إعلان

معارك لم يُحسم فيها "الاختيار"

د. أحمد عمر

معارك لم يُحسم فيها "الاختيار"

د. أحمد عبدالعال عمر
07:00 م الأحد 16 مايو 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

انتهى مسلسل "الاختيار2" الذي عرض لتضحيات وبطولات ضباط وجنود وزارة الداخلية، ورجال جهاز الأمن الوطني، بعد أن نجح في تحقيق أهداف مهمة على مستوى الوعي الجمعي المصري، أبرزها تعريف المصريين بحجم المعركة التي خاضتها الدولة المصرية على مدار عشر سنوات ضد الإرهاب الذي كان يستهدف مؤسسات الدولة الوطنية، وأجهزتها الأمنية، وجموع المصريين، لنجاحهم متحدين في إسقاط حكم جماعة الإخوان المسلمين عام 2013.

كما نجح المسلسل في إبراز أعمال وبطولات وتضحيات أسماء شهداء وزارة الداخلية بكل قطاعاتها، الذين ضحوا بدمائهم الذكية في مواجهة الإرهابيين التكفيريين الذين خرجوا من رحم اعتصامي رابعة والنهضة، وهم يحملون عداءً وجوديًا للدولة المصرية ومؤسساتها الوطنية، وأجهزتها الأمنية، وأصبحوا ألعوبة في يد قيادات جماعة الإخوان، وأجهزة مخابرات أجنبية، لتخريب الدولة المصرية وهدمها.

وهم شهداء وأبطال يستحقون بما قدموه، وفدونا به، ومعهم أبطال مسلسل "الاختيار 1" أن يظلوا أحياءً في ذاكرتنا الوطنية، وأن تُحفر أسماؤهم بحروف من نور في وجدان وتاريخ المصريين المعاصرين، بعد أن حسموا بشرف ودون تردد اختياراتهم، وأدوا واجبهم تجاه وطنهم وشعبهم ومؤسسات دولتهم.

فضربوا بذلك أعظم الأمثلة على معنى الواجب، وفضيلة التجرد وإنكار الذات، وأهمية التضحية من أجل القيم الوطنية العليا والمصلحة العامة.

ولكني أظن أن هذا "الاختيار" الذي حُسم لدى شهدائنا الأبرار وزملائهم الأبطال في مواقع عسكرية وأمنية مختلفة، لم يُحسم بعد لدى الكثير من المسئولين في معارك "مدنية وطنية" أخرى، علينا أن نخوضها في مصر لكي نبني الدولة المصرية على أسس صحيحة، ونصنع من جديد تقدمها ومكانتها وريادتها في المنطقة.

وأهم تلك المعارك التي يجب أن نحسم فيها الاختيار:

- معركة إعادة بناء الإنسان المصري بعد عقود من التدهور والانحدار والتشوه المعرفي والقيمي والمهني.

- معركة إصلاح التعليم والثقافة، وتجديد الفكر والوعي، وإعادة بناء المنظومة القيمية والمعرفية على أسس وطنية وعصرية سليمة.

- معركة إشاعة وترسيخ حضور مفهوم الدولة الوطنية المدنية، ومفهوم المواطنة، واحترام القانون، وتنمية قيم الانتماء والولاء للوطن قبل أي انتماء أو ولاء آخر.

- معركة محاربة الفساد، وإعادة بناء الاقتصاد، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، من أجل استعادة الدور والمكانة والريادة التاريخية.

- معركة وضع الرجل المُناسب في المكان المُناسب، وإعادة بناء "النخبة المصرية" والقدوة والمثل الأعلى، وإزاحة مَن لا خير فيهم من الشماشرجية والفهلوية وأنبياء الوطنية الزائفين ورجال كل العصور.

وهي معارك لا غنى عنها لحماية ظهور العسكريين ورجال الشرطة المصريين الذين يضحون على الحدود، وفي سيناء والوادي؛ لأن نجاحنا في الانتصار في هذه المعارك، هو أفضل ما يمكن أن نقدمه من شكر عملي لشهدائنا الأبطال.

ولأن نجاحنا في الانتصار في هذه المعارك سوف يجفف إلى حد كبير منابع التطرف والإرهاب، ويعزز قيمة الولاء والانتماء للوطن لدى المصريين، ويمد المواطن المصري وأجياله الشابة- خاصة- بالوعي النقدي القادر على التمييز بين الخطابات الفكرية والسياسية والإعلامية الزائفة المُضللة، والخطابات الوطنية الصادقة، والتمييز بين رجال الدين المستنيرين ورجال الوطن الحقيقيين، وبين رجال الدين المدلسين وتجار الدين وأنبياء الوطنية الزائفين.

إعلان

إعلان

إعلان