إعلان

وول ستريت جورنال: رحلة "السجن الفاخر" انتهت بجمع مليارات الدولارات

08:41 م الإثنين 12 فبراير 2018

الملك سلمان بن عبد العزيز

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب– محمد الصباغ:

بعد استدعائهم بواسطة مساعد للملك سلمان بن عبد العزيز في الرابع من نوفمبر الماضي، ظهر أحد الرجال البارزين في المملكة العربية السعودية بفندق ريتز كارلتون بالعاصمة الرياض، واعتقد أنه سيلتقي مسؤولًا ملكيًا، لكن بدلًا من ذلك، استحوذ مجموعة من المسلحين على هاتفه المحمول واحتجزوه داخل غرفة بالفندق الفاخر.

وقال الرجل في تصريح لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أمس الأحد: "أخبروني أنني سأظل هنا لفترة من الوقت". وبعد ذلك اليوم ولمدة 99 يومًا، أغلقت الحكومة السعودية الفندق واحتجزت بداخله 381 شخصًا في حملة غير مسبوقة على الفساد وضد النخبة من مواطنيها.

أُعيد فتح الفندق الفخم، وانتهت مرحلة من التضييق وبدأت مرحلة جديدة غامضة في دولة هي المُصدّر الأول للنفط في العالم. وصل الضيوف الأوائل ليجدوا أن شيئًا لم يتغير، فمدخل الفندق كما هو ملئ بالزخارف المعقدة وأربعة تماثيل ضخمة لخيول.

يرمز الفندق حاليًا إلى الطرق التي تنفصل فيها المملكة السعودية عن العالم الخارجي، حيث تحاول قيادتها القيام بعملية إعادة ترتيب تاريخية للمجتمع تحصل فيه المرأة على الحرية، بجانب الترويج لشكل جديد أكثر اعتدلًا من الإسلام وأيضًا جعل الاقتصاد أقل اعتمادًا على النفط، بحسب ما نقله تقرير وول ستريت جورنال.

ويُضيف التقرير أنه باستهداف رجال الأعمال السعوديين الذين يمتلكون علاقات قوية مع الغرب، والاستيلاء على ممتلكاتهم دون الإعلان عن أي اتهامات بعيدًا عن الفساد غير المحدد، انتشرت المخاوف حول حكم القانون.

ويقول سيمون هيندرسون، الزميل بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى: "أعتقد أن اسم الريتز سيرتبط دائمًا بأنه سجن سعودي فاخر".

وعاد التقرير لتصريحات الرجل السعودي البارز، وأبرز قوله إن المحققين كانوا دارسين جيدًا للأمر وقدموا له مجموعة كبيرة من الوثائق حول ممتلكاته.

وأضاف أنهم وجهوا الأسئلة بطريقة منظمة وكانت جلسات "طويلة ومرهقة".

وتابع لـ"وول ستريت جورنال" أنهم كشفوا له عن بعض التفاصيل الصغيرة بجانب جزئية أن التحقيق حول الفساد يمكن تسويته، وبالفعل وافق الرجل على ذلك. وقال أيضًا إن بعض السعوديين الذين اُحتجزوا بالفندق أرادوا المواجهة وتحدي هذه الاتهامات، ثم تراجعوا حينما أوتي بشركائهم التجاريين من أجل الشهادة ضدهم.

وأكد مسؤولون سعوديون أن ما حدث كان بداية حملة ضد الفساد وأرادت الحكومة من خلالها جمع تسويات بقيمة حوالي 106 مليار دولار، والآن تتحرك نحو عشرات المحاكمات.

وتقول فاطمة باعشن، المتحدثة باسم السفارة السعودية في واشنطن: "قيادة المملكة ملتزمة باستئصال الفساد من أجل ضمان الشفافية والرخاء وبيئة استثمارية جيدة".

فيما أشار بعض المحللين الغربيين إلى أن ما يحدث هو إظهار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للقبضة القوية والذي منذ بات وليًا للعهد في يونيو الماضي بدأ في تغيير هيكل القوة في المملكة.

 ويقول بروس ريدل، الزميل بمعهد بروكينجز المتخصص في الشرق الأوسط: "هذا لا يُنبئ بشيءٍ جيد إذا كنت تريد الاستثمار في هذا البلد".

 وسلط تقرير وول ستريت جورنال على الحوارات التي أُجريت مع محتجزين أو مقربين منهم طيلة الفترة الماضية. وأضافت الصحيفة أن بعضهم كان مسموحًا لهم بمكالمة هاتفية واحدة يوميًا بجانب استجوابهم لساعات وإخبارهم أن اتهامات الفساد سوف تسقط لحظة التوصل إلى تسوية.

ومن بين الذين احتجزوا بالفندق الفخم، أشخاص من الأغنى بالمملكة بل والعالم، مثل الأمير الوليد بن طلال، أغنى رجل أعمال بالمملكة، ووليد إبراهيم مالك شبكة قنوات "إم بي سي".

ويبتعد الفندق الذي يتكون من 500 غرفة فاخرة بمسافة قصيرة عن قصر اليمامة، مقر الحكومة، ما يجعله أيضًا قريب من مقرات العمل اليومي للملك سلمان والأمير محمد بن سلمان.

وتم تعديل جداول العمل لبعض موظفي الفندق خلال إغلاقه. وقال أحد الموظفين لصحيفة وول ستريت جورنال إن حوال 20% من الموظفين كانوا في إجازات مع تقليص رواتبهم.

وقال المتحدث باسم شركة ماريوت إنترناشيونال التي تدير فنادق ريتز كارلتون، الجمعة، إن الفندق بالرياض سوف يعاود استقبال العملاء، لكنه لم يدل بإيضاحات أخرى حول الموظفين وكيفية التعامل معهم خلال فترة احتجاز المسئولين.

وقال بعض المحتجزين إنهم تلقوا معاملة جيدة، ففي حوار للأمير الوليد بن طلال مع رويترز، قال إن السلطات سمحت له بتناول وجباته التي يريدها بجانب أنه كان يمارس الرياضة ويسبح بالفندق، وأضاف: "كل شيء كان جيدًا. كأنني في بيتي".

وأوضحت المتحدثة السعودية في واشنطن، فاطمة باعشن، أن تحقيقات الفساد بدأت قبل عامين، مشيرة إلى أن الأدلة كان يتم جمعها طيلة تلك الفترة.

وفي بيان للنائب العام السعودي، الشيخ سعود المعجب، في نهاية يناير الماضي، قال إن أغلب المحتجزين وعددهم 381 تم الإفراج عنهم بعدما تم الكشف عن إما عدم وجود أدلة للفساد أو أنهم توصلوا لتسويات مالية بعد الاعتراف بالفساد. وأضاف أن 65 شخصًا رفضوا التسوية وبقوا قيد الاحتجاز في مكان لم يفصح عنه.

وأضافت وول ستريت جورنال أن أكبر مشكلة، بحسب ما ذكره أشخاص مطلعين على القضية، هو أن الحكومة حددت مطالب مالية أكبر مما يمكن لبعض المحتجزين أن يدفعوا.

وذكرت تقارير سابقة أن الوليد بن طلال كان مُطالب بتسوية قيمتها 6 مليار دولار، قبل أن يتم الإفراج عنه الشهر الماضي مع عدم الإعلان عن قيمة التسوية المالية بشكل رسمي.

ومع نهاية شهر يناير، كان أغلب المحتجزين إما خارج الفندق أو تم نقلهم منه.

وفي اليوم الأول من العمل الروتيني للفندق، قال أحد الموظفين أن هناك 125 حجزًا فقط. فيما قال مايكل توريس، استشاري بأحد الشركات العاملة في دبي، إنه نزل بالفندق يوم الأحد، وأضاف أنه وعدد من زملائه انتقلوا إلى فنادق أخرى حينما بات الريتز غير متاحًا، والآن قد عاد إليه.

وقال إن الأمور مازالت هادئة لكنه توقع أن يبدأ الكثير من الأشخاص في القدوم إلى الفندق الذي استحوذ على لقب "سجن السعودية الفاخر".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان