمتابعة ما سيفعله "ناصر" خلفا لشقيقه "رفاعي الأسطورة".

كانت الأمور اعتيادية في مقهى "أهل كايرو" بفيصل، ضجيج الشارع يطغى على أحاديث الزبائن، النادل يتحرك بين الجميع واضعًا أكواب الشاي هنا، ومتسائلًا عن الطلبات هناك، قبل أن ينتبه الجميع فجأة مع تتر البداية لمسلسل الأسطورة، بريق دب في الأعين، تحلق أكثر من نصف الحضور تجاه التلفزيون، اقترب بعضهم نحو الشاشة "المسلسل شبهنا، ومعمول عن مناطق شعبية زينا، عشان كدا مبفوتش حلقة" قالها الرجل الثلاثيني "محمد عبدالوهاب" أحد رواد المقهى، بينما عيناه متعلقتان بظهور الفنان محمد رمضان "الكُل مركز مع ناصر، طول عمرنا نحب الشخص اللي بيقدر ياخد حقه بنفسه، حتى الرؤساء اللي كانوا بيتعافوا مع الدول الكبيرة كنا نعزهم".

"أبوأحمد" صاحب المقهى، هرول هو الآخر تجاه الشاشة "مش حد يقول إن الأسطورة بدأ؟!"، بجوار زبائنه جلس سريعًا "من تاني حلقة والمسلسل شادد الناس وبيطلبوه"، خسر الرجل الأربعيني أمواله التي دفعها لإحدى القنوات الرياضية، للحصول على حق متابعة مباريات بطولة أوروبا "المسلسلات قضت على البطولة، الناس بتيجي عشان تتفرج على رمضان وبس"، غير أنه لا يحزن بعد أن عوضه "الأسطورة"-على حد قوله- بتزايد أعداد الزبائن "وطول منتا قاعد الناس عمالة تتوقع ناصر هيضرب مين وهيقتل مين".
1

لا ينسى "أبوأحمد" تلك الليلة التي خيم فيها الحزن على مقهاه، بعد انتهاء الحلقة السابعة بمقتل رفاعي الدسوقي غدرًا، انتابته حالة كآبة ومن برفقته من العمال والزبائن "كنا متنكدين يوميها، كأن الأهلي دخل فيه جون"، لكن الحلقات الجديدة حملت لهم مفاجآت أكبر"الحاجة الغريبة إني لما بروح بيتنا في إمبابة على الفجر بلاقي كل القهاوي شغالة والناس قاعدة قدام المسلسل كأنه ماتش كورة".

طيلة 8 أيام كان محمد سيد يضبط ساعات عمله على موعد مسلسل الأسطورة، الشرط الوحيد له كـ"نقاش" هو إعطاؤه مهلة عقب صلاة الفجر كي يتابع مجريات الأحداث بين "رفاعي وعصام النمر" عقب "خناقة" بينهما –في الحلقات العشر الأولى- شُهد مقطعها على يوتيوب قرابة 11 مليون مرة. داخل "سايبر" يشاهد "سيد" الحلقة في وقت الإعادة "مبشتغلش في رمضان غير بعد الفطار، وبكمل شغل بعد السحور بس في ساعة محجوزة للأسطورة". يعتبر الشاب العشريني أن المسلسل يعبر عن حياة حقيقية يراها في المناطق الشعبية على عكس بعض المسلسلات التي تنقل تفاصيل لا يعرف عنها شئ.

(خناقة عصام النمر)


محمد وكريم شقيقان، الأكبر مقبل على السنة النهائية في الثانوية العامة والأصغر في الإعدادية، يتابعان المسلسل عن كثب، كباقي أقرانهما في حي المطرية الشعبي، يسردان معهم تفاصيل الحلقات، ويخمنون جميعا النهاية "أنا بحبه من ساعة حبيشة" يبدأ بها "محمد" حديثه، مشيرا إلى أن محمد رمضان ممثل يتقن أداء مشاهد "الأكشن"، مرجحا أن السبب الرئيسي في شغف الناس به هو "بيعمل حاجات زي اللي بتحصل في الشوارع، والصراحة ساعات إحنا بنعمل اللي هو بيعمله".

الأسطورة هو المسلسل الوحيد الذي يتابعه "كريم" معتبرا أن رمضان النجم المحبب لكل "العيال الصغيرة" حسب وصفه، معددا أسباب تفضيله له "دمه خفيف، وبيعمل قصص حلوة، بيتكلم زي شباب المنطقة ومعظم أصحابي حافظين أفلامه"، لا يكتفي الصبي صاحب الـ13 ربيعا بمتابعة أحداث المسلسل وإنما ينقب عما يُكتب على صفحات الإنترنت عن حقيقة بعض الشائعات "بيقولوا رفاعي بيحلم ومماتش.. بس أنا مستني نشوف هيموت في الآخر زي حبيشة ولا ناصر هينفد بعد كل ده".


ناصر وخطيبته ع الكورنيش



بالقرب من شاشة تلفاز كبيرة، بمقهى آخر بمنطقة الطوابق، جلس "مؤمن محمد" برفقة اثنين من زملائه مشدوهين ناحية المباراة المشتعلة بين فريقي ويلز وبلجيكا ببطولة أوروبا، ومع انتهاء الشوط الأول، حولّ النادل القناة إلى مسلسل الأسطورة "استغربنا، وقولنا للقهوجي يرجع الماتش احنا مش جايين عشان نشوف مسلسلات" كلمات الشاب العشريني لم تجد صدى لدى صاحب المقهى أو رواده "قالي الناس كلها قاعدة عشان محمد رمضان"، لم يُتمم كلمته حتى علت أصوات الزبائن "خلي الأسطورة.. عايزين نعرف ناصر هيعمل إيه النهاردة".
صورة 6
صاغرًا ترك "مؤمن" المقهى مع أصدقائه، في رحلة بحث عن مكان آخر لمشاهدة المباراة، غير أن حكايته مع "الأسطورة" لم تنتهِ "قدام البيت عندي فيه قهوة كل يوم أُمم بيتفرجوا على المسلسل"، قبل العاشرة بدقائق يتوافد عدد كبير من شباب منطقة الزهور بالهرم إلى المقهى، يلتفون حول شاشة صغيرة، يتابعون أحداث العمل باهتمام بالغ "متهيألي الناس لها حق تتشدله، تمثيل حلو وأحداث مثيرة والصورة مختلفة".


كريم رمزي، مدير تحرير موقع يلا كورة، تعرض لموقف مشابه أثناء مشاهدته لمباراة الأرجنتين وتشيلي في نهائي بطولة كوبا أمريكا، في ساعة مبكرة من الصباح "الماتش كان تعادل وسُخن جدًا، وفجأة القهوجي حول القناة"، ظهر محمد رمضان أمامهم، وبدأت صيحات اعتراض المشجعين، لم يتمكن لحظتها الصحفي الرياضي من كبت انفعاله خوفًا من ضياع الوقت المتبقي من المباراة "اتحولنا احنا لأكتر من أسطورة عشان القهوجي يرجع الماتش مرة تانية".

يعتقد كريم أن سطوة عمل مثل "الأسطورة" على المقاهي في مصر، لا يرجع فقط إلى العوامل الفنية "حط في اعتبارك كمان إن الدوري اتحسم بعد أيام قليلة من رمضان"، أما بطولة أوروبا التي عزف الناس عنها في مقابل مشاهدة المسلسل فيعود إلى ضعفها-بحسب رأيه- لزيادة عدد المنتخبات إلى 24 مما تسبب في الحد من قوة المنافسة "كل دا خلى الناس تشوف إن المسلسلات وسيلة أفضل للتسلية".
2 

ياسمين، مُدرِسة تاريخ والأخت الكبرى لمحمد وكريم، تتابع هي الأخرى المسلسل "بشوفه هو وسقوط حر"، ترى في عمل نيللي كريم دراما تثقيفية فيما تعتبر "الأسطورة" يبعث برسائل خطيرة تؤثر على المُتلقي "بيقول بصراحة إن البلد مفيهاش قانون والشخص اللي مش بلطجي هيداس عليه، والفلوس أهم م العلم، والفاسد في مصر هو اللي بيكمل مش المجتهد" تصمت للحظة قبل أن تقول بوجه متجهم "العيال بتقلده ودي كارثة".

"برومو الأسطورة"

في شارع منزوٍ وعلى إحدى المقاهي بحي بولاق الدكرور كانت الكراسي تتراص بسرعة لمتابعة الحلقة رقم 27 من مسلسل الأسطورة، يسأل الجالسون عن تطورات الأحداث وهم يذكرون أسماء الأبطال في العمل الدرامي دون الالتفات لأسمائهم في الحقيقة، فيقول أحدهم "يا ترى ناصر هيعمل أيه مع أمين"، ويعقب أخر "شهد عيشتها ارتاحت" ويردف ثالث "يعني الأسطورة بيعمل كل ده عشان حبيبته قالت له لأ". مع الفواصل يواصل رواد المقهى تفاصيلهم من لعب الطاولة وشرب الشيشة وتتعالى أصوات النادل بالكلاشيه المعتاد "ايوة جاي"، فيما يخفت الضجيج تدريجيا بمجرد عودة المسلسل بعد الفاصل.

"في علامات بتحصل في البلد كل فترة، زي الزلزال وفوز المنتخب بكأس الأمم، دلوقتي الأسطورة هو العلامة اللي في مصر" يقولها علي محمد وهو يشير إلى المقهى المتكدس في منطقة البحوث بالدقي لمتابعة المسلسل، يرى الشاب العشريني أن محمد رمضان استطاع أن يصنع لنفسه أرضية خلال سنوات مضت "مفيش حاجة اسمها إن ممثل بيعلم الناس البلطجة.. الجهل والفقر وقلة الثقافة هما اللي بيرجعونا لورا مش تمثيلية الأسطورة يعني".
3

لحظات سعادة يعيشها محمد عبد المعطي، مؤلف الأسطورة، بعد ردود الأفعال المميزة على المسلسل، معتبرا الأمر نتاج اجتهاد لكل فريق العمل، وتوفيق كبير أن يحظى بكل هذه الحفاوة "الموضوع واصل للناس.. بيسموا محلاتهم الأسطورة، وشباب طبعوا تيشرتات عليها صورة رفاعي، ده غير الفرجة ع القهاوي.. ودي وثيقة نجاح مباشرة مع الناس الحقيقية في الشوارع".
4

لا يعتبر "عبد المعطي" أن ما يقدمه محمد رمضان في الأسطورة مكررا كما يشيع البعض "رمضان ممثل كبير وعمل كوميديا ولسة عامل دور ظابط، ولو مكرر نفسه مكنتش الناس هتشوف المسلسل مهم".

يرى مؤلف الأسطورة أن هناك تحامل من البعض على العمل "مينفعش حد يشوف فيلم من نصه ويصدر أحكام، كله الناس حرة في رأيها طبعا بس ياريت التقييم يكون عن رؤية مش مجرد انطباعات والسلام"، ويشير عبد المعطي إلى أن هناك فارق كبير بين الدراما والواقع "السينما الأمريكية مليانة أفلام خالدة أحداثها فيها عنف وفساد وشبكات إجرام".

عقب ساعة من الإفطار كانت سمر يحيى في طريقها إلى مقهى بحي المعمورة، نزولا على رغبة شقيقها الأصغر سيف الدين لمشاهدة الحلقة 15 من مسلسل الأسطورة، بعدما أصاب "الريسيفر" عطل فني "مع كل فاصل إعلانات الناس بتقوم تمثل المشهد اللي اتفرجوا عليه سيناريو و حوار من تاني" تقول الشابة العشرينية وهي تبتسم. سيف الطالب بمدرسة للغات لا يفوت حلقة للعمل وكذا يقلد حركات "الأسطورة" خلال مداعبته لأشقائه، وتعلق سمر: "معنى إن الجمهور العادي يتقمص شخصيته ويقلده فده نجاح كبير".

"كاريزما محمد رمضان هي السر" يعلق بها الناقد الفني طارق الشناوي، مبررا سر نجاح العمل، مضيفا أن الأسباب التي يرجعها البعض لتفوق المسلسل من محاكاة للظلم والفقر والجهل ما هي إلى تفريعات ثانوية "جرب تشيل محمد رمضان وأعمل نفس الحبكة مش هتلاقي كل التميز ده".
5

ورغم أن الشناوي يرى أن الحكاية تم سردها بطريقة مباشرة، غير أنها تحمل تيمة شعبية جعلت الجمهور يتفاعل معها، واعتبر الناقد الفني أنه من المبالغة تحميل الأسطورة اتهامات من قبيل إفساد الذوق العام "قال يعني الشارع مفيهوش تحرش ولا بلطجة".

وقدم الشناوي نصيحة لمحمد رمضان في أعماله القادمة "هو في سن صغير والمفروض يستغل قوته وموهبته في اختيار آفاق مختلفة والرهان عليها".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان