إعلان

رحلة البحث عن وطن جديد.. كيف أثرت الحرب على فلسطينيي سوريا؟

04:14 م الخميس 03 مايو 2018

لاجئو فلسطين في سوريا

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – إيمان محمود

على مدى سبع سنوات ماضية؛ تحمّل الفلسطينيون السوريون معاناة أكبر بكثير مما تحملها أهلهم القابعين مع قوات الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة، فهؤلاء الذين فرّوا من بلادهم المُحتلة بحثًا عن الأمن والاستقرار، لاحقتهم الحرب إلى مخيمات اللجوء.

واضطر أكثر من 120,000 لاجئ من أصل نصف مليون، إلى الفرار من سوريا خلال السنوات المنصرمة، يشمل ذلك حوالي 32,500 لاجئ دخلوا إلى لبنان و17,000 لاجئ إلى الأردن، بحسب وكالة "أونروا".

معظم اللاجئين الفلسطينيين الذين فروا إلى سوريا في عام 1948، هم من الأجزاء الشمالية من فلسطين، وتحديدًا من مدن صفد وحيفا ويافا، بالإضافة إلى عدد من الفلسطينيين الذين فروا من هضبة الجولان بعد أن احتلتها إسرائيل عام 1967، وبضعة آلاف فروا من أتون الحرب التي مزقت لبنان في عام 1982.

وبحسب تقرير أعدته مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا الحقوقية الإنسانية، فإن 3645 لاجئًا فلسطينيًا قتلوا في سوريا منذ بدء الأزمة في منتصف مارس عام 2011، في حين يُعد 301 آخرون في عداد المفقودين خلال الفترة ذاتها.

وأشارت مجموعة العمل، إلى أن من بين هؤلاء القتلى 190 لاجئًا ولاجئة قتلهم نقص التغذية والرعاية الطبية بسبب الحصار.

ما قبل الحرب

كان الفلسطينيون محل ترحيب السلطات السورية، ولم يشكل نزوح نحو 100 ألف فلسطيني إلى سوريا عام 1948 ضررًا على السكان السوريين نظرًا لقلة نسبتهم.

وبلغ الترحيب باللاجئين الفلسطينيين في سوريا درجة كبيرة عام 1949، إذ عرض رئيس الوزراء آنذاك أديب الشيشكلي، استعداد سوريا لاستقبال 300 ألف لاجئ من خلال تسوية شاملة للقضية الفلسطينية، بحسب موقع "موسوعة النكبة الفلسطينية".

وقالت الموسوعة، إن الحكومة السورية أصدرت قوانين بمساواة اللاجئين الفلسطينيين بالسوريين، في مجالات عديدة، لدرجة سمحت للاجئين الفلسطينيين بالعمل في المصالح الحكومية.

وأصبحت سوريا تحتضن أكثر من 650 ألف لاجئ، يتوزعون على أكثر من 13 مخيمًا، بعضها رسمي والآخر غير رسمي، كمخيم عين التل ودرعا والحسينية وسبينة وخان الشيح واليرموك، جميعهم حصلوا على امتيازات عديدة قبل اندلاع الأزمة السورية، وجميعهم لحقهم الدمار بعد اندلاعها.

الفلسطينيون والثورة

منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية في سوريا في 15 مارس عام 2011، بدأت محاولات الزج بالفلسطينيين في الأزمة، إذ وُجهت اتهامات لهم من قبل النظام السوري، بالوقوف وراء المظاهرات المعارضة له.

ورفضت القيادة الفلسطينية حينها "بغضب شديد" ما اعتبرته "محاولة سخيفة لتعليق مشكلات النظام على الحلقة الأضعف".

واتهمت الحكومة السورية في مارس 2011، بعد اندلاع الأحداث مجموعة من مخيم الرمل، بشن هجمات على المحال التجارية في مدينة اللاذقية و"البدأ بمشروع فتنة"، على حد تعبيرها.

وفي يونيو 2011، وقعت مواجهات دامية في مخيم اليرموك بين مجموعة من مؤيدي الأسد، وحراس أحد مقرات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقتل حينها نحو 14 فلسطينيًا، ومنذ ذاك الحين استمرت المواجهات التي اشتبك فيها النظام السوري بشكل مباشر.

وبعد بدء المواجهات المسلحة بين النظام السوري والفصائل المعارضة في عام 2012، قصف النظام مخيم اليرموك بثلاثة قذائف هاون، أدت إلى مقتل 20 فلسطينيًا، الأمر الذي استنكرته الفصائل الفلسطينية، منها حركة فتح، وحركة المقاومة الإسلامية حماس التي كانت تتخذ من دمشق مقرًا لقيادتها، قبل اندلاع الأزمة.

وتضرر اللاجئون الفلسطينيون في سوريا بشدة منذ اندلاع الحرب الجارية، حيث تعرضت المدن والقرى السورية ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين جميعها لهجمات متكررة وحصارات طويلة من قوات النظام الأسد ومن المجموعات المسلحة، بالإضافة إلى حالات الاعتقال.

اعتقالات

مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، وثّقت مقتل 1656 معتقلا فلسطينيا في فروع الأمن والمخابرات التابعة للنظام السوري، منذ عام 2011 وحتى فبراير عام 2018، بينهم 105 امرأة ومئات المعتقلين مجهولو المصير.

ولطالما طالبت المجموعة النظام السوري بالإفصاح عن مصير المعتقلين والإفراج عنهم، مؤكدة أن "جرائم حرب بكل المقاييس" تُرتكب بحق المعتقلين الفلسطينيين في السجون السورية.

وأوضحت مجموعة العمل في وقت سابق، أن قوات الأسد تداهم المنازل السكنية بالمناطق التي تُسيطر عليها، وتعتقل عددًا من اللاجئين الفلسطينيين من بينهم نساء وأطفال وكبار السن.

وأكدت عدة تقارير صادرة عن مراكز حقوقية، أن عددا من الفلسطينيين قتلوا في سجون النظام السوري تحت التعذيب، وهو ما ظهر في صورًا سربها ضابط مُنشق عن قوات النظام، إذ كشفت 55 ألف صورة تعذيب 11 ألف ضحية في السجون حتى الموت.

أما مركز توثيق المعتقلين والمفقودين الفلسطينيين في سوريا، فقال إن قوات الأسد تقوم بإبلاغ عدد من ذوي المعتقلين بوفاة ابنهم ويسلمهم أغراضه الشخصية وشهادة وفاته فقط دون تسليمهم جثمانه، فيما تم توثيق استلام 14 جثمان من أصل 472، وذلك مقابل مبالغ مالية طائلة، وبشرط أن تكون مراسم الدفن بدون جنازة.

وأكد مركز التوثيق بأنه منذ بدء الأحداث في سوريا لم تتوقف نداءات ومناشدات الناشطون الفلسطينيون، من أجل تدخل المنظمات الدولية ومنظمة التحرير الفلسطينية لمعرفة مصير آلاف المعتقلين الفلسطينيين وإنقاذ من تبقى حيًا في السجون.

اعتقلت قوات الجيش السوري 60 لاجئًا فلسطينيًا أثناء نزوحهم عن مخيم اللاجئين هربًا من المعارك والقصف المشترك للنظام ولروسيا الذي يتعرّض له المخيم منذ عدة أسابيع وخلاف عشرات القتلى ومئات الجرحى ونزوح الآلاف.

لم تطل الاعتقالات فقط المقيمين في مخيماتهم، بل طالت أيضًا من حاولوا الفرار، إذ أفادت منظمات فلسطينية باعتقال قوات النظام السوري لاجئين فلسطينيين حاولوا الفرار من القصف في مخيماتهم.

واعتقل النظام السوري، اليوم الخميس، 60 لاجئًا فلسطينيًا أغلبهم من النساء والأطفال لدى فرارهم من القصف والدمار الذي ألحق بمُخيم اليرموك المُحاصر في جنوب دمشق.

وقالت مجموعة العمل إن "القوات السورية اعتقلت اللاجئين أثناء نزوحهم عبر حاجز العروبة الفاصل بين مخيم اليرموك باتجاه بلدات؛ يلدا وببيلا وبيت سحم".

مخيم الموت

ثلاثة عشر مخيمًا، أكبرهم اليرموك الواقع على بُعد 8 كم من وسط دمشق، والذي مثّل القلب النابض لسوريا الفلسطينية، بعد أن احتضن حوالي 160 ألف لاجئ فلسطيني، لم يتبق منهم الآن سوى ما يقارب من 20 ألف لاجئ.

لم يبق الكثير من اليرموك سوى الحطام، بعد أن سيطر عليه تنظيم داعش الإرهابي في بداية عام 2015، وحاصره النظام السوري منذ بضع سنوات ليبدأ هجماته في أبريل المنصرم.

وبقي في المخيم عناصر من تنظيم داعش، بالإضافة إلى آلاف المدنيين المحاصَرين تحت القصف العنيف بمختلف أنواع الأسلحة، فيما يتجاهل النظام السوري دعوات الأمم المتحدة والصليب الأحمر لإجلائهم.

ولم يُسمَح لأي مساعدات من وكالة "أونروا" أو غيرها بدخول المخيم أو حتى البلدات القريبة منه، إذ قالت الأونروا إن المخيم "تحول إلى معسكر للموت، مثل أحد المناطق السفلى من الجحيم".

ورغم توقيع اتفاق، الأحد الماضي، بين النظام السوري وفصائل معارضة، إلا أن الفلسطينيين لم يستفيدوا بشكل كبير منه، إذ كان يقضي بخروج مقاتلي هيئة تحرير الشام السورية المعارضة التي تتمركز في شمال مخيم اليرموك، وليس الهدف منه إخراج المدنيين.

كان نصيب الفلسطينيين من هذا الاتفاق، هو ارتفاع وتيرة قصف المخيم بعد انتشار قوات النظام السوري على محاور التماس بين منطقة "يلدا" ومخيم اليرموك والتضامن وحي الزين، بعد أن سلمتهم القوات المعارضة طبقًا للاتفاق؛ لتبقى معاناة فلسطينيو سوريا كما هي.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان