إعلان

الأندية.. ونظرية "الله أعلم"!

الأندية.. ونظرية "الله أعلم"!

د. ياسر ثابت
09:00 م الثلاثاء 29 أغسطس 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

عمومية أم استرشادية؟!

هذا هو سؤال الساعة في عدد كبير من الأندية المصرية، في ظِل نقاش دائر حول ما إذا كانت اللائحة الاسترشادية هي محاولة لفرض الأمر الواقع بطريقة مُجحفة لا سبيل لمقاومتها إلا عبر الجمعية العمومية، أم أنّها هي أفضل الحلول الممكنة كما يقول قانون الرياضة الجديد!

يأتي هذا في وقتٍ تُعاني فيه الأندية من مشكلة نقص التمويل، حتى أنه بات من الصعب استقدام مدرب أجنبي إلا عبر دعم ونفحات من كبار رجال الأعمال المؤيدين لهذا النادي أو ذاك، أو من رجال الأعمال الذين دانت لهم رئاسة الكثير من الأندية.

الشَّاهد أن كل الأندية باتت تُعاني أزمات مالية طاحنة، خصوصـًا الكبيرة منها، التي عرفت بالأندية صاحبة المقام الرفيع، والتي تواجه خطر الإفلاس.

وإذا كانت الرياضة في أشد الحاجة إلى التمويل، فإنها أيضـًا في أشد الحاجة إلى التنظيم.

من مظاهر الخلل في كرة القدم المصرية، انغماس اتحاد الكرة في كل الأمور المتعلقة باللعبة من دوري ممتاز ودوري الدرجات المختلفة إلى مسابقات الناشئين والمنتخبات بمراحلها السنية. ومن مظاهر الخلل أيضـًا أن يضم الدوري بدرجتيه الممتازة والثانية فرق شركات وهيئات تقترب في عددها من الفرق الجماهيرية، علمـًا بأن مسابقة الدوري الممتاز للعام 2016/ 2017 ضمت 9 فرق جماهيرية وهي الأهلي والزمالك والإسماعيلي والمصري والاتحاد السكندري وسموحة وطنطا والشرقية وأسوان، وضمَّتْ 8 فرق تُمثِّل شركات وهيئات وهي بتروجيت وإنبي وحرس الحدود وطلائع الجيش والداخلية والإنتاج الحربي والمقاولون العرب ومصر المقاصة والنصر للتعدين.. بجانب فريق للقطاع الخاص هو وادي دجلة.

ويبدو أن تحديد ملكية الأندية بوضوح مطلق هي أول خطوة يجب أن ينظر لها المُشرِّع عند مراجعته لقوانين الهيئات الرياضية في مصر، حتى لا نظل نُعاني من الالتباس المستمر في تفسير القوانين على جميع المستويات. ومع تسرب الوقت كالماء بين الأصابع، تزداد الحاجة إلى إجراء دراسات جادة معلنة عن متطلبات تحويل الأندية إلى شركات مساهمة، وجلوس خبراء الكرة مع أساتذة الاقتصاد والقانون وخبراء الاستثمار، لتحديد أُطُر تتعلق بأسهم الأندية، ومالكيها، وتفاصيل إدراجها في البورصة، وكيفية تداولها.

إنَّ أوضاع الأندية في مصر هي خليط بين العام وبين الخاص، وبين هيئات حكومية وبين هيئات أهلية، وبعض أراضيها تملكها الدولة وبعض الأراضي الأخرى تملكها الأندية. من هنا تبدو فكرة تحويل الأندية إلى شركات مساهمة من المستحيلات؛ ولأن أكبر الأندية لا تملك أراضيها، فإنَّ هناك من يقترح تأسيس شركات نابعة من الأندية لإدارة شئون كرة القدم، كما فعل الأهلي مثلًا في شركته الإعلامية الخاضعة لقانون هيئة الاستثمار.

ووسط دعوات جادّة إلى إجراء الدراسات اللازمة لتحويل أندية مصر إلى شركات مساهمة، ووضع القيمة المالية السوقية المناسبة لكل ناد وتحديد سعر كل سهم، تساءل البعض عمّا إذا كان التحول إلى شركات مساهمة يعني أن الدولة سترفع يدها رسميـًّا عن هذه الفرق، بمعنى أنها ستترك كل الأسهم مطروحة في السوق.. وهل سيحدث تلاعب في هذه الأسهم ليأتي رجال أعمال كبار نجدهم فجأة قد امتلكوا الأهلي والزمالك والإسماعيلي والمصري والاتحاد؟

وأبدى آخرون تَخوُّفات من قضية أخرى تتعلق بمدى نجاح جمهور كل نادٍ في الاحتفاظ بملكية ناديه والدفاع عنها ضد أن يحتكر النادي رجل أعمال واحد.

ويُمكن أن نذهب إلى ما هو أبعد من ذلك ونتساءل: هل ستقبل الشرطة ووزارة البترول طرح أنديتها في السوق لمن يدفع، وهل سيجوز قانونـًا لمواطن مصري عادي أن يملك ناديـًا للشرطة أو لشركة بترول أم أن هذه الأندية ستنسحب من المسرح الكروي كله، شاعرة بأنه لن يكون لها مكان في زمن جديد ستختلف قوانينه وقواعده وحساباته؟!

الإجابة كما تعوَّدنا في مصر: الله أعلم!

إعلان