إعلان

مدفن ''رفعت''.. صبّار يقاوم ''الركام''

08:22 م السبت 26 يوليه 2014

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- إشراق أحمد ومحمد مهدي:

نبتة صبّار صغيرة، غرست جذورها يمين باب خشبي، اعتلاه حروف بارزة ''إن المتقين في جنات ونَهر.. في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر''؛ خير ما تبقى لاستقبال مدفن الشيخ محمد رفعت، مثلها عاش، زاهدًا في دنياه رغم مجالسة المشاهير، يروي ظمأه القرآن، محتملاً المرض، لم يجذع وإن حزن، صابرًا ظل، على يقين أن الله لن يأت إلا بالخير، فكان الرضا سمت وجه الهادئ حتى آخر الأيام.

يوم ميلاده المتمم لعامه الــ68، كان رحيله في 9 مايو 1950، الموافق 22 رجب 1369هـ، بجنازة مهيبة تليق بالشيخ شُيع إلى مثواه الأخير، ليتبعه زوجته وأبناءه من بعده في المكان ذاته، انغلق باب ''الحوش'' على أهله، بغرفه ونوافذه البالية إثر الزمن.

كأنما أبى أن يبتعد عن القرآن، جاء مدفنه موليًا وجهه قبل مسجد السيدة نفيسة، فامتداد الطريق المؤدي للمسجد يقع مدفن الشيخ، الثالث بعد الدلوف لذلك الشارع قصير المسافة عند موقف ''الأتوبيسات''، شبيه في موقعه بصاحبه، مختلف عن غيره، لون طلائه الأصفر الذي أكسبه إياه بعض المحبين منذ أيام يميزه، فضلاً عن تقسيم المدخل المختلف، إذ يأخذ سمة المسجد، وكذلك الباب يليق بقارئ مسجد ''فاضل باشا''، وإن بدى الهجر على المكان.

بعد الدلوف من الباب يتصدر لحد الشيخ الساحة الأولى، فيما يرقد آل بيته في الغرفتين المجاورتين، إحداهما للنساء وأخرى للرجال، وكلاهما يطلوا على باحة خاوية على عروشها إلا من شجرة ذابلة أوراقها، تميل على نافذة إحدى الغرف، يبدو أن الموت طبع عليها، فظهرت كأنها تحتض وسط شقوق تملأ جدران المدفن.

بين حجارة ورمل يقع ''المدفن'' الذي يأتيه الأحفاد والمحبين في ''المناسبات'' حسب قول ''أم سيد'' القائمة على مدافن تلك البقعة، وأما اليسار تستند حجارة بيضاء على جدار المدفن، وأما اليمين تفترش رمال وركام مبان الطريق، يساويها ''بلدوزر'' في منطقة واحدة، فيما تأتي سيارة ''ربع نقل'' صغيرة لتلقي بكمية أخرى بين الحين والآخر.

''بنحط الردم هنا لغاية بليل العربيات النقل الكبيرة تيجي تشيلها توديها العزبة'' قال ''محمد يس'' فتى ''البلدوزر'' -14 عامًا- موضحًا سبب ما يقوم به، والذي لا يعرف أكثر من أنه يساعد أبيه في الأجازة ''بسلي نفسي''، يقود الماكينة للعمل ثم يركنها ليعود إليها مرة أخرى باليوم التالي، دون أن ينفي الخطأ عن فعل أهل المنطقة ''أحنا بنوضب المنطقة بعد كده''، فما يفعلوا ذلك انتظارًا السيارات الأكبر حجمًا التي تستوعب كميات الركام المتواجدة، فيما لا يلقي بالا بمقام الشيخ.

ينغلق الباب أو ينفتح، ففي جميع الأحوال يأتي الوافد سواء حفيدًا كان أو محب مترحمًا على الشيخ، يمر بالنبتة داعيا الله أن تكون خدمة الشيخ للقرآن شفيعًا له في الآخرة، ملتمس في زيارته الحفاظ على سيرته التي تقاوم التناسي، وتكالب الحياة بركامها.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان