إعلان

بالصور: ''يوم في الجمالية''.. التصوير مش بعبع

02:27 م الثلاثاء 10 مارس 2015

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-دعاء الفولي:
يتوافد المصورون على شارع المعز المتسع، يدلفون الجوامع والمحلات، يطوفون بأرجاء خان الخليلي والحسين، يبتغون توثيق المعالم المختلفة بالصور، وجوه الناس وتحركاتهم وحياتهم اليومية، ينظر لهم أهل المنطقة باستغراب، يظن بعض سكان الجمالية أنهم أصبحوا أداة في يد المصورين، دون أن يعرفوا أين ستذهب صورهم؛ لذا قرر مصطفى عبد العاطي، المصور الحر، بدء مشروع يقوم على تدريب بعض أطفال الجمالية على التصوير، ثم عرض أعمالهم في معرض، يصبحوا هم وأهالي المنطقة من زائريه.

''هل علشان انت معاك كاميرا ولا فرش والوان وبترسم حلو مثلا انك تحس انك احسن من الناس اللى انت اصلا بترسمهم وبتصورهم؟''، هكذا فكر ''عبد العاطي'' تقديم الفكرة لمؤسسة مدد، لدعمه ماديا، وقد كان، فبدأ المشروع مع 10 أولاد من أبناء المنطقة الأثرية، من سن 13 إلى 16 عام ''مكنتش حابب أختار سن أصغر لأن الفئة العمرية اللي انا اخترتها هيبقى عندهم وعي أكبر وحياتهم فيها تفاصيل كتير''.

استمر المشروع لسبعة أشهر، تراجع فيها عدد الأولاد المشاركين من 10 إلى خمسة فقط، لم يكن إيجاد مجموعة من الأطفال والتحرك بهم للتصوير أمرا يسيرا، خرج المصور الشاب إلى شوارع الجمالية يسأل بنفسه ويساعده بعض الأصدقاء. وضع بعض الشروط لتكوين فريق العمل، كأن يكون الأطفال من منطقة الجمالية ''هيبقوا حاسين بالأمان لحد ما والناس لما تشوفهم بيصوروا كمان مش هيستغربوا''، كما أراد أن يتسم أعضاء الفريق بالاختلاف الاجتماعي والمادي، بين السكن البسيط إلى المتوسط، ثم الأعلى، لا لشيء إلا لتوصيل الفكرة لأكثر من طبقة ''كنت عايز كمان ولاد بيشتغلوا غير الدراسة عشان يبقى عندهم زخم في الحياة''.

خمسة آلاف جنيها هو المبلغ المالي الذي استهل به المصور مشروعه، استطاع الحصول عليها من مؤسسة مدد، غير أنه أقنع أكثر من مؤسسة
أخرى في إمداده بالكاميرات الخاصة بالمشروع، والتي أصبحت مملوكة للأولاد فيما بعد.
يقوم جزء من المشروع على تعريف الأطفال نظريا بمبادئ التصوير، ثم اصطحابهم للأماكن المختلفة؛ المدرسة، المنزل، الشوارع القريبة من المسكن، وأماكن العمل ''الأولاد كانوا مكسوفين شوية، خاصة إن أهالي المنطقة بعضهم اتريق عليهم وقت التصوير''، كان دور ''عبد العاطي'' هو تحفيزهم، عن طريق إقناعهم أن ما يصورونه جيد رغم كل شيء ''الهدف مش الصور أد ما هو إشراكهم في عملية التصوير نفسها عشان يتخطوا حاجز الخوف''.

واجه صاحب المشروع بعض الأزمات ''اولها عدم تعاون بعض اهالي الولاد والمنطقة''، كانت نظرات الاستهجان تأتيه أحيانا من الآباء او التشكك، ''أسئلة كتير منها هو انتوا بتعملوا ايه وهدفكوا ايه''، الأمر الثاني له علاقة بالأولاد أنفسهم، نظرا لطبيعة حياتهم التي أجبرتهم على العمل في سن مبكرة لمساعدة الأسرة، لذلك فقد كانوا يخافون من تصوير بيوتهم أو أماكن العمل ويختلقون الأعذار لعدم تصوير هذه الأماكن ''مبيبقوش عايزني أشوفهم وهما متبهدلين''، بالإضافة إلى مكان استضافة المعرض الذي جمع صورهم على مدار الـ7 شهور، إذ حاول ''مصطفى'' الاتفاق مع أكثر من مكان غير أن القائمين عليه رفضوا، وعندما استقر على مكان بعينه في الجمالية، واجه مشكلة التأخير في عرض الصور.

رغم كل شيء استطاع ''مصطفى'' إنجاز المهمة في النهاية، حاول جاهدا أن يقنع الأولاد وأهالي المنطقة أن التصوير لا يدعو للخوف، ولا يقتحم خصوصيات الآخرين، أراد تقريب المسافات بين العقول قدر المستطاع، وجد أثر مشروعه في عقول الأطفال المشاركين ولو بشكل طفيف ''فيه ولد مثلا كان معاه الكاميرا قبل المعرض ولقيناه مصور نفسه سيلفي في البيت''، أما الثلاث أيام التي استمر فيها المعرض فقد حضر بعض الآباء لرؤية الصور، وجد ''مصطفى'' الفخر يقفز من عين الأمهات، تشير إحداهن إلى الصور المُعلقة على الحائط، مؤكدة أن ابنها هو من التقطها، بذلك يشعر المصور الشاب أن هدف المشروع تحقق ولو بشكل جزئي ''لكن سكة تغيير ثقافة الخوف من التصوير لسة طويلة''.

فيديو قد يعجبك: